الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
1- عن أبي رافع: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان إذا توضأ حرك خاتمه). رواه ابن ماجه والدارقطني. الحديث في إسناده معمر بن محمد بن عبيد اللَّه عن أبيه وهما ضعيفان وقد ذكره البخاري تعليقًا عن ابن سيرين ووصله ابن أبي شيبة وهو يدل على مشروعية تحريك الخاتم ليزول ما تحته من الأوساخ. وكذلك ما يشبه الخاتم من الأسورة والحلية ونحوهما. 2- وعن ابن عباس: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك). رواه أحمد وابن ماجه والترمذي. 3- وعن المستورد بن شداد قال: (رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره). رواه الخمسة إلا أحمد. 4- وعن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ فجعل يقول هكذا يدلك). رواه أحمد. أما حديث ابن عباس فرواه أيضًا الحاكم وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف ولكن حسنه البخاري لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح وسماع موسى منه قبل أن يختلط. وأما حديث المستورد بن شداد ففي إسناده ابن لهيعة لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث خرجه البيهقي وأبو بشر الدولابي والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة وصححه ابن القطان. وأما حديث عبد اللَّه بن زيد فهو إحدى روايات حديثه المشهور. وفي الباب من حديث عثمان عند الدارقطني بلفظ: (أنه خلل أصابع قدميه ثلاثًا وقال: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فعل كما فعلت) ومن حديث الربيع بنت معوذ عند الطبراني في الأوسط قال الحافظ: وإسناده ضعيف. ومن حديث عائشة عند الدارقطني وفيه عمرو بن قيس وهو منكر الحديث. ومن حديث وائل بن حجر عند الطبراني في الكبير قال الحافظ: وفيه ضعف وانقطاع. ومن حديث لقيط بن صبرة بلفظ: (إذا توضأت فخلل الأصابع) وقد تقدم. ومن حديث ابن مسعود رواه زيد بن أبي الزرقاء بلفظ: (لينهكن أحدكم أصابعه قبل أن تنهكه النار) قال ابن أبي حاتم: رفعه منكر. قال الحافظ: وهو في جامع الثوري موقوف وكذا في مصنف عبد الرزاق وكذا أخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا. ومن حديث أبي أيوب عند أبي بكر ابن أبي شيبة في المصنف. ومن حديث أبي هريرة عند الدارقطني بلفظ: (خللوا بين أصابعكم لا يخللها اللَّه يوم القيامة بالنار). ومن حديث أبي رافع عند أحمد والدارقطني من حديث معمر بن محمد بن عبيد اللَّه بن أبي رافع قال البخاري: هو منكر الحديث. والأحاديث تدل على مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضًا فتنتهض للوجوب [ما ذهب إليه من الوجوب لا تطمئن النفس إليه بمثل ذلك الحديث مع ما رأيت فيه من الاضطراب وإنما تطمئن إلى السنية تدبر]. لا سيما حديث لقيط بن صبرة الذي قدمنا الكلام عليه في باب المبالغة في الاستنشاق فإنه صححه الترمذي والبغوي وابن القطان. قال ابن سيد الناس: قال أصحابنا من سنن الوضوء تخليل أصابع الرجلين في غسلهما قال: وهذا إذا كان الماء يصل إليها من غير تخليل فلو كانت الأصابع ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل فحينئذ يجب التخليل لا لذاته لكن لأداء فرض الغسل انتهى. والأحاديث قد صرحت بوجوب التخليل وثبتت من قوله: صلى اللَّه عليه وآله وسلم وفعله ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه ولا بين أصابع اليدين والرجلين فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه.
1- عن عبد اللَّه بن زيد: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه). رواه الجماعة. قوله: (مسح رأسه) زاد ابن الصباغ كله. وكذا في رواية ابن خزيمة. قوله: (فأقبل بهما وأدبر) قد اختلف في كيفية الإقبال والإدبار المذكور في الحديث فقيل يبدأ بمقدم الرأس الذي يلي الوجه ويذهب بهما إلى القفا ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهو مبتدأ الشعر. ويؤيد هذا قوله: (بدأ بمقدم رأسه) إلا أنه يشكل على هذه الصفة. قوله: (فأقبل بهما وأدبر) لأن الواقع فيها بالعكس وهو أنه أدبر بهما وأقبل لأن الذهاب إلى جهة القفا إدبار. وأجيب بأن الواو لا تقتضي الترتيب والدليل على ذلك ما ثبت عند البخاري من رواية عبد اللَّه بن زيد بلفظ: (فأدبر بيديه وأقبل) ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد. وأجيب أيضًا بحمل قوله: أقبل على البداءة بالقبل وقوله: أدبر على البداءة بالدبر فيكون من تسمية الفعل بابتدائه وهو أحد القولين لأهل الأصول في تسمية الفعل هل يكون بابتدائه أو بانتهائه قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي. وقد أجيب بغير ذلك. وقيل يبدأ بمؤخر رأسه ويمر إلى جهة الوجه ثم يرجع إلى المؤخر محافظة على قوله: أقبل وأدبر ولكنه يعارضه قوله: بدأ بمقدم رأسه. وقيل يبدأ بالناصية ويذهب إلى ناحية الوجه ثم يذهب إلى جهة مؤخر الرأس ثم يعود إلى ما بدأ منه وهو الناصية. وفي هذه الصفة محافظة على قوله: بدأ بمقدم رأسه وعلى قوله: أقبل وأدبر فإن الناصية مقدم الرأس والذهاب إلى ناحية الوجه إقبال. والحديث يدل على مشروعية مسح جميع الرأس وهو مستحب باتفاق العلماء قاله النووي وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره. وقد ذهب إلى وجوبه أكثر العترة ومالك والمزني والجبائي وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وابن علية وقال الشافعي: يجزئ مسح بعض الرأس ولم يحده بحد قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهو قول الطبري وقال أبو حنيفة الواجب الربع وقال النووي والأوزاعي والليث يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح المقدم وهو قول أحمد وزيد بن علي والناصر والباقر والصادق. وأجاز الثوري والشافعي مسح الرأس بإصبع واحدة. واختلفت الظاهرية فمنهم من أوجب الاستيعاب ومنهم من قال يكفي البعض. احتج الأولون بحديث الباب وحديث أنه مسح برأسه حتى بلغ القذال [القذال كسحاب جماع مؤخر الرأس ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية جمعه قذل وأقذال]. عند أحمد وأبي داود من حديث طلحة بن مصرف ورد بأن الفعل بمجرده لا يدل على الوجوب وفي حديث طلحة بن مصرف مقال سيأتي تحقيقه. قالوا: قال اللَّه تعالى {وامسحوا برؤوسكم} والرأس حقيقة اسم لجميعه والبعض مجاز ورد بأن الباء للتبعيض. وأجيب بأنه لم يثبت كونها للتبعيض وقد أنكره سيبويه في خمسة عشر موضعًا من كتابه. ورد أيضًا بأن الباء تدخل في الآلة والمعلوم أن الآلة لا يراد استيعابها كمسحت رأسي بالمنديل فلما دخلت الباء في الممسوح كان ذلك الحكم أعني عدم الاستيعاب في الممسوح أيضًا قاله التفتازاني. قالوا: جعله جار اللَّه مطلقًا وحكم على المطلق بأنه مجمع وبينه النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالاستيعاب وبيان المجمل الواجب واجب. ورد بأن المطلق ليس بمجمل لصدقه على الكل والبعض فيكون الواجب مطلق المسح كلًا أو بعضًا وأيا ما كان وقع به الامتثال. ولو سلم أنه مجمل لم يتعين مسح الكل لورود البيان بالبعض عند أبي داود من حديث أنس بلفظ: (أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة). وعند مسلم وأبي داود والترمذي من حديث المغيرة بلفظ: (أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة). قالوا: قال ابن القيم: إنه لم يصح عنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ولكن كان إذا مسح بناصيته أكمل على العمامة قال: وأما حديث أنس فمقصود أنس أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم ينقض عمامته حتى يستوعب مس الشعر كله ولم ينف التكميل على العمامة وقد أثبته حديث المغيرة فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه. وأيضًا قال الحافظ: إن حديث أنس في إسناده نظر. وأجيب بأن النزاع في الوجوب وأحاديث التعميم وإن كانت أصح وفيها زيادة وهي مقبولة لكن أين دليل الوجوب وليس إلا مجرد أفعال ورد بأنها وقعت بيانًا للمجمل فأفادت الوجوب. والإنصاف أن الآية ليست من قبيل المجمل وإن زعم ذلك الزمخشري وابن الحاجب في مختصره والزركشي والحقيقة لا تتوقف على مباشرة آلة الفعل بجميع أجزاء المفعول كما لا تتوقف في قولك ضربت عمرًا على مباشرة الضرب لجميع أجزائه فمسح رأسه يوجد المعنى الحقيقي بوجود مجرد المسح للكل أو البعض وليس النزاع في مسمى الرأس فيقال هو حقيقة في جميعه بل النزاع في إيقاع المسح على الرأس والمعنى الحقيقي للإيقاع يوجد بوجود المباشرة ولو كانت المباشرة الحقيقية لا توجد إلا بمباشرة الحال لجميع المحل لقل وجود الحقائق في هذا الباب بل يكاد يلحق بالعدم فإنه يستلزم أن نحو ضربت زيدًا أو أبصرت عمرًا من المجاز لعدم عموم الضرب والرؤية وقد زعمه ابن جني منه وأورده مستدلًا به على كثرة المجاز. والحاصل أن الوقوع لا يتوقف وجود معناه الحقيقي على وجود المعنى الحقيقي لما وقع عليه الفعل وهذا هو منشأ الاشتباه والاختلاف فمن نظر إلى جانب ما وقع عليه الفعل جزم بالمجاز ومن نظر إلى جانب الوقوع جزم بالحقيقة وبعد هذا فلا شك في أولوية استيعاب المسح لجميع الرأس وصحة أحاديثه ولكن دون الجزم بالوجوب مفاوز وعقاب [العقاب جمع عقبة مثل رقبة ورقاب والغريب من الشوكاني أن يستظهر وجوب تخليل الأصابع بما سبق من الأحاديث المضطربة المعلولة ويستبعد وجوب مسح الرأس بظاهر الآية وبيان الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم وفعل الصحابة وما ورد في بعض الطرق أنه اقتصر على بعض الرأس في المسح من غير تكميل على العمامة. لا يخلو من مقال واللَّه الموفق للصواب. واللَّه أعلم].
2- وعن الربيع بنت معوذ: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ عندها ومسح برأسه فمسح الرأس كله من فوق الشعر كل ناحية لمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته). رواه أحمد وأبو داود وفي لفظ: (مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخره ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. هذه الروايات مدارها على ابن عقيل وفيه مقال مشهور لا سيما إذا عنعن وقد فعل ذلك في جميعها. وأخرج هذا الحديث أحمد بلفظ: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ عندها قالت: فرأيته مسح على رأسه مجاري الشعر ما أقبل منه وما أدبر ومسح صدغيه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما) وأخرجه بلفظ أحمد أبو داود أيضًا في رواية. وأخرجه ابن ماجه والبيهقي ومدار الكل على ابن عقيل. والرواية الأولى من حديث الباب تدل على أنه مسح مقدم رأسه مسحًا مستقلًا ومؤخره كذلك لأن المسح مرة واحدة لا بد فيه من تحريك شعر أحد الجانبين. ووقع في نسخة من الكتاب مكان فوق فرق. وفي سنن أبي داود ثلاث نسخ هاتان والثالثة قرن. والرواية الثانية من حديث الباب تدل على أن المسح مرتان وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا وتدل على البداءة بمؤخر الرأس وقد تقدم الكلام على الخلاف في صفته في حديث أول الباب. قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وهذه الرواية محمولة على الرواية بالمعنى عند من يسمى الفعل بما ينتهي إليه كأنه حمل قوله: ما أقبل وما أدبر على الابتداء بمؤخر الرأس فأداها بمعناها عنده وإن لم يكن كذلك. قال: ذكر معناه ابن العربي ويمكن أن يكون النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فعل هذا لبيان الجواز مرة وكانت مواظبته على البداءة بمقدم الرأس وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل والبداءة بمؤخر الرأس محكية عن الحسن بن حي ووكيع بن الجراح. قال أبو عمر ابن عبد البر: قد توهم بعض الناس في حديث عبد اللَّه بن زيد في قوله: (ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر) أنه بدأ بمؤخر الرأس وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر وهذه ظنون لا تصح. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ولا يصح. وأصح حديث في هذا الباب حديث عبد اللَّه بن زيد. والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره انتهى. قوله: (كل ناحية لمنصب الشعر) المراد بالناحية جهة مقدم الرأس وجهة مؤخره أي مسح الشعر من ناحية انصبابه والمنصب بضم الميم وتشديد الباء الموحدة آخره. قوله: (لا يحرك الشعر عن هيئته) أي التي هو عليها قال ابن رسلان: وهذه الكيفية مخصوصة بمن له شعر طويل إذا رد يده عليه ليصل الماء إلى أصوله ينتفش ويتضرر صاحبه بانتفاشه وانتشار بعضه ولا بأس بهذه الكيفية للمحرم فإنه يلزمه الفدية بانتثار شعره وسقوطه. وروي عن أحمد أنه سئل كيف تمسيح المرأة ومن له شعر طويل كشعرها فقال: إن شاء مسح كما روي عن الربيع وذكر الحديث ثم قال هكذا ووضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث بدأ منه ثم جرها إلى مؤخره. 3 - وعن أنس قال: (رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة). رواه أبو داود. الحديث قال الحافظ: في إسناده نظر انتهى. وذلك لأن أبا معقل الراوي عن أنس مجهول وبقية إسناده رجال الصحيح وأورده المصنف ههنا للاستدلال به على الاكتفاء بمسح بعض الرأس وقد تقدم الكلام عليه في أول الباب. قوله: (قطرية) بكسر القاف وسكون الطاء ويروى بفتحهما وهي نوع من البرود فيها حمرة. وقيل هي حلل تحمل من البحرين موضع قريب عمان. قال الأزهري: ويقال لتلك القرية قطر بفتح القاف والطاء فلما دخلت عليها ياء النسبة كسروا القاف وخففوا الطاء. قوله: (فأدخل يده) لفظ أبي داود: (فأدخل يديه) قال ابن رسلان: وفيه فضيلة مسح الرأس بالكفين جميعًا. قوله: (فمسح مقدم الرأس) قال ابن حجر: فيه دليل على الاجتزاء بالمسح على الناصية وقد نقل عن سلمة بن الأكوع أنه كان يمسح مقدم رأسه وابن عمر مسح اليافوخ.
1- عن أبي حية قال: (رأيت عليًا رضي اللَّه عنه توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما ثم مضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا ومسح برأسه مرة ثم غسل قدميه إلى الكعبين ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم). رواه الترمذي وصححه. وأخرجه أيضًا ابن ماجه وروي عن سلمة بن الأكوع مثله وعن ابن أبي أوفى مثله أيضًا ورواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بلفظ: (ومسح برأسه مرة) قال الحافظ: وإسناده صالح ورواه أبو علي ابن السكن من حديث رزيق بن حكيم عن رجل من الأنصار مثله. وأخرجه الطبراني من حديث عثمان مطولًا وفيه مسح برأسه مرة واحدة وهو في الصحيحين مطلق غير مقيد وكذا حديث عبد اللَّه بن زيد في الصحيحين فإنه أطلق مسح الرأس ولم يقيده. قال الحافظ: وفي رواية يعني من حديث عبد اللَّه ومسح برأسه مرة واحدة وكذا حديث ابن عباس الآتي بعد هذا فإنه قيد المسح فيه بمرة واحدة. وأخرج أبو داود من طريق ابن أبي ليلى قال: (رأيت عليًا توضأ) وفيه (ومسح برأسه واحدة ثم قال هكذا توضأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم) وأخرج أيضًا من طريق ابن جريج أن عليًا مسح برأسه مرة واحدة وأخرج الترمذي من حديث الربيع بلفظ: (إنها رأت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يتوضأ قالت: مسح رأسه ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة) وقال: حسن صحيح. وفي تصحيحه نظر فإنه رواه من طريق ابن عقيل. وروى النسائي من حديث الحسين بن علي عن أبيه أنه مسح برأسه مرة واحدة. ورواه الإمام أحمد والبيهقي من حديث عبد خير عن علي بلفظ مرة واحدة. ورواه البيهقي من حديث زر بن حبيش بلفظ: ومسح رأسه حتى لما يقطر الماء. وأخرج النسائي من حديث عائشة في تعليمها لوضوء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: ومسحت رأسها مسحة واحدة. والحديث يدل على أن السنة في مسح الرأس أن يكون مرة واحدة وقد اختلف في ذلك فذهب عطاء وأكثر العترة والشافعي إلى أنه يستحب تثليث مسحه كسائر الأعضاء. واستدلوا على ذلك بما في حديث علي وعثمان أنهما مسحا ثلاث مرات وفي كلا الحديثين مقال: أما حديث علي فهو عند الدارقطني من طريق عبد خير من رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة عن خالد بن علقمة عنه وقال: إن أبا حنيفة خالف الحفاظ في ذلك فقال ثلاثًا وإنما هو مرة واحدة. وهو أيضًا عند الدارقطني من طريق عبد الملك بن سلع عن عبد خير بلفظ: (ومسح برأسه وأذنيه ثلاثًا) ومنها عند البيهقي في الخلافيات من طريق أبي حية عن علي وأخرجه البزار أيضًا. ومنها عند البيهقي في السنن من طريق محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي في صفة الوضوء. وعند الطبراني وفيه عبد العزيز بن عبيد اللَّه قال الحافظ: وهو ضعيف. وأما حديث عثمان فرواه أبو داود والبزار والدارقطني بلفظ: (فمسح رأسه ثلاثًا) وفي إسناده عبد الرحمن بن وردان. قال أبو حاتم: ما به بأس. وقال ابن معين: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات وتابعه هشام بن عروة أخرجه البزار وأخرجه أيضًا من طريق عبد الكريم عن حمران وإسناده ضعيف. ورواه أيضًا من حديث أبي علقمة مولى ابن عباس عن عثمان وفيه ضعف. ورواه أبو داود وابن خزيمة والدارقطني من طريق عامر بن شقيق بلفظ: (ومسح برأسه ثلاثًا قال: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فعل مثل هذا) وعامر بن شقيق مختلف فيه. ورواه أحمد والدارقطني وابن السكن وفي إسناده ابن دارة مجهول الحال. ورواه البيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح عن عثمان وفيه انقطاع. ورواه الدارقطني وفيه ابن البيلماني وهو ضعيف جدًا عن أبيه وهو أيضًا ضعيف. ورواه أيضًا بإسناد فيه إسحاق بن يحيى وليس بالقوي. ورواه البزار عن عثمان بلفظ: (إن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا) وإسناده حسن وهو عند مسلم والبيهقي من وجه آخر هكذا بدون تعرض لذكر المسح قال البيهقي: روي من أوجه غريبة عن عثمان وفيها مسح الرأس ثلاثًا إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها. ومثله مقالة أبي داود التي سيذكرها المصنف آخر الباب. ومال ابن الجوزي في كشف المشكل إلى تصحيح التكرير. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: لا نعلم أحدًا من السلف جاء عنه استكمال الثلاث في مسح الرأس إلا عن إبراهيم التيمي قال الحافظ: وقد رواه ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وعطاء وزاذان وميسرة. وأورده أيضًا من طريق أبي العلاء عن قتادة عن أنس قال: وأغرب ما يذكر هنا أن الشيخ أبا حامد الاسفرايني حكى عن بعضهم أنه أوجب الثلاث وحكاه صاحب الإبانة عن ابن أبي ليلى. وذهب مجاهد والحسن البصري وأبو حنيفة والمؤيد باللَّه وأبو نصر من أصحاب الشافعي إلى أنه لا يستحب تكرار مسح الرأس واحتجوا بما في الصحيحين من حديث عثمان وعبد اللَّه بن زيد من إطلاق مسح الرأس مع ذكر تثليث غيره من الأعضاء وبحديث الباب وما ذكرناه بعده من الروايات المصرحة بالمرة الواحدة والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ إلى درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها لما فيها من الزيادة فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان وعبد اللَّه بن زيد وغيرهما هو المتعين لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقة بالمرة الواحدة. وحديث (من زاد على هذا فقد أساء وظلم) الذي صححه ابن خزيمة وغيره قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم هذه المقالة كيف وقد ورد في رواية سعيد بن منصور في هذا الحديث التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة ثم قال من زاد. قال الحافظ في الفتح: ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعًا بين الأدلة. [فائدة] ورد ذكر مسح الرأس مرتين عند النسائي من رواية عبد اللَّه بن زيد. ومن حديث الربيع عند الترمذي وأبي داود وفيه المقال الذي تقدم. 2- وعن ابن عباس رضي اللَّه عنه: (أنه رأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يتوضأ فذكر الحديث كله ثلاثًا ثلاثًا ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة). رواه أحمد وأبو داود. 3- ولأبي داود عن عثمان رضي اللَّه عنه: (أنه توضأ مثل ذلك وقال: هكذا رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يتوضأ). الحديث الأول أعله الدارقطني وتعقبه أبو الحسن بن القطان فقال: ما أعله به ليس علة وإنه إما صحيح أو حسن. والحديث الثاني قد تقدم الكلام عليه في الذي قبله. قال المصنف رحمه اللَّه: وقد سبق حديث عثمان المتفق عليه بذكر العدد ثلاثًا ثلاثًا إلا في الرأس قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا وقالوا فيها ومسح رأسه ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره انتهى.
1- قد سبق في ذلك حديث ابن عباس رضي اللَّه عنه ولابن ماجه من غير وجه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (الأذنان من الرأس). أراد بحديث ابن عباس الحديث قبل هذا الباب بلفظ: (مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة). وفي الباب عن أبي أمامة عند أبي داود والترمذي وابن ماجه قال الحافظ: إنه مدرج قال الترمذي: وليس إسناده بذلك القائم. وعن عبد اللَّه بن زيد قواه المنذري وابن دقيق العيد. قال الحافظ: وقد ثبت أنه مدرج. وعن ابن عباس رواه البزار وأعله الدارقطني بالاضطراب وقال: إنه وهم والصواب أنه مرسل. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه وفيه عمرو بن الحصين وهو متروك. وعن أبي موسى عند الدارقطني واختلف في وقفه وصوب الوقف قال الحافظ: وهو منقطع. وعن ابن عمر عند الدارقطني وأعله أيضًا. وعن عائشة عند الدارقطني أيضًا وفيه محمد بن الأزهر وقد كذبه أحمد وعن أنس عند الدارقطني أيضًا من طريق عبد الحكم عن أنس وهو ضعيف. وحديث أبي أمامة وابن عباس أجود ما في الباب قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: وأما حديث أنس وابن عمر وأبي موسى وعائشة فواهية. والحديث يدل على أن الأذنين من الرأس فيمسحان معه وهو مذهب الجمهور. ومن العلماء من قال هما من الوجه. ومنهم من قال المقبل من الوجه والمدبر من الرأس. وقد ذكرنا نسبة ذلك إلى القائلين به في باب تعاهد المأقين. قال الترمذي: والعمل على هذا يعني كون الأذنين من الرأس عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ومن بعدهم وبه يقول سفيان وابن المبارك وأحمد وإسحاق. واعتذر القائلون بأنهما ليستا من الرأس بضعف الأحاديث التي فيها (الأذنان من الرأس) حتى قال ابن الصلاح: إن ضعفها كثير لا ينجبر بكثرة الطرق ورد بأن حديث ابن عباس قد صرح أبو الحسن بن القطان أن ما أعله به الدارقطني ليس بعلة وصرح بأنه إما صحيح أو حسن. واختلف في مسح الأذنين هل هو واجب أم لا فذهبت القاسمية وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل إلى أنه واجب وذهب من عداهم إلى عدم الوجوب. واحتجوا بحديث ابن عباس (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح داخلهما بالسبابتين وخالف بإبهاميه إلى ظاهرهما فمسح ظاهرهما وباطنهما) أخرجه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي وصححه ابن خزيمة وابن منده وقال ابن منده: لا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذه الطريق وبحديث الربيع وطلحة بن مصرف والصنابحي وأجيب عن ذلك بأنها أفعال لا تدل على الوجوب. قالوا: أحاديث (الأذنان من الرأس) بعضها يقوى بعض وقد تضمنت أنهما من الرأس فيكون الأمر بمسح الرأس أمرًا بمسحهما فيثبت وجوبه بالنص القرآني. وأجيب بعدم انتهاض الأحاديث الواردة لذلك والمتيقن الاستحباب فلا يصار إلى الوجوب إلا بدليل ناهض وإلا كان من التقول على اللَّه بما لم يقل. 2- وعن الصنابحي: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه) وذكر الحديث وفيه (فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه). رواه مالك والنسائي وابن ماجه. الحديث رجاله رجال الصحيح وقد ذكرناه في باب غسل ما استرسل من اللحية والكلام على أطرافه قد سبق هنالك. وقد ساقه المصنف هنا للاستدلال به على أن الأذنين يمسحان مع الرأس قال: فقوله: تخرج من أذنيه إذا مسح رأسه دليل على أن الأذنين داخلتان في مسماه ومن جملته انتهى. وقد اختلف الناس في ذلك وقد تقدم ذكر الخلاف واختلفوا هل يمسحان ببقية ماء الرأس أو بماء جديد فذهب مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور والمؤيد باللَّه إلى أنه يؤخذ لهما ماء جديد وذهب الهادي والثوري وأبو حنيفة إلى أنهما يمسحان مع الرأس بماء واحد. قال ابن عبد البر: وروي عن جماعة مثل هذا القول من الصحابة والتابعين. واحتج الأولون بما في حديث عبد اللَّه بن زيد في صفة وضوء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم (أنه توضأ فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس) أخرجه الحاكم من طريق حرملة عن ابن وهب قال الحافظ: إسناده ظاهره الصحة وأخرجه البيهقي من طريق عثمان الدارمي عن الهيثم بن خارجة عن ابن وهب بلفظ: (فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه) وقال: هذا إسناد صحيح لكن ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الإمام أنه رأى في رواية ابن المقبري عن ابن قتيبة عن حرملة بهذا الإسناد ولفظه: (ومسح برأسه بماء غير فضل يديه) لم يذكر الأذنين قال الحافظ: قلت كذا هو في صحيح ابن حبان عن ابن سلم عن حرملة وكذا رواه الترمذي عن علي بن خشرم عن ابن وهب. وقال عبد الحق: ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وتعقبه ابن القطان بأن الذي في رواية جارية بلفظ: (خذ للرأس ماءًا جديدًا) رواه البزار والطبراني. وروي في الموطأ عن نافع عن ابن عمر (أنه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه) وصرح الحافظ في بلوغ المرام بعد أن ذكر حديث البيهقي السابق أن المحفوظ ما عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: (ومسح برأسه بماء غير فضل يديه) وأجاب القائلون أنهما يمسحان بماء الرأس بما سلف من إعلال هذا الحديث قالوا فيوقف على ما ثبت من مسحهما مع الرأس كما في حديث ابن عباس والربيع وغيرهما. قال ابن القيم في الهدي: لم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماءًا جديدًا وإنما صح ذلك عن ابن عمر.
1- عن ابن عباس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما). رواه الترمذي وصححه. وللنسائي: (مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالمسبحتين وظاهرهما بإبهاميه). وصححه ابن خزيمة وابن منده وأخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقي بألفاظ مقاربة للفظ الكتاب قال ابن منده: ولا يعرف مسح الأذن من وجه يثبت إلا من هذه الطريق. قال الحافظ: وكأنه عنى بهذا التفصيل والوصف. وفي المستدرك للحاكم من حديث الربيع بنت معوذ باللفظ الذي مر في باب مسح الرأس كله. وأخرجه أيضًا من حديث أنس مرفوعًا والصواب أنه عن ابن مسعود موقوفًا. وأخرج أبو داود والطحاوي من حديث المقدام بن معد يكرب: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وأدخل إصبعيه في صماخي أذنيه). قال الحافظ: وإسناده حسن وعزاه النووي تبعًا لابن الصلاح إلى النسائي وهو وهم. وفي الباب عن عثمان عند أحمد والحاكم والدارقطني وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواه الطحاوي. والحديث يدل على مشروعية مسح الأذنين ظاهرًا وباطنًا وقد تقدم الخلاف فيه في الباب الذي قبل هذا ولم يذكر فيه للأذنين ماءًا جديدًا وبه تمسك من قال يمسحان ببقية ماء الرأس وقد تقدم الكلام فيه في الحديث الذي قبله.
|