الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مصنف ابن أبي شيبة ***
37951- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْتُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَقْفُو آثَارَ النَّاسِ، فَسَمِعْتُ وَئِيدَ الأَرْضِ وَرَائِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، يَحْمِلُ مِجَنَّهُ، فَجَلَسْتُ إِلَى الأَرْضِ، قَالَتْ: فَمَرَّ سَعْدٌ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، قَدْ خَرَجَتْ مِنْهَا أَطْرَافُهُ، فَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أَطْرَافِ سَعْدٍ، قَالَتْ: وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَتْ: فَمَرَّ يَرْتَجِزُ، وَهُوَ يَقُولُ: لَبِّثْ قَلِيلاً يُدْرِكِ الْهَيْجَا حَمَلْ مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الأَجَلْ. قَالَتْ: فَقُمْتُ، فَاقْتَحَمْتُ حَدِيقَةً، فَإِذَا فِيهَا نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ تَسْبِغَةٌ لَهُ، تَعْنِي الْمِغْفَرَ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: وَيْحَكِ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَيْحَكِ، مَا جَاءَ بِكِ ؟ وَاللهِ إِنَّكِ لَجَرِيئَةٌ، مَا يُؤَمِّنُكِ أَنْ يَكُونَ تَحَوُّزٌ وَبَلاَءٌ ؟ قَالَتْ: فَمَا زَالَ يَلُومُنِي حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنَّ الأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا، قَالَتْ: فَرَفَعَ الرَّجُلُ التَّسْبِغَةَ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، وَيْحَك، قَدْ أَكْثَرْتَ مُنْذُ الْيَوْمَ، وَأَيْنَ التَّحَوُّزُ، أَوِ الْفِرَارُ إِلاَّ إِلَى اللهِ. قَالَتْ: وَيَرْمِي سَعْدًا رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ، فَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَقَطَعَهُ، فَدَعَا اللَّهَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ قُرَيْظَةَ، وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ وَمَوَالِيَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَتْ: فَرَقَأَ كَلْمُهُ، وَبَعَثَ اللَّهُ الرِّيحَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَلَحِقَ أَبُو سُفْيَانَ بِتِهَامَةَ، وَلَحِقَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرِ بْنِ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ بِنَجْدٍ، وَرَجَعَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ فَتَحَصَّنُوا فِي صَيَاصِيهِمْ، وَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَمَرَ بِقُبَّةٍ، فَضُرِبَتْ عَلَى سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَوُضِعَ السِّلاَحُ. قَالَتْ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ وَاللهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ السِّلاَحَ، فَاخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ وَلَبِسَ لاَمَتَهُ، فَخَرَجَ فَمَرَّ عَلَى بَنِي غَنْمٍ، وَكَانُوا جِيرَانَ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ ؟ فَقَالُوا: مَرَّ بِنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِي، وَكَانَ دِحْيَةُ تُشْبِهُ لِحْيَتُهُ وَسِنَّتُهُ وَوَجْهُهُ بِجِبْرِيلَ، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَحَاصَرَهُمْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ وَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَيْهِمْ، قِيلَ لَهُمْ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَاسْتَشَارُوا أَبَا لُبَابَةَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ أَنَّهُ الذَّبْحُ، فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ ابْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَنَزَلُوا، وَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى سَعْدٍ، فَحُمِلَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ، وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ، وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ، قَالَتْ: لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ دَارِهِمَ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: قَدْ أَنَى لِسَعْدٍ أَنْ لاَ يُبَالِيَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ، قَالَ عُمَرُ: سَيِّدُنَا اللَّهُ، قَالَ: أَنْزِلُوهُ، فَأَنْزَلُوهُ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُحْكُمْ فِيهِمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَتُقَسَّمَ أَمْوَالُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ وَحُكْمِ رَسُولِهِ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا اللَّهَ سَعْدٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَبِيِّكَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، وَإِنْ كُنْتَ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ: فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ، وَكَانَ قَدْ بَرَأَ حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلاَّ مِثْلُ الْخُرْصِ. قَالَتْ: فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرَجَعَ سَعْدٌ إِلَى قُبَّتِهِ الَّتِي كَانَ ضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَتْ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَتْ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَأَنَا فِي حُجْرَتِي، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ أُمَّهْ، فَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَصْنَعُ ؟ قَالَتْ: كَانَتْ عَيْنُهُ لاَ تَدْمَعُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ فَإِنَّمَا هُوَ آخِذٌ بِلِحْيَتِهِ. 37952- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا نَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حِينَ أَمْسَى، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، أَوَ قَالَ: مَلَكٌ، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ مَاتَ اللَّيْلَةَ، اسْتَبْشَرَ بِمَوْتِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ؟ فَقَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ، فَإِنَّهُ أَمْسَى دَنِفًا، مَا فَعَلَ سَعْدٌ ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ قُبِضَ، وَجَاءَ قَوْمُهُ فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى دَارِهِمْ، قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْفَجْرَ، ثُمَّ خَرَجَ، وَخَرَجَ النَّاسُ، فَبَتَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ مَشْيًا، حَتَّى إِنَّ شُسُوعَ نِعَالِهِمْ لَتُقْطَعُ مِنْ أَرْجُلِهِمْ، وَإِنَّ أَرْدِيَتَهُمْ لَتَسْقُطُ عَنْ عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَتَتَّ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ تَسْبِقَنَا إِلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ كَمَا سَبَقَتْنَا إِلَى حَنْظَلَةَ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَأَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَحَضَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَهُوَ يُغَسَّلُ، قَالَ: فَقَبَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: دَخَلَ مَلَكٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَجْلِسٌ، فَأَوْسَعْتُ لَهُ، وَأُمُّهُ تَبْكِي وَهِيَ تَقُولُ: وَيْلَ أُمِّ سَعْدٍ سَعْدًا *** بَرَاعَةً وَجَدًّا. بَعْدَ أَيَادٍ يَا لَهُ وَمَجْدًا *** مُقَدَّمٌ سَدَّ بِهِ مَسَدًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كُلُّ الْبَوَاكِي يَكْذِبْنَ إِلاَّ أُمَّ سَعْدٍ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا خَرَجَ لِجِنَازَتِهِ، قَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ: مَا أَخَفَّ سَرِيرَ سَعْدٍ، أَوْ جِنَازَةَ سَعْدٍ ؟ قَالَ: فَحَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ: لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ . قَالَ مُحَمَّدٌ: فَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْنَا الْفُسْطَاطَ، وَنَحْنُ نَدْفِنُ وَاقِدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا ؟ سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يُحَدِّثُونَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ مَاتَ سَعْدٌ: لَقَدْ نَزَلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ شَهِدُوا جِنَازَةَ سَعْدٍ، مَا وَطِئُوا الأَرْضَ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَشَدَّ فَقْدًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَصَاحِبَيْهِ، أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ؛ أَنَّ رَجُلاً أَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ قَبْرِ سَعْدٍ يَوْمَئِذٍ، فَفَتَحَهَا بَعْدُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَحَدَّثَنِي وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: وَكَانَ وَاقِدٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ، فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ: أَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، إِنَّك بِسَعْدٍ لَشَبِيهٌ، ثُمَّ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدًا، كَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَطْوَلِهِمْ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْثًا إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ مَنْسُوجٍ فِيهَا ذَهَبٌ، فَلَبِسَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَجَلَسَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْمِسُونَ الْجُبَّةَ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، فَقَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْهَا ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْنَا ثَوْبًا أَحْسَنَ مِنْهُ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِمَّا تَرَوْنَ. 37953- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ثَوْبُ حَرِيرٍ، فَجَعَلُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ لِينِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَمَنَادِيلُ سَعْدٍ فِي الْجَنَّةِ أَلْيَنُ مِمَّا تَرَوْنَ. 37954- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، يَقُولُ، وَذَكَرَ الْحَرُورِيَّةَ وَتَبْيِيتَهُمْ، فَقَالَ: قَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ حُفِرَ الْخَنْدَقُ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ يُبَيِّتَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ: إِنْ بُيِّتُّمْ، فَإِنَّ دَعْوَاكُمْ حم لاَ يُنْصَرُونَ. 37955- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِحُبِّ لِقَاءِ اللهِ سَعْدًا قَالَ: إِنَّمَا، يَعْنِي السَّرِيرَ، قَالَ: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: تَفَسَّخَتْ أَعْوَادُهُ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْرَهُ فَاحْتَبَسَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا حَبَسَكَ ؟ قَالَ: ضُمَّ سَعْدٌ فِي الْقَبْرِ ضَمَّةً، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ. 37956- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. 37957- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهَا: أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ سَكَنٍ، قَالَتْ: لَمَّا خُرِجَ بِجِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ صَاحَتْ أُمُّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لأُمِّ سَعْدٍ: أَلاَ يَرْقَأُ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ ؟ إِنَّ ابْنَكِ أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ لَهُ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ. 37958- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَدِمْنَا فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ فَتُلُقِّينَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ غِلْمَانُ الأَنْصَارِ يَتَلَقَّوْنَ أَهَالِيَهُمْ، فَلَقُوا أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، فَنَعَوْا لَهُ امْرَأَتَهُ فَتَقَنَّعَ، فَجَعَلَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَكَ مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ مَالَكَ، وَأَنْتَ تَبْكِي عَلَى امْرَأَةٍ، قَالَتْ: فَكَشَفَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: صَدَقْتِ لَعَمْرِي، لَيَحُقَّنَّ أَنْ لاَ أَبْكِيَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَا قَالَ، قُلْتُ: وَمَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قَالَ: لَقَدَ اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِوَفَاةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَتْ: وَهُوَ يَسِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 37959- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. 37960- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. 37961- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ، قَالَتْ: فَحَوَّلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْمَسْجِدِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ خَيْمَةً لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ. 37962- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} قَالَتْ: كَانَ ذَاكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ. 37963- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَافَّ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، قَالَ، وَكَانَ يَوْمًا شَدِيدًا لَمْ يَلْقَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم جَالِسٌ، وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَالِسٌ، وَذَلِكَ زَمَانُ طَلْعِ النَّخْلِ، قَالَ: وَكَانُوا يَفْرَحُونَ بِهِ إِذَا رَأَوْهُ فَرَحًا شَدِيدًا، لأَنَّ عَيْشَهُمْ فِيهِ، قَالَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَأْسَهُ فَبَصُرَ بِطَلْعَةٍ، وَكَانَتْ أَوَّلَ طَلْعَةٍ رُئِيَتْ، قَالَ: فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ: طَلْعَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ، مِنَ الْفَرَحِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تَنْزِعْ مِنَّا صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنَا، أَوْ صَالِحًا أَعْطَيْتَنَا. 37964- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: لَمَّا أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِالرَّمْيَةِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَجَعَلَ دَمُهُ يَسِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: وَا انْقِطَاعُ ظَهْرَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَهْ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. 37965- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُود، وَكَانَ نَمَّامًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ بَعَثَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ : أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رِجَالاً يَكُونُونَ فِي آطَامِنَا، حَتَّى نُقَاتِلَ مُحَمَّدًا مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ، وَتُقَاتِلَ أَنْتَ مِمَّا يَلِي الْخَنْدَقَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنْ يُقَاتَلَ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَقَالَ لِمَسْعُودٍ: يَا مَسْعُودُ، إِنَّا نَحْنُ بَعَثْنَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: أَنْ يُرْسِلُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَيُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رِجَالاً، فَإِذَا أَتَوْهُمْ قَتَلُوهُمْ، قَالَ: فَمَا عَدَا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَمَا تَمَالَكَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: صَدَقَ وَاللهِ مُحَمَّدٌ، مَا كَذَبَ قَطُّ، فَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ أَحَدًا. 37966- حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ ثَلاَثًا، مَا ذَاقُوا طَعَامًا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَاهُنَا كُدْيَةً مِنَ الْجَبَلِ، يَعْنِي قِطْعَةً مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُشُّوا عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَرَشُّوهَا، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، أَوِ الْمِسْحَاةَ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ ضَرَبَ ثَلاَثًا فَصَارَتْ كَثِيبًا، قَالَ جَابِرٌ: فَحَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدْ شَدَّ عَلَى بَطْنِهِ حَجَرًا. 37967- حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعْرَ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَوْ لاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا. فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا. إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا. 37968- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَدَاةً بَارِدَةً، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ، قَالَ: إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ *** فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ. فَأَجَابُوهُ: نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا *** عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا. 37969- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ حَتَّى كُفِينَا ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلاَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً، أَوْ رُكْبَانًا}. 37970- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمْ يُصَلِّ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ. 37971- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: جَاءَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، فَقَالاَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْخَنْدَقِ: نَكُفُّ عَنْكَ غَطَفَانَ، عَلَى أَنْ تُعْطِيَنَا ثِمَارَ الْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَاوَضُوهُ حَتَّى اسْتَقَامَ الأَمْرُ عَلَى نِصْفِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: اُكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابًا، فَدَعَا بِصَحِيفَةٍ، قَالَ: وَالسَّعْدَانِ؛ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ جَالِسَانِ، فَأَقْبَلاَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالاَ: أَشَيْءٌ أَتَاكَ عَنِ اللهِ، لَيْسَ لَنَا أَنْ نَعْرِضَ فِيهِ ؟قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَصْرِفَ وُجُوهَ هَؤُلاَءِ عَنِّي، وَيَفْرُغَ وَجْهِي لِهَؤُلاَءِ، قَالَ: قَالاَ لَهُ: مَا نَالَتْ مِنَّا الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِنَا شَيْئًا إِلاَّ بِشِرًى، أَوْ قِرًى. 37972- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: حَبَسُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى، صَلاَةِ الْعَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا. 37973- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي . إِلاَّ أَنَّ ابْنَ إِدْرِيسَ قَالَ: عُرِضْتُ. 37974- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: مَنْ رَجُلٌ يَذْهَبُ فَيَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرَيْظَةَ ؟ فَرَكِبَ الزُّبَيْرُ فَجَاءَهُ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: مَنْ يَجِيئُنِي بِخَبَرِهِمْ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: نَعَمْ، قَالَ: وَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلزُّبَيْرِ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِي، وَحِوَارِيِّ الزُّبَيْرُ، وَابْنُ عَمَّتِي. 37975- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ نَحْفِرَ الْخَنْدَقَ، عَرَضَ لَنَا فِي بَعْضِ الْجَبَلِ صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ شَدِيدَةٌ، لاَ تَدْخُلُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا رَآهَا أَخَذَ الْمِعْوَلَ وَأَلْقَى ثَوْبَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا، فَقَالَ: اَللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ ثُلُثًا آخَرَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي لأَبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ. 37976- حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ، حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَرَ بِلاَلا، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ. 37977- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ. 37978- حَدَّثَنَا وَكِيعُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: مَنْ يُبَارِزُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُمْ يَا زُبَيْرُ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاحِدِي، فَقَالَ: قُمْ يَا زُبَيْرُ، فَقَامَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيُّهُمَا عَلاَ صَاحِبَهُ قَتَلَهُ، فَعَلاَهُ الزُّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِسَلَبِهِ، فَنَفَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِيَّاهُ. 37979- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ كُلِّهِمْ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ نَوْفَلاً، أَوِ ابْنَ نَوْفَلٍ، تَرَدَّى بِهِ فَرَسُهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقُتِلَ، فَبَعَثَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِدِيَتِهِ، مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَ: خُذُوهُ، فَإِنَّهُ خَبِيثُ الدِّيَةِ، خَبِيثُ الْجِيفَةِ.
37980- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: جَنَاحٌ. 37981- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَوَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، وَقَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ، فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلاَحَ ؟ فَوَاللهِ مَا وَضَعْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: فَأَيْنَ ؟ قَالَ: هَاهُنَا، وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِمْ. 37982- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ قُرَيْظَةَ: الْحَرْبُ خَِدْعَةٌ. 37983- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: عَاهَدَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ لاَ يُظَاهِرَ عَلَيْهِ أَحَدًا، وَجَعَلَ اللَّهَ عَلَيْهِ كَفِيلاً، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ قُرَيْظَةَ، أُتِيَ بِهِ وَبِابْنِهِ سَلْمًا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَوْفِي الْكَفِيلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقَهُ، وَعُنُقَ ابْنِهِ. 37984- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَقَالَ: فِدَاك أَبِي وَأُمِّي. 37985- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، سَمِعَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يَقُولُ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ، أَوْ خَيْرِكُمْ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ، قَالَ: تُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ، وَرُبَّمَا قَالَ: قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ. 37986- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي؛ أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَدُّوا الْحُكْمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبِي: فَأُخْبِرْتُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ. 37987- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: رَمَى أَهْلُ قُرَيْظَةَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَأَصَابُوا أَكْحَلَهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى تَشْفِيَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بِحُكْمِ اللهِ حَكَمْتَ. 37988- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ. 37989- حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ، قَالَ: لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ الأَحْزَابَ، وَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بَيْتِهِ، فَأَخَذَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ، وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَلَمْ تَضَعْهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَاءِ ؟ ائْتِنَا عِنْدَ حِصْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَنَادَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي النَّاسِ: أَنِ ائْتُوا حِصْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَتَاهُمْ عِنْدَ الْحِصْنِ.
37990- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَكَتَبَ إِلَيَّ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهُمْ غَارُّونِ، وَنَعَمُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَكَانَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِمَّا أَصَابُوا، وَكُنْتُ فِي الْخَيْلِ.
37991- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا، وَأَبُو صِرْمَةَ الْمَازِنِيُّ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلْنَاهُ عَنِ الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ: أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي عَبْدِ الْمُصْطَلِقِ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ، فَقَالَ بَعْضُنَا: أَتَعْزِلُونَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسَرْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ، أَسَرْنَا نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَرَدْنَا الْعَزْلَ، وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهِيَ كَائِنَةٌ. 37992- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ لَمَّا أَتَوْا الْمَنْزِلَ، وَقَدْ جَلاَ أَهْلُهُ، أَجْهَضُوهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ دَجَاجٌ فِي الْمَعْدِنِ، فَكَانَ بَيْنَ غِلْمَانٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغِلْمَانٍ مِنَ الأَنْصَارِ قِتَالٌ، فَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، وَقَالَ غِلْمَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا لَلأَنْصَارِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيِّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِمَ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، أَمَا وَاللهِ: {لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَمَرَهُمْ بِالرَّحِيلِ، فَكَأَنَّهُ يَشْغَلُهُمْ، فَأَدْرَكَ رَكْبًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فِي الْمَسِيرِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا قَالَ الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ؟ قَالُوا: وَمَاذَا قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَوْ لَمْ تُنْفِقُوا عَلَيْهِمْ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَجَعَنَّا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، قَالُوا: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَنْتَ وَاللهِ الْعَزِيزُ، وَهُوَ الذَّلِيلُ.
37993- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}، قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ. 37994- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ، لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ لَكَ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا تَبَرَّزَ مِنْ عُسْفَانَ، لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَلُمَّ هَاهُنَا، فَأَخَذَ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ، يَعْنِي شَجَرَتَيْنِ، وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ. فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ، يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَا تَرَوْنَ ؟ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأْسِ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ، فَنُخَالِفُهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوْتُورِينَ مَهْزُومِينَ، وَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلَبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا، فَأَخْزَاهُمَ اللَّهُ ؟. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرَى أَنْ تَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُعِينُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظْهِرُكَ، قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَهُوَ فِي رَحْلِهِ: إِنَّا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ، إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى إِذَا غَشِيَ الْحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ، بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ، فَقَالُوا: خَلأَتْ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا خَلأَتْ، وَمَا الْخَلأُ بِعَادَتِهَا، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ، لاَ تَدْعُونِي قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِي إِلَيْهِ، هَلُمَّ هَاهُنَا لأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فِي ثَنِيَّةٍ تُدْعَى ذَاتَ الْحَنْظَلِ، حَتَّى هَبَطَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَقَى النَّاسُ مِنَ الْبِئْرِ، فَنَزَفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَةِ، فَقَالَ: اِغْرِزُوهُ فِي الْبِئْرِ، فَغَرَزُوهُ فِي الْبِئْرِ، فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤُهَا حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِالْعَطَنِ. فَلَمَّا سَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِي حُلَيْسٍ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ، فَقَالَ: ابْعَثُوا الْهَدْيَ، فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً، وَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ الْقَلاَئِدُ وَالْبُدْنُ وَالْهَدْي، فَحَذَّرَهُمْ وَعَظَّمَ عَلَيْهِمْ، فَسَبُّوهُ وَتَجَهَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لاَ نَعْجَبُ مِنْكَ، وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلْنَاكَ، اِجْلِسْ. ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَلاَ نُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكَ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا رَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى مِثْلِ مَا سِرْت إِلَيْهِ، سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْك لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهَا، تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَي، قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللهِ لاَ تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلاَّ عَرَضُوا لَكَ أَمْرَّ مِنْهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ، وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَوْمَكَ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قَتَبٍ، وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ، وَإِنَّهُ لاَ خَيْرَ لَهُمْ أََنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلاَّ مَا قَدْ أَكَلَتْ، فَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا، وَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً، نُزِيلُ فِيهَا نِسَاءَهُمْ وَيَأْمَنُ فِيهَا سَرْبُهُمْ، وَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنِّي وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْرِ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يُظْهِرَنِي اللَّهُ، أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، فَإِنْ أَصَابَنِي النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِي يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمَ اخْتَارُوا؛ إِمَّا قَاتَلُوا مُعَدِّينَ، وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ. قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكُمْ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِي وَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَقَدَ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ، فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِي حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيَكُمْ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ، تَعْلَمُنَّ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَرَضَ نِصْفًا فَاقْبَلُوهُ، تَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوك، وَرَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا، وَلاَ عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْهُ، إِنْ يَتَكَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ، فَإِنْ هُوَ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ يَصُبُّونَهُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يَتَّخِذُونَهُ حَنَانًا. فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ، فَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ، فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا، وَلاَ يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ، حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَسْمَعُ بِمَسِيرِهِ مِنَ الْعَرَبِ؛ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ، وَمِكْرَزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِي سَأَلاَ، فَقَالَ: اُكْتُبُوا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، قَالُوا: وَاللهِ لاَ نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا، قَالَ: فَكَيْفَ ؟ قَالُوا: نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، قَالَ: وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا، فَكَتَبُوهَا، ثُمَّ قَالَ: اُكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلاَّ فِي هَذَا، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ ؟ فَقَالُوا: انْتَسِبْ، فَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَهَذِهِ حَسَنَةٌ، اُكْتُبُوهَا، فَكَتَبُوهَا. وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ، أَنَّ بَيْنَنَا الْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ، وَأَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ، وَلاَ إِسْلاَلَ. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: الإِغْلاَلُ الدُّرُوعُ، وَالإِسْلاَلُ السُّيُوفُ، وَيَعْنِي بِالْعَيْبَةِ الْمَكْفُوفَةِ أَصْحَابَهُ يَكُفُّهُمْ عَنْهُمْ. وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرْدُدْهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: وَمَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ دَخَلَ مَعَنا فَهُوَ مِنَّا، لَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا، فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ: نَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ. فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِي الْقُيُودِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هُوَ لِي، وَقَالَ سُهَيْلٌ: هُوَ لِي، وَقَالَ سُهَيْلٌ: اقْرَأَ الْكِتَابَ، فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ، هَذَا السَّيْفُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَرَجُلٌ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِسُهَيْلٍ: هَبْهُ لِي، قَالَ: لاَ، قَالَ: فَأَجِزْهُ لِي، قَالَ: لاَ، قَالَ مِكْرَزٌ: قَدْ أَجَزْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، فَلَمْ يُهَجْ. 37995- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ صَدُّوهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ اضْطَرَبَ فِي الْحِلِ، وَكَانَ مُصَلاَهُ فِي الْحَرَمِ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْقَضِيَّةَ وَفَرَغُوا مِنْهَا، دَخَلَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، انْحَرُوا، وَاحْلِقُوا، وَأَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ أَعَادَهَا فَمَا قَامَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتِ مَا دَخَلَ عَلَى النَّاسِ ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اذْهَبْ، فَانْحَرْ هَدْيَك، وَاحْلِقْ، وَأَحِلَ، فَإِنَّ النَّاسَ سَيُحِلُّونَ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَحَلَقَ، وَأَحَلَّ. 37996- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا حُصِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنِ الْبَيْتِ، صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثًا، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ: السَّيْفِ وَقِرَابِهِ، وَلاَ يَخْرُجَ مَعَهُ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَلاَ يَمْنَعَ أَحَدًا أَنْ يَمْكُثَ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: اُكْتُبَ الشَّرْطَ بَيْنَنَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعَنَاكَ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحُوَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَمْحُوهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَرِنِي مَكَانَهَا، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا، فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَقَامَ فِيهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، قَالُوا لِعَلِيٍّ: هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ، فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ. 37997- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: نَزَلْنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَوَجَدْنَا مَاءَهَا قَدْ شَرِبَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الْبِئْرِ، ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْهَا، فَأَخَذَ مِنْهُ بِفِيهِ، ثُمَّ مَجَّهُ فِيهَا وَدَعَا اللَّهَ، فَكَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى تَرَوَّى النَّاسُ مِنْهَا. 37998- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَمَعَهُ الْمُهَاجِرِونَ وَالأََنْصَارُ حَتَّى أَتَى الْحُدَيْبِيَةَ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ فَرَدُّوهُ عَنِ الْبَيْتِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُمْ كَلاَمُ وَتَنَازُعٌ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ: فَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَصْحَابُهُ وَعِدَّتُهُمْ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِئَةٍ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَذَلِكَ يَوْمُ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، فَقَاضَاهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: نُقَاضِيكَ عَلَى أَنْ تَنْحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ، وَتَحْلِقَ وَتَرْجِعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ نُخَلِّي لَكَ مَكَّةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَفَعَلَ. قَالَ: فَخَرَجُوا إِلَى عُكَاظٍ، فَأَقَامُوا فِيهَا ثَلاَثًا، وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ بِالسَّيْفِ، وَلاَ تَخْرُجَ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ إِنْ خَرَجَ مَعَكَ، فَنَحَرَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ، وَحَلَقَ وَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي قَابِلِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ دَخَلَ مَكَّةَ، وَجَاءَ بِالْبُدْنِ مَعَهُ، وَجَاءَ النَّاسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ، فَمَنَ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَاتِلُوهُمْ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ إِنْ قَاتَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فِيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ مُوثَقًا، أَوْثَقَهُ أَبُوهُ، فَرَدَّهُ إِلَى أَبِيهِ. 37999- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، قَالَ: وَالْمُشْرِكُونَ عِنْدَ بَابِ النَّدْوَةِ مِمَّا يَلِي الْحِجْرَ، وَقَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابِهِ جُهْدًا وَهُزْلاً، فَلَمَّا اسْتَلَمُوا، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهُمْ قَدْ تَحَدَّثُوا أَنَّ بِكُمْ جُهْدًا وَهُزْلاً، فَارْمُلُوا ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ حَتَّى يَرَوْا أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً، قَالَ: فَلَمَّا اسْتَلَمُوا الْحَجَرَ رَفَعُوا أَرْجُلَهُمْ فَرَمَلُوا، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ زَعَمْتُمْ أَنَّ بِهِمْ هُزْلاً وَجُهْدًا، وَهُمْ لاَ يَرْضَوْنَ بِالْمَشْيِ حَتَّى يَسْعَوْا سَعْيًا ؟. 38000- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يُوجِفُونَ الأَبَاعِرَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ ؟ فَقَالُوا: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَخَرَجْنَا نُوجِفُ مَعَ النَّاسِ حَتَّى وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَاقِفًا عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَعْضُ مَا يُرِيدُ مِنَ النَّاسِ، قَرَأَ عَلَيْهِمْ: {إنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ: إِيْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَفَتْحٌ، قَالَ: فَقُسِّمَتْ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَثَلاَثُ مِئَة فَارِسٍ، فَكَانَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ. 38001- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَنَحَرَ مِئَةَ بَدَنَةٍ، وَنَحْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ مِئَة، وَمَعَهُمْ عِدَّةُ السِّلاَحِ وَالرِّجَالِ وَالْخَيْلِ، وَكَانَ فِي بُدْنِهِ جَمَلٌ، فَنَزَلَ الْحُدَيْبِيَةَ فَصَالَحَتُهُ قُرَيْشٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ مَحَلُّهُ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ. 38002- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ: يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا، قَالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ، وَلَمْ يَصْبِرْ، مُتَغَيِّظًا حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ قَالَ: يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إيَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَفَتْحٌ هُوَ ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ. 38003- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ قُرَيْشًا صَالَحُوا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِعَلِيٍّ: اُكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ فَمَا نَدْرِي مَا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، وَلَكِنِ اُكْتُبْ بِمَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقَالَ: اُكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، قَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ اتَّبَعَنَاكَ، وَلَكِنِ اُكْتُبَ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُكْتُبْ: مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَكْتُبُ هَذَا ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا. 38004- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَة، فَقَالَ لَنَا: أَنْتُمَ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ. 38005- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ خَرَجَ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ. 38006- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِيُصَالِحُوهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِيهِمْ سُهَيْلٌ، قَالَ: قَدْ سَهُلَ مِنْ أَمْرِكُمْ, الْقَوْمُ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ بِأَرْحَامِهِمْ، وَسَائِلُوكُمُ الصُّلْحَ، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ، وَأَظْهِرُوا التَّلْبِيَةِ, لَعَلَّ ذَلِكَ يُلَيِّنُ قُلُوبَهُمْ, فَلَبَّوْا مِنْ نَوَاحِي الْعَسْكَرِ، حَتَّى ارْتَجَّتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، قَالَ: فَجَاؤُوهُ فَسَأَلُوا الصُّلْحَ. قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّاسُ قَدْ تَوَادَعُوا, وَفِي الْمُسْلِمِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَفِي الْمُشْرِكِينَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ, فَقِيلَ: أَبُو سُفْيَانَ, فَإِذَا الْوَادِي يَسِيلُ بِالرِّجَالِ وَالسِّلاَحِ، قَالَ: قَالَ إِيَاسٌ: قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ بِسِتَّةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُسَلَّحِينَ أَسُوقُهُمْ, مَا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا، وَلاَ ضَرًّا, فَأَتَيْنَا بِهِمُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمْ يَسْلُبْ، وَلَمْ يَقْتُلْ، وَعَفَا، قَالَ: فَشَدَدْنَا عَلَى مَا فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَّا, فَمَا تَرَكْنَا فِيهِمْ رَجُلاً مِنَّا إِلاَّ اسْتَنْقَذْنَاهُ، قَالَ: وَغُلِبْنَا عَلَى مَنْ فِي أَيْدِينَا مِنْهُمْ. ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَتْ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، فَوَلُوا صُلْحَهُمْ, وَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ, فَكَتَبَ عَلِيٌّ بَيْنَهُمْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ قُرَيْشًا، صَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِغْلاَلَ، وَلاَ إِسْلاَلَ, وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ, وَمَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ قُرَيْشٍ مُجْتَازًا إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الشَّامِ، يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللهِ، فَهُوَ آمِنٌ عَلَى دَمِهِ وَمَالِهِ, وَعَلَى أَنَّهُ مَنْ جَاءَ مُحَمَّدًا مِنْ قُرَيْشٍ فَهُوَ رَدٌّ, وَمَنْ جَاءَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ لَهُمْ. فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ جَاءَهُمْ مِنَّا فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ, وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ رَدَدْنَاهُ إِلَيْهِمْ, يَعْلَمُ اللَّهُ الإِسْلاَمَ مِنْ نَفْسِهِ يَجْعَلُِ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا. وَصَالَحُوهُ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَمِرُ عَامًا قَابِلاً فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ، لاَ يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِخَيْلٍ، وَلاَ سِلاَحٍ، إِلاَّ مَا يَحْمِلُ الْمُسَافِرُ فِي قِرَابِهِ، فَيَمْكُثُ فِيهَا ثَلاَثَ لَيَالٍ, وَعَلَى أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ حَيْثُ حَبَسْنَاهُ فَهُوَ مَحِلُّهُ، لاَ يُقْدِمُهُ عَلَيْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: نَحْنُ نَسُوقُهُ، وَأَنْتُمْ تَرُدُّونَ وَجْهَهُ. 38007- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَتْ قُرَيْشٌ خَارِجَةَ بْنَ كُرْزٍ يَطَّلِعُ لَهَمْ طَلِيعَةً, فَرَجَعَ حَامِدًا يُحْسِنُ الثَّنَاءَ, فَقَالُوا لَهُ: إِنَّك أَعْرَابِيٌّ، قَعْقَعُوا لَكَ السِّلاَحَ فَطَارَ فُؤَادُكَ، فَمَا دَرَيْتَ مَا قِيلَ لَكَ وَمَا قُلْتَ، ثُمَّ أَرْسَلُوا عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, مَا هَذَا الْحَدِيثُ ؟ تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللهِ، ثُمَّ جِئْتَ قَوْمَكَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ, مَنْ تَعْرِفُ وَمَنْ لاَ تَعْرِفُ, لِتَقْطَعَ أَرْحَامَهُمْ، وَتَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِ قَوْمِي إِلاَّ لأَصِلَ أَرْحَامَهُمْ, يُبَدِّلُهُمُ اللَّهُ بِدِينٍ خَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ, وَمَعَايِشَ خَيْرٍ مِنْ مَعَايِشِهِمْ, فَرَجَعَ حَامِدًا بِحُسْنِ الثَّنَاءَ. قَالَ: قَالَ إِيَاسٌ، عَنْ أَبِيهِ: فَاشْتَدَّ الْبَلاَءُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ, هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي إِخْوَانَكَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ ؟ فَقَالَ: لاَ، يَا نَبِيَّ اللهِ, وَاللهِ مَا لِي بِمَكَّةَ مِنْ عَشِيرَةٍ, غَيْرِي أَكْثَرُ عَشِيرَةً مِنِّي, فَدَعَا عُثْمَانَ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَتَّى جَاءَ عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ, فَعَبِثُوا بِهِ، وَأَسَاؤُوا لَهُ الْقَوْلَ، ثُمَّ أَجَارَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، ابْنُ عَمِّهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى السَّرْجِ وَرَدِفَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: يَابْنَ عَمِّ, مَا لِي أَرَاك مُتَحَشِّفًًا ؟ أَسْبِلْ، قَالَ: وَكَانَ إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: هَكَذَا إِزْرَةُ صَاحِبِنَا, فَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا بِمَكَّةَ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، إِلاَّ أَبْلَغَهُمْ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. قَالَ سَلَمَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ قَائِلُونَ، نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيُّهَا النَّاسُ, الْبَيْعَةَ، الْبَيْعَةَ, نَزَلَ رُوحُ الْقُدُسِ، قَالَ: فَسِرْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةِ سَمُرَةٍ، فَبَايَعْنَاهُ, وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قَالَ: فَبَايَعَ لِعُثْمَانَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لأَبِي عَبْدِ اللهِ, يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَحْنُ هَاهُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَوْ مَكَثَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، مَا طَافَ حَتَّى أَطُوفَ. 38008- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: لاَ تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ، ثُمَّ قَالَ: أَوْقِدُوا وَاصْطَنِعُوا، فَإِنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ مُدَّكُمْ، وَلاَ صَاعَكُمْ. 38009- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: فَجَهَشَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَرَأَيْتُ الْمَاءَ مِثْلَ الْعُيُونِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِئَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَة. 38010- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَثَمَانِ مِئَةٍ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، يُدْعَى نَاجِيَةَ، يَأْتِيهِ بِخَبَرِ الْقَوْمُ، حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم غَدِيرًا بِعُسْفَانَ، يُقَالُ لَهُ: غَدِيرُ الأَشْطَاطِ، فَلَقِيَهُ عَيْنَهُ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، تَرَكْتُ قَوْمَكَ؛ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدَ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيرِكَ، وَتَرَكْتُ عِبْدَانَهُمْ يُطْعَمُونَ الْخَزِيرَ فِي دُورِهِمْ، وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي خَيْلٍ بَعَثُوهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُونَ ؟ مَاذَا تَأْمُرونَ ؟ أَشِيرُوا عَلَيَّ، قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرُ قُرَيْشٍ، مَرَّتَيْنِ، وَمَا صَنَعَتْ، فَهَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِيَ لِوَجْهِنَا، مَنْ صَدَّنَا عَنِ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ، فَإِنِ اتَّبَعَنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، الأَمْرُ أَمْرُكَ، وَالرَّأْيُ رَأْيُكَ، فَتَيَامَنُوا فِي هَذَا الْعَصَلِ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ، وَلاَ الْخَيْلُ الَّتِي مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بِهِمْ قَتَرَةَ الْجَيْشِ. وَأَوْفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِطُ عَلَى غَائِطِ الْقَوْمِ، يُقَالُ لَهُ بَلْدَحُ، فَبَرَكَتْ، فَقَالَ: حَلْ حَلْ، فَلَمْ تَنْبَعِثْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، قَالَ: إِنَّهَا وَاللهِ مَا خَلأَتْ، وَلاَ هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، أَمَّا وَاللهِ لاَ يَدْعُونِي الْيَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ، يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً، وَلاَ يَدْعُونِي فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلاَّ أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ، عَوْدَهُ عَلَى بَدْئِهِ، حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى ثَمَدٍ مِنْ ثِمَادِ الْحُدَيْبِيَةِ ظَنُونٍ، قَلِيلِ الْمَاءِ، يَتَبَرَّضُ النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرَّضًا، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قِلَّةَ الْمَاءِ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، فَأَمَرَ رَجُلاً فَغَرَزَهُ فِي جَوْفِ الْقَلِيبِ، فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْهُ بِعَطَنٍ. فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ، يُقْسِمُونَ بِاللهِ لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَالَ: يَا بُدَيْلُ، إِنِّي لَمْ آتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ، إِنَّمَا جِئْتُ أَقْضِي نُسُكِي وَأَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَإِلاَّ فَهَلْ لِقُرَيْشٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً يَأْمَنُونَ فِيهَا وَيَسْتَجِمُّونَ، وَيُخَلُّونَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا أَمْرِي عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالْخِيَارِ: أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُّوا، قَالَ بُدَيْلٌ: سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ. فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ، فَقَالَ أُنَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ: لاَ تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمْ وَحُكَمَائِهِمْ: بَلْ أَخْبِرْنَا مَا الَّذِي رَأَيْتَ ؟ وَمَا الَّذِي سَمِعْتَ ؟ فَاقْتَصَّ عَلَيْهِمْ بُدَيْلٌ قِصَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَمَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُدَّةِ، قَالَ: وَفِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، فَوَثَبَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ تَتَّهِمُونَنِي فِي شَيْءٍ ؟ أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ ؟ أَوَلَسْتُمْ بِالْوَالِد ؟ أَوَلَسْتُ قَدَ اسْتَنْفَرْتُ لَكُمْ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَحُوا عَلَيَّ نَفَرْتُ إِلَيْكُمْ بِنَفْسِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي، قَالُوا: بَلَى، قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ، وَمَا عَرَضَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَابْعَثُونِي حَتَّى آتِيَكُمْ بِمُصَادِقِهَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالُوا: فَاذْهَبْ. فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَؤُلاَءِ قَوْمُكَ؛ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَعَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالْعُوذِ الْمَطَافِيلِ، يُقْسِمُونَ: لاَ يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى تُبِيدَ خَضْرَاءَهُمْ، وَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ قِتَالِهِمْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: أَنْ تَجْتَاحَ قَوْمَكَ، فَلَمْ تَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطَّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْلِمَكَ مَنْ أَرَى مَعَكَ، فَإِنِّي لاَ أَرَى مَعَكَ إِلاَّ أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ، لاَ أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَلاَ وُجُوهَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَغَضِبَ: اُمْصُصْ بَظْرَ اللاَتِ، أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ، أَوْ نُسْلِمُهُ ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَّا وَاللهِ لَوْلاَ يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لأَجَبْتُكَ فِيمَا قُلْتَ، وَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ، فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ. وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَعَلَى وَجْهِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ عُرْوَةُ، وَكَانَ عُرْوَةُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ، يَمَسُّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَرَعَهَا الْمُغِيرَةُ بِقَدَحٍ كَانَ فِي يَدِهِ، حَتَّى إِذَا أَحْرَجَهُ، قَالَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: أَنْتَ بِذَاكَ يَا غُدَرُ، وَهَلْ غَسَلْتَ عَنْكَ غَدْرَتَكَ إِلاَّ أَمْسَ بِعُكَاظٍ ؟. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ. فَقَامَ عُرْوَةُ، فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنِّي قَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوك، عَلَى قَيْصَرَ فِي مُلْكِهِ بِالشَّامِ، وَعَلَى النَّجَاشِيِّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَعَلَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا رَأَيْتَ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ فِيمَنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِي أَصْحَابِهِ، وَاللهِ مَا يَشُدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ، وَمَا يَرْفَعُونَ عِنْدَهُ الصَّوْتَ، وَمَا يَتَوَضَّأُ مِنْ وَضُوءٍ إِلاَّ ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَيْءٍ، فَاقْبَلُوا الَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ؛ فَإِنَّهَا خُطَّةُ رُشْدٍ. قَالُوا: اجْلِسْ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، يُقَالُ لَهُ: الْحُلَيْسُ، فَقَالُوا: انْطَلِقْ، فَانْظُرْ مَا قِبَلُ هَذَا الرَّجُلِ، وَمَا يَلْقَاكَ بِهِ، فَخَرَجَ الْحُلَيْسُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُقْبِلاً عَرَفَهُ، قَالَ: هَذَا الْحُلَيْسُ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْي، فَابْعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ، فَبَعَثُوا الْهَدْيَ فِي وَجْهِهِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَاخْتَلَفَ الْحَدِيثُ فِي الْحُلَيْسِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: جَاءَهُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَمَّا رَأَى الْهَدْيَ رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ امْرءًا لَئِنْ صَدَدْتُمُوهُ إِنِّي لَخَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ عَنْتٌ، فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ. قَالُوا: اجْلِسْ، وَدَعَوْا رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَحْنَفِ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَي، فَبَعَثُوهُ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَلأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَّةِ، فَجَاءَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ يُكَاتِبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ، نَرْتَضِي أَنَا وَأَنْتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: نَعَمَ، اُكْتُبْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، قَالَ: قَالَ: مَا أَعْرِفُ اللَّهَ، وَلاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، وَلَكِنْ أَكْتُبَ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لاَ نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَان الرَّحِيمِ، قَالَ سُهَيْلٌ: إِذًا لاَ أُكَاتِبُهُ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى أَرْجِعَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: لاَ أُقِرُ، لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا خَالَفْتُكَ، وَلاَ عَصَيْتُكَ، وَلَكِنْ اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْهَا أَيْضًا، قَالَ: اُكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ . سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو. فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ: إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ أَعْصِيَهُ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ نَاحِيَةً، فَأَتَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، أَوَلَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَى مَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا ؟ قَالَ: دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ، فَإِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ، وَلَنْ يَعْصِيَهُ. وَكَانَ فِي شَرْطِ الْكِتَابِ أَنَّهُ: مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ، قَالَ: أَمَا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِي فَلاَ حَاجَةَ لِي بِرَدِّهِ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَطْتَ لِنَفْسِكَ فَتِلْكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ، قَدْ خَلاَ لَهُ أَسْفَلُ مَكَّةَ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ أَبِي جَنْدَلٍ، فَقَالَ: هَذَا أَوَّلُ مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَى رَدِّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا سُهَيْلُ؛ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ، قَالَ: وَلاَ أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ، قَالَ: فَشَأْنُكَ بِهِ، قَالَ: فَبَهَشَ أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي ؟ فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ يَجْتَرُّهُ، وَعُمَرُ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ، وَمَعَك السَّيْفُ، فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُلُ فِي دِينِهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِيرٍ وَرَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، أَقَامُوا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، فَكَانُوا قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا نَرَاهَا مِنْك صِلَةً، أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْك وَتَجْمَعَهُمْ، فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ. وَكَانَ فِيمَا أَرَادَهُمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْكِتَابِ: أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، فَيَقْضِي نُسُكَهُ، وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ، فَقَالُوا: لاَ تَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ أَذِنَّا لَكَ، فَاعْتَمَرْتَ وَأَقَمْتَ ثَلاَثًا. وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لِلنَّاسِ: قُومُوا فَانْحَرُوا هَدْيَكُمْ، وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلاَ تَحَرَّكَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَمَا تَحَرَّكَ رَجُلٌ وَلاَ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، مَا بَالُ النَّاسِ، أَمَرْتُهُمْ ثَلاَثَ مِرَارٍ أَنْ يَنْحَرُوا، وَأَنْ يَحْلِقُوا، وَأَنْ يَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُهُ بِهِ ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، اُخْرُجْ أَنْتَ فَاصْنَعْ ذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى يَمَّمَ هَدْيَهُ، فَنَحَرَهُ، وَدَعَا حَلاَقًا فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ، وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَغُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، لِكُلِّ مِئَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ. 38011- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ مَنْزِلُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْحَرَمِ. 38012- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ. 38013- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ الْهَدْيُ دُونَ الْجِبَالِ الَّتِي تَطْلُعُ عَلَى وَادِي الثَّنِيَّةِ، عَرَضَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ، فَرَدُّوا وُجُوهَ بُدْنِهِ، فَنَحَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَيْثُ حَبَسُوهُ وَهِيَ الْحُدَيْبِيَةُ، وَحَلَقَ وَائْتَسَى بِهِ نَاسٌ فَحَلَقُوا، وَتَرَبَّصَ آخَرُونَ، قَالُوا: لَعَلَّنَا نَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قِيلَ: وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا. 38014- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَلَقَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، إِلاَّ عُثْمَانَ وَأَبَا قَتَادَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ. 38015- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَسْلَمَ، عْن نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبِ بْنِ نَاجِيَةَ، قَالَ: لَمَّا كُنَّا بِالْغَمِيمِ لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَبَرَ قُرَيْشٍ، أَنَّهَا بَعَثَتْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي جَرِيدَةِ خَيْلٍ، تَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَلْقَاهُ، وَكَانَ بِهِمْ رَحِيمًا، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَعْدِلُنَا عَنِ الطَّرِيقِ ؟ فَقُلْتُ: أَنَا، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ بِهِمْ فِي طَرِيقٍ قَدْ كَانَ حَزْنٌ؛ بِهَا فَدَافِدٌ وَعِقَابٌ، فَاسْتَوَتْ بِي الأَرْضُ حَتَّى أَنْزَلْتُهُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ نَزَحٌ، قَالَ: فَأَلْقَى فِيهَا سَهْمًا، أَوْ سَهْمَيْنِ مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ بَصَقَ فِيهَا، ثُمَّ دَعَا، قَالَ: فَعَادَتْ عُيُونُهَا حَتَّى إِنِّي لأََقُولُ، أَوْ نَقُولُ: لَوْ شِئْنَا لاَغْتَرَفْنَا بِأَقْدَاحِنَا. 38016- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ ؟ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ ثَلاَثًا، قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْمُحَلِّقِينَ ظَاهَرْتَ لَهُمُ التَّرَحُّمَ ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَشُكُّوا.
38017- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَن بْنَ أَبِي عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ نَزَلُوا دَهَاسًا مِنَ الأَرْضِ، يَعْنِي بِالدَّهَاسِ الرَّمْلَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ يَكْلَؤُنَا ؟ قَالَ: فَقَالَ بِلاَلٌ: أَنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِذًا نَنَامُ، قَالَ: فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ أُنَاسٌ فِيهِمْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفِيهِمْ عُمَرُ، قَالَ: فَقُلْنَا: اهْضِبُوا، يَعْنِي تَكَلَّمُوا، قَالَ: فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ، قَالَ: فَفَعَلْنَا، قَالَ: كَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ، أَوْ نَسِيَ. قَالَ: وَضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَطَلَبْتُهَا، قَالَ: فَوَجَدْتُ حَبْلَهَا قَدْ تَعَلَّقَ بِشَجَرَةٍ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَرَكِبَ فَسِرْنَا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَعَرَفْنَا ذَلِكَ فِيهِ، قَالَ: فَتَنَحَّى مُنْتَبِذًا خَلْفَنَا، قَالَ: فَجَعَلَ يُغَطِّي رَأْسَهُ بِثَوْبِهِ، وَيَشْتَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى عَرَفْنَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَتَوْنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا}.
38018- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ لَهُمْ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا بَنِي لِحْيَانَ: لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا. 38019- حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَوْ عُمَرُ بْنُ أُسَيْدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ عَشْرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّةِ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِئَةَ رَجُلٍ رَامِيًا، فَوَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ حَيْثُ أَكَلُوا التَّمْرَ، فَقَالُوا: هَذِا نَوَى يَثْرِبَ، ثُمَّ اتَّبَعُوا آثَارَهُمْ، حَتَّى إِذَا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَؤُوا إِلَى جَبَلٍ، فَأَحَاطَ بِهِمُ الآخَرُونَ، فَاسْتَنْزَلُوهُمْ وَأَعْطَوْهُمَ الْعَهْدَ، فَقَالَ عَاصِمٌ: وَاللهِ لاَ أَنْزِلُ عَلَى عَهْدِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ نَبِيَّك عَنَّا، وَنَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ دَثِنَةَ الْبَيَاضِيُّ.
38020- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ، قَالَ: فَأَصَبْنَا نَعَمًا كَثِيرَةً، قَالَ: فَنَفَّلَنَا صَاحِبُنَا الَّذِي كَانَ عَلَيْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِمَا أَصَبْنَا، فَكَانَتْ سُهْمَانُنَا بَعْدَ الْخُمُسِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا ثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا بِالْبَعِيرِ الَّذِي نَفَّلَنَا صَاحِبُنَا، فَمَا عَابَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى صَاحِبِنَا مَا حَاسَبَنَا بِهِ فِي سُهْمَانِنَا. 38021- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي سَرِيَّةٍ إِلَى نَجْدٍ، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعِيرًا بَعِيرًا. 38022- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُنَفِّلُ مِنَ الْمَغْنَمِ فِي بِدَايَتِهِ الرُّبُعَ، وَفِي رَجْعَتِهِ الثُّلُثَ. 38023- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِي سَلاَّمٍ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ. 38024- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ الثُّلُثَ. 38025- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَّلَ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ. 38026- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَذَاكَرَ أَبُو سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَأَنَا مَعَهُمَ الأَنْفَالَ، فَأَرْسَلُوا إلَى سَعِيدٌ بْنِ الْمُسَيَّبِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ الرَّسُولُ، فَقَالَ: أَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي شَيْئًا، قَالَ: فَأَرْسَلَ سَعِيدٌ غُلاَمَهُ، فَقَالَ: إِنَّ سَعِيدًا يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَرْسَلْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنِ الأَنْفَالِ، وَإِنَّهُ لاَ نَفْلَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38027- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: حدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّصْرِيُّ، قَالَ: النَّفَلُ حَقٌّ، نَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
38028- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: خَيْبَرَ. 38029- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: بَارَزَ عَمِّي يَوْمَ خَيْبَرَ مَرْحَبًا الْيَهُودِيَّ، فَقَالَ مَرْحَبٌ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ. إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. فَقَالَ عَمِّي عَامِرٌ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ. فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، فَرَجَعَ السَّيْفُ عَلَى سَاقِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَلَقِيتُ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالُوا: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَجِئْتُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبْكِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ قَالَ: مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ: أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ: حِينَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ جَعَلَ يَرْجُزُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَفِيهِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، يَسُوقُ الرِّكَابَ، وَهُوَ يَقُولُ: تَاللهِ لَوْلاَ اللهِ مَا اهْتَدَيْنَا *** وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا. إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا *** إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا. وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا *** فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: عَامِرٌ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: غَفَرَ لَك رَبُّك، قَالَ: وَمَا أَسْتَغْفَرَ لإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ إِلاَّ اُسْتُشْهِدَ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ، فَقَامَ فَاسْتُشْهِدَ. قَالَ سَلَمَةُ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ، قَالَ: فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ. إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ *** كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ. أُوفِيهِمْ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ. فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 38030- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ خَيْبَرَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، قَالَ: فَمَشَيْت أَنَا وَعُثْمَان بْنُ عَفَّانَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَؤُلاَءِ إِخْوَتُك مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، لاَ يُنْكَرُ فَضْلُهُمْ لِمَكَانِكَ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، أَرَأَيْتَ إِخْوَتَنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ دُونَنَا، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّسَبِ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ. 38031- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم كَانَ لاَ يُغِيرُ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَسْتَمِعَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ، قَالَ فَأَتَى خَيْبَرَ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ، فَتَفَرَّقُوا فِي أَرْضِيهِمْ، مَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَفُؤُوسُهُمْ وَمُرُورُهُمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ: إِنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَسَمَ الْغَنَائِمَ، فَوَقَعَتْ صَفِيَّةُ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي. فَقِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ الْكَلْبِي، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصْلِحُهَا، قَالَ: وَلاَ أَعْلَمُ إِلاَّ إِنَّهُ قَالَ: وَتَعْتَدُّ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَرَادَ الشُّخُوصَ، قَالَ النَّاسُ: مَا نَدْرِي اتَّخَذَهَا سُرِّيةً، أَمْ تَزَوَّجَهَا ؟ فَلَمَّا رَكِبَ سَتَرَهَا وَأَرْدَفَهَا خَلْفَهُ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ أَوْضَعُوا، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ إِذَا رَجَعُوا فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَعَثَرَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَسَقَطَ وَسَقَطَتْ، وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَنْظُرْنَ مُشْرِفَاتٍ، فَقُلْنَ: أَبْعَدَ اللَّهُ الْيَهُودِيَّةَ وَأَسْحَقَهَا، فَسَتَرَهَا وَحَمَلَهَا. 38032- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا وَقَدْ خَرَجُوا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْنَا، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اللَّهُ أَكْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. 38033- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَكْرَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، ثُمَّ بَعَثَ ابْنَ رَوَاحَةَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَخَيَّرَهُمْ. 38034- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِحَضْرَةِ خَيْبَرَ، فَزِعَ أَهْلُ خَيْبَرَ، وَقَالُوا: جَاءَ مُحَمَّدٌ فِي أَهْلِ يَثْرِبَ، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالنَّاسِ فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ، فَرَدُّوهُ وَكَشَفُوهُ هُوَ وَأَصْحَابَهُ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يُجِبْنَ أَصْحَابَهُ وَيُجِبْنَهُ أَصْحَابُهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأُعْطِيَنَّ اللِّوَاءَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ أللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَصَادَرَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، قَالَ: فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ وَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِالنَّاسِ، قَالَ: فَلَقِيَ أَهْلَ خَيْبَرَ وَلَقِيَ مَرْحَبًا الْخَيْبَرِيَّ، وَإِذَا هُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ. إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ *** أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ. قالَ: فَالْتَقَى هُوَ وَعَلِيٌّ، فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً عَلَى هَاهَتِهِ بِالسَّيْفِ، عَضَّ السَّيْفُ مِنْهَا بِالأَضْرَاسِ، وَسَمِعَ صَوْتَ ضَرْبَتِهِ أَهْلُ الْعَسْكَرِ، قَالَ: فَمَا تَتَامَّ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى فُتِحَ لأَوَّلِهِمْ. 38035- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ مَكَّةَ إِلَى خَيْبَرَ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَصَامَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَفْطَرَ آخَرُونَ، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ. 38036- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَسَمَ لِجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَلَمْ يَشْهَدُوا الْوَقْعَةَ. 38037- حَدَّثَنَا شَاذَانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: لأَدْفَعَنِ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ بِهِ، قَالَ عُمَرُ: مَا تَمَنَّيْت الإِمْرَةَ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ تَطَاوَلْتُ لَهَا، قَالَ: فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، قُمَ اذْهَبْ فَقَاتِلْ، وَلاَ تَلْفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْك، فَلَمَّا قَفَّى، كَرِهَ أَنْ يَلْتَفِتَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلاَمَ أُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ: حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَوهَا حَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا. 38038- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، وَالْحَكَمِ، وَعِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: مَا كُنْتُ مَعَنا يَا أَبَا لَيْلَى بِخَيْبَرَ ؟ قُلْتُ: بَلَى وَاللهِ، لَقَدْ كُنْت مَعَكُمْ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ فَسَارَ بِالنَّاسِ، فَانْهَزَمَ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ عُمَرَ فَانْهَزَمَ بِالنَّاسِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ لَهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَدَعَانِي، فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا، فَدَفَعَ إِلَيَّ الرَّايَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَأَنَا أَرْمَدُ لاَ أُبْصِرُ شَيْئًا ؟ قَالَ: فَتَفَلَ فِي عَيْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَ، اكْفِهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، قَالَ: فَمَا آذَانِي بَعْدُ حَرٌّ، وَلاَ بَرْدٌ. 38039- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْن أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رُوَيْفِعِ بْن ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ نَحْوَ الْمَغْرِبِ، فَفَتَحْنَا قَرْيَةً، يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ، قَالَ: فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَقُولُ فِيكُمْ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ فِينَا يَوْمَ خَيْبَرَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَلاَ يَبِيعَنَّ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَلاَ يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَلاَ يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ حَتَّى إِذَا أَخْلقَهُ رَدَّهُ فِيهِ. 38040- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، فُلاَنٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: كَلاَّ، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا، أَوْ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ: أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ. 38041- حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ الأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَشْرَجُ بْنُ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ؛ أَنَّهَا غَزَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ خَيْبَرَ سَادِسَةُ سِتِّ نِسْوَةٍ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَبَعَثَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: بِأَمْرِ مَنْ خَرَجْتُنَّ ؟ وَرَأَيْنَا فِيهِ الْغَضَبَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، خَرَجْنَا وَمَعَنَّا دَوَاءٌ نُدَاوِي بِهِ، وَنُنَاوِلُ السِّهَامَ، وَنَسْقِي السَّوِيقَ، وَنَغْزِلُ الشَّعْرَ، نُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَنَا: أَقِمْنَ، فَلَمَّا أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَمَ لَنَا كَمَا قَسَمَ لِلرِّجَالِ. 38042- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنِي عُمَيْرُ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَلَمَّا فَتَحُوهَا أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سَيْفًا، فَقَالَ: تَقَلَّدْ هَذَا، وَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِي بِسَهْمٍ. 38043- حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ بَرِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ، فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدَ الْفَتْحَ غَيْرَنَا. 38044- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ ذَبَحَ النَّاسُ الْحُمُرَ، فَأَغْلُوا بِهَا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَبَا طَلْحَةَ، فَنَادَى: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ، فَكُفِئَتِ الْقُدُورُ. 38045- حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُغَفَّلٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَالْتَزَمْتُهُ، وَقُلْتُ: هَذَا لاَ أُعْطِي أَحَدًا مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ: فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَتَبَسَّمُ، فَاسْتَحْيَيْتُ. 38046- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضَمْرَةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَلِيطٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، قَالَ: لَقَدْ أَتَى نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ أَكْلِ الْحُمُرِ، وَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي بِهَا، قَالَ: فَكَفَأْنَاهَا عَلَى وُجُوهِهَا. 38047- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الْقَاسِمُ وَمَكْحُولٌ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الأَهْلِي، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَأَنْ تُوطَأَ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ، وَعَنْ أَنْ تُبَاعَ السِّهَامُ حَتَّى تُقْسَمَ، وَأَنْ تُبَاعَ الثَمَرَةُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَلَعَنَ يَوْمَئِذٍ الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ، وَالْخَامِشَةَ وَجْهَهَا، وَالشَّاقَّةَ جَيْبَهَا. 38048- حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، وَأَخَذُوا الْحُمُرَ الإِنْسِيَّةِ، فَذَبَحُوهَا وَمَلَؤُوا مِنْهَا الْقُدُورَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ جَابِرٌ: فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ سَيَأْتِيكُمْ بِرِزْقٍ هُوَ أَحَلُّ مِنْ ذَا وَأَطْيَبُ، فَكَفَأْنَا الْقُدُورَ يَوْمَئِذٍ وَهِيَ تَغْلِي، فَحَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَئِذٍ لُحُومَ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ وَلُحُومَ الْبِغَالِ، وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَحَرَّمَ الْمُجَثَّمَةَ، وَالْخُلْسَةَ، وَالنُّهْبَةَ. 38049- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عْن عَلِيٍّ، قَالَ: سَارَ رَسُولُ اللهِ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا أَتَاهَا بَعَثَ عُمَرَ وَمَعَهُ النَّاسُ، إِلَى مَدِينَتِهِمْ، أَوْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنِ انْهَزَمَ عُمَرُ وَأَصْحَابُهُ، فَجَاءَ يُجَبِّنُهُمْ وَيُجَبِّنُونَهُ، فَسَاءَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، يُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ، فَتَطَاوَلَ النَّاسُ لَهَا، وَمَدُّوا أَعْنَاقَهُمْ، يُرُونَهُ أَنْفُسَهُمْ، رَجَاءَ مَا قَالَ، فَمَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا: هُوَ أَرْمَدُ، فَقَالَ: ادْعُوهُ لِي، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، فَتَحَ عَيْنَيَّ، ثُمَّ تَفَلَ فِيهِمَا، ثُمَّ أَعْطَانِي اللِّوَاءَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ سَعْيًا، خَشْيَةَ أَنْ يُحْدِثَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ حَدَثًا، أَوْ فِي، حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَقَاتَلْتُهُمْ، فَبَرَزَ مَرْحَبٌ يَرْتَجِزُ، وَبَرَزْت لَهُ أَرْتَجِزُ كَمَا يَرْتَجِزُ، حَتَّى الْتَقَيْنَا، فَقَتَلَهُ اللَّهُ بِيَدَي، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، فَتَحَصَّنُوا وَأَغْلَقُوا الْبَابَ، فَأَتَيْنَا الْبَابَ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى فَتَحَهُ اللَّهُ. 38050- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَبُو مُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لأَدْفَعَنِ الْيَوْمَ الرَّايَةَ إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَتَطَاوَلَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَهُ، فَدَعَاهُ فَبَزَقَ فِي كَفَّيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا عَيْنَ عَلِيٍّ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ. 38051- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عْن أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، يَقُولُ: لَوْلاَ أَنْ يُتْرُكَ آخَرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُمْ، مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْكُفَّارِ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ سُهْمَانًا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَيْبَرَ سُهْمَانًا، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ جَرِيَّةً تَجْرِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَرِهْتُ أَنْ يُتْرُكَ آخِرُ النَّاسِ لاَ شَيْءَ لَهُ. 38052- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَبَى رَجُلٌ امْرَأَةً يَوْمَ خَيْبَرَ، فَحَمَلَهَا خَلْفَهُ فَنَازَعَتْهُ قَائِمَ سَيْفِهِ، فَقَتَلَهَا، فَأَبْصَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ. 38053- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَهَى النَّفَرَ الَّذِينَ بَعَثَ إِلَى ابْنِ أَبِي الْحُقِيقِ بِخَيْبَرَ لِيَقْتُلُوهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ.
38054- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ يَصْنَعُ لَنَا فَيُكْثِرُ فَيَدْعُونَا إِلَى رَحْلِهِ، قَالَ: قُلْتُ: أَلاَ أَصْنَعُ لأَصْحَابِنَا فَأَدْعُوهُمْ إِلَى رَحْلِي، قَالَ: فَأَمَرْت بِطَعَامٍ فَصُنِعَ، وَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِّي، فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، قَالَ: أَسَبَقَتْنِي ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ فَهُمْ عِنْدِي، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلاَ أُعَلِّلْكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ؟ قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ. قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي كَتِيبَةٍ، قَالَ: فَنَادَانِي، قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اهْتِفْ لِي بِالأَنْصَارِ، وَلاَ يَأْتِنِي إِلاَّ أَنْصَارِيٌّ، قَالَ: فَهَتَفْتُ بِهِمْ، قَالَ: فَجَاؤُوا حَتَّى أَطَافُوا بِهِ. قَالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا، قَالُوا: نُقدِّمَ هَؤُلاَءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيءٌ كُنَا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لِلأَنْصَارِ حِينَ أَطَافُوا بِهِ: أَتَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى: اُحْصُدُوهُمْ، ثُمَّ ضَرَبَ سُلَيْمَانَ بِحَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى: اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا أَحَدٌ مِنَّا يَشَاءُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلاَّ قَتَلَهُ، وَأَمَّا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لاَ قُرَيْشَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالَ: فَغَلَّقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ. قَالَ: فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ، وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَجَعَلَ يَطْعُنْ بِهَا فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَهَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُهُ، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ، قَالَ: وَالأَنْصَارُ تَحْتَهُ، قَالَ: تَقُولُ الأَنْصَارُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ. قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى يَقْضِيَ، فَلَمَّا قَضَى الْوَحْيُ، قَالُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، قَالُوا: قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَمَا اسَمِي إِذًا ؟ كَلاً إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْت إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ، قَالَ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ، يَقُولُونَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلاَّ لِلضَّنِّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْذُرَانِكُمْ وَيُصَدِّقَانِكُمْ. 38055- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالاَ: كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ هُدْنَةٌ، فَكَانَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ بِمَكَّةَ، فَقَدِمَ صَرِيخٌ لِبَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا *** حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا فَانْصُرْ هَدَاك اللَّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا *** وَادْعُ عِبَادَ اللهِ يَأْتُوا مَدَدَا. فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَرَعَدَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إنَّ هَذِهِ لَتَرْعَدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ: جَهِّزِينِي، وَلاَ تُعْلِمَنَّ بِذَلِكَ أَحَدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا، فَقَالَ: مَا هَذَا، قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ أُجَهِّزَهُ، قَالَ: إلَى أَيْنَ، قَالَتْ: إلَى مَكَّةَ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَذَكَرَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ، ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّرِيقِ فَحُبِسَتْ، ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَغُمَّ لأَهْلِ مَكَّةَ لاَ يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَيْ حَكِيمُ، وَاللهِ لَقَدْ غَمَّنَا وَاغْتَمَمْنَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَرْوٍ، لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا، فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْكَعْبِيُّ مِنْ خُزَاعَةَ: وَأَنَا مَعَكُمْ، قَالاَ: وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَرَكِبُوا حَتَّى إذَا دَنَوْا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرْوٍ أَظْلَمُوا فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ، فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُلَّهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمٍ: مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، جَوَّعَتْهَا الْحَرْبُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لأوَأَبِيك لَبَنُو عَمْرٍو أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ هَؤُلاَءِ، فَتَكَشَّفَ عَنْهُمَ الأَرَاك، فَأَخَذَهُمْ حَرَسُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَرَسِ، فَجَاؤُوا بِهِمْ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: جِئْنَاك بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ: وَاللهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ، قَالَوا: قَدْ وَاللهِ أَتَيْنَاك بِأَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: احْبِسُوهُ، فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقِيلَ لَهُ: بَايِعْ، فَقَالَ: لاَ أَجِدُ إِلاَّ ذَاكَ، أَوْ شَرًّا مِنْهُ، فَبَايَعَ، ثُمَّ قِيلَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: بَايِعْ، فَقَالَ: أُبَايِعُك، وَلاَ أَخِرُّ إِلاَّ قَائِمًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَمَّا مِنْ قَبْلِنَا فَلَنْ تَخِرَّ إِلاَّ قَائِمًا. فَلَمَّا وَلَّوْا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ، يَعَنْي الشَّرَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ إِلاَّ ابْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ اللَّيْثِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَالْقَيْنَتَيْنِ، فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُمْ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّوْا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمَرْت بِأَبِي سُفْيَانَ فَحَبَسَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَأَدْرَكَهُ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَجْلِسَ حَتَّى تَنْظُرَ ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلاَّ لِيَرَى ضَعْفَةً فَيَسْأَلَهُمْ، فَمَرَّتْ جُهَيْنَةُ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ جُهَيْنَةُ، قَالَ: مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ ؟ وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ، ثُمَّ مَرَّتْ مُزَيْنَةُ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ مُزَيْنَةُ، قَالَ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ، وَاللهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ، ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذِهِ سُلَيْمٌ، قَالَ: ثُمَّ جَعَلَتْ تَمُرُّ طَوَائِفُ الْعَرَبِ، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ فَيَسْأَلُ عَنْهَا فَيُخْبِرُهُ الْعَبَّاسُ. حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ، فِي لأمةٍ تَلْتَمِعُ الْبَصَرَ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ، مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ قَالَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابُهُ، فِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ وَالأَنْصَارِ، قَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك عَظِيمَ الْمُلْكِ، قَالَ: لاَ وَاللهِ، مَا هُوَ بِمُلْكٍ، وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ، وَكَانُوا عَشَرَةَ آلاَفٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا. قَالَ: وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الرَّايَةَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَدَفَعَهَا سَعْدٌ إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَكِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَسَبَقَ النَّاسَ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ، قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ: مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ: وَرَائِي الدَّهْمُ، وَرَائِي مَا لاَ قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، وَرَائِي مَنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ، مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقْتَحِمُونَ دَارَهِ، وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَوَقَفَ بِالْحَجُونِ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي الْخَيْلِ فِي أَعْلَى الْوَادِي، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي الْخَيْلِ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ، وَإِنِّي وَاللهِ لَوْ لَمْ أُخْرَجْ مِنْك مَا خَرَجْتُ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ لاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُحْتَشُّ حَبْلُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ ضَالَّتَهَا إِلاَّ مُنْشِدٌ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: شَاهٌ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلاَّ الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا وَقُيُونِنَا، أَوْ لِقُيُونِنَا وَقُبُورِنَا. فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَوُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَوَجَدُوهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَادَرَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ نُمَيْلَةُ: خَلُّوا عَنْهُ، فَوَاللهِ لاَ يَدْنُو مِنْهُ رَجُلٌ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا حَتَّى يَبْرُدَ، فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فَحَمْلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَفَلَقَ بِهِ هَامَتَهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَفْخَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالْبَيْتِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَقَالَ: أَيْ عُثْمَان، أَيْنَ الْمِفْتَاحُ ؟ فَقَالَ: هُوَعِنْدَ أُمِّي سُلاَفَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَتْ: لاَ وَاللاَتِ وَالْعُزَّى، لاَ أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ أَبَدًا، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَيْرُ الأَمْرِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ، فَإِنَّك إِنْ لَمْ تَفْعَلِي قُتِلْتُ أَنَا وَأَخِي، قَالَ: فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ وِجَاهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، عُثِرَ فَسَقَطَ الْمِفْتَاحُ مِنْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَحْنَى عَلَيْهِ ثَوْبَهُ، ثُمَّ فَتْحَ لَهُ عُثْمَان، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْكَعْبَةَ، فَكَبَّرَ فِي زَوَايَاهَا وَأَرْجَائِهَا، وَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ صَلَّى بَيْنَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: فَتَطَاوَلْت لَهَا وَرَجَوْت أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا الْمِفْتَاحَ، فَتَكُونُ فِينَا السِّقَايَةُ وَالْحِجَابَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَيْنَ عُثْمَان ؟ هَاكُمْ مَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ. ثُمَّ رَقَى بِلاَلٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ: مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَوا: بِلاَلُ بْنُ رَبَاحٍ، قَالَ: عَبْدُ أَبِي بَكْرٍ الْحَبَشِيُّ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، قَالَ: أَيْنَ ؟ قَالَوا: عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، قَالَ: عَلَى مَرْقِبَةِ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ ؟ قالَوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا يَقُولُ ؟ قَالَوا: يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبَا خَالِدٍ عَنْ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ، يَعَنْي أَبَاهُ، وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمُشْرِكِينَ. وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى حُنَيْنٍ، وَجَمَعَتْ لَهُ هَوَازِنُ بِحُنَيْنٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَهُزِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ اللَّهُ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَنْ دَابَّتِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك إِنْ شِئْت لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ، شَاهَتِ الْوُجُوهُ، ثُمَّ رَمَاهُمْ بِحَصْبَاءَ كَانَتْ فِي يَدِهِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم السَّبْيَ وَالأَمْوَالَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ شِئْتُمْ فَالْفِدَاءُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَالسَّبْيُ، قَالُوا: لَنْ نُؤْثِرَ الْيَوْمَ عَلَى الْحَسَبِ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِذَا خَرَجْتُ فَاسْأَلُونِي، فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمُ الَّذِي لِي، وَلَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيَّ أَحَدٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَاحُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي لِي فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلاَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا الَّذِي لِي فَإِنِّي لاَ أُعْطِيهِ، قَالَ: أَنْتَ عَلَى حَقِّكَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصَارَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ عَوْرَاءُ. ثُمَّ حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ الطَّائِفِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، دَعَنْي فَأَدْخُلْ عَلَيْهِمْ، فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، قَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوك، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مِثْلُهُ فِي قَوْمِهِ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: خُذُوا مَوَاشِيَهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ، جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، قَالَ أَنَسٌ: حَتَّى انْتَزَعُوا رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَأَبْدَوْا عَنْ مِثْلِ فِلْقَةَ الْقَمَرِ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، لاَ أَبَا لَكُمْ، أَتَبْخَلُونَنِي، فَوَاللهِ أَنْ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا إِبِلاً وَغَنَمًا لأَعْطَيْتُكُمُوهُ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَئِذٍ مِئَةً مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى النَّاسَ. فَقَالَتِ الأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَمْ أَجِدْكُمْ عَالةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بَي ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي ؟ قَالَوا: بَلَى، قَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولاً فَنَصَرْنَاك، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا طَرِيدًا فَآوَيْنَاك، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: جِئْتنَا عَائِلاً فَآسَيْنَاك، قَالَوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنَّ، قَالَ: أَفَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ، وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلَى دِيَارِكُمْ ؟ قَالَوا: بَلَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: النَّاسُ دِثَارٌ، وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ. وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَقَالَ: اُكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً، قَالَ: إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَك مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ قَوْمُهُ: اُكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً، فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ، فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا، فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ، مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ: إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا، فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا، جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا. 38056- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي السَّوَادِءِ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. 38057- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ مَكَّةَ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ، فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ، فَكَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ، فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ، وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ، فَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ، وَقَتَلُوا فِيهُمْ، فَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَكُونُوا قَدْ نَقَضُوا، فَقَالُوا لأَبِي سُفْيَانَ: اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ. فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَدْ جَاءَكُمْ أَبُو سُفْيَانَ، وَسَيَرْجِعُ رَاضِيًا بِغَيْرِ حَاجَتِهِ، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، أَوَ قَالَ: بَيْنَ قَوْمِكَ، قَالَ: لَيْسَ الأَمْرُ إِلَيَّ، الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ لَهُ فِيمَا قَالَ: لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ ظَلَّلُوا عَلَى قَوْمٍ وَأَمَدُّوهُمْ بِسِلاَحٍ وَطَعَامٍ، أَنْ يَكُونُوا نَقَضُوا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ. ثُمَّ أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنَقَضْتُمْ ؟ فَمَا كَانَ مِنْهُ جَدِيدًا فَأَبْلاَهُ اللَّهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ شَدِيدًا، أَوْ مَتِينًا فَقَطَعَهُ اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ شَاهِدَ عَشِيرَةٍ، ثُمَّ أَتَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ، هَلْ لَك فِي أَمْرٍ تَسُودِينَ فِيهِ نِسَاءَ قَوْمِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهَا نَحْوًا مِمَاْ ذَكَرَ لأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَيْسَ الأَمْرُ إِلَي، الأَمْرُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ أَتَى عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَضَلَّ، أَنْتَ سَيِّدُ النَّاسِ، فَأَجِزْ الْحِلْفَ وَأَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، وَقَالَ: قَدْ أَجْرَتُ النَّاسَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى مَكَّةَ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا صَنَعَ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ وَافِدَ قَوْمٍ، وَاللهِ مَا أَتَيْتَنَا بِحَرْبٍ فَنَحْذَرَ، وَلاَ أَتَيْتَنَا بِصُلْحٍ فَنَأْمَنَ، ارْجِعْ. قَالَ: وَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ، وَدَعَا إِلَى النُّصْرَةِ، وَأَنْشَدَهُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا: لاَهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا *** حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الأَتْلَدَا. وَوَالِدًا كُنْتَ وَكُنَّا وَلَدًا *** إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا. وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُؤَكَّدَا *** وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءٍ رُصَّدَا. وَزَعَمْتْ أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدًا ... فَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا. وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدًا *** نَتْلُو الْقُرْآنَ رُكَّعًا وَسُجَّدًا. ثُمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدًا *** فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا أَعْتَدَا. وَابْعَثْ جُنُودَ اللهِ تَأْتِي مَدَدًا *** فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا *** إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا. قالَ حَمَّادٌ: هَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ، وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أسْحَاقَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ: قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: أَتَانِي وَلَمْ أَشْهَدْ بِبَطْحَاءِ مَكَّة *** رِجَالُ بَنِي كَعْبٍ تُحَزَّ رِقَابُهَا. وَصَفْوَانُ عُودٌ حُزَّ مِنْ وَدَقٍ اسْتِهِ ... فَذَاكَ أَوَانُ الْحَرْبِ شُدَّ عِصَابُهَا. فَلاَ تَجْزَعَنْ يَابْنَ أَمِّ مُجَالِدٍ *** فَقَدْ صَرَّحَتْ صِرْفًا وأََعَصل نَابهَا. فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ يَنَالَنَّ مَرَّةً *** سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو حَوْبَهَا وَعِقَابَهَا. قالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ، فَارْتَحَلُوا، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا مَرًّا، قَالَ: وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى نَزَلَ مَرًّا لَيْلاً، قَالَ: فَرَأَى الْعَسْكَرَ وَالنِّيرَانَ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ ؟ فَقِيلَ: هَذِهِ تَمِيمٌ، مَحَّلَتْ بِلاَدَهَا فَانْتَجَعَتْ بِلاَدَكُمْ، قَالَ: وَاللهِ، لَهَؤُلاَءِ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ مِنًى، أَوْ قَالَ: مِثُلُ أَهْلِ مِنًى، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: دُلُّونِي عَلَى الْعَبَّاسِ، فَأَتَى الْعَبَّاسَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِاللاَتِ وَالْعُزَّى ؟. قَالَ أَيُّوبُ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَلِيلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْقُبَّةِ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ: إِخْرَ عَلَيْهَا، أَمَّا وَاللهِ أَنْ لَوْ كُنْت خَارِجًا مِنَ الْقُبَّةِ مَا قُلْتهَا أَبَدًا. قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَوا: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ. فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، وَذَهَبَ بِهِ الْعَبَّاسُ إلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارَ النَّاسُ لِطَهُورِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، مَا لِلنَّاسِ ؟ أُمِرُوا بِشَيْءٍ ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهُمْ قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: فَأَمَرَهُ الْعَبَّاسُ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الصَّلاَةَ كَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُمْ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَلاَ فَارِسَ الأَكارِمَ، وَلاَ الرُّومَ ذَاتَ الْقُرُونِ، بِأَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ. قَالَ حَمَّادٌ: وَزَعَمَ يَزِيدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ، أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيك وَاللهِ عَظِيمَ الْمُلْكِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُلْكٍ وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ: أَوْ ذَاكَ، أَوْ ذَاكَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ. قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ، قَالَ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لِي فَأَتَيْتُهُمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَمَّنْتُهُمْ، وَجَعَلْتَ لأَبِي سُفْيَانَ شَيْئًا يُذْكَرُ بِهِ، فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ، فَرَكِبَ بَغْلَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الشَّهْبَاءَ وَانْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، رُدُّوا عَلَيَّ أَبِي، فَإِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْعَلَ بِهِ قُرَيْشٌ مَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ، دَعَاهُمْ إِلَى اللهِ فَقَتَلُوهُ، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَكِبُوهَا مِنْهُ لأَضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِمْ نَارًا. فَانْطَلَقَ الْعَبَّاسُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، قَدَ اسْتَبْطِنْتُمْ بِأَشْهَبَ بَاذِلٍ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بَعَثَ الزُّبَيْرَ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُمُ الْعَبَّاسُ: هَذَا الزُّبَيْرُ مِنْ قِبَلِ أَعْلَى مَكَّةَ، وَهَذَا خَالِدٌ مِنْ قِبَلِ أَسْفَلِ مَكَّةَ، وَخَالِدٌ مَا خَالِدٌ ؟ وَخُزَاعَةُ الْمُجَدَّعَةُ الأُنُوفِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلاَحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَتَرَامَوْا بِشَيْءٍ مِنَ النَّبْلِ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ خُزَاعَةَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، فَذَكَرَ أَرْبَعَةً: مِقْيَسَ بْنَ صَبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ، وَابْنَ خَطَلٍ، وَسَارَةَ مَوْلاَةَ بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ حَمَّادٌ: سَارَةُ، فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ: قَالَ: فَقَتَلَهُمْ خُزَاعَةُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، أَتَخْشَوْنَهُمْ، فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمَ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ، وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قَالَ: خُزَاعَةُ، {وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} قَالَ: خُزَاعَةُ، {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}قَالَ: خُزَاعَةُ. 38058- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي إِسْحَاقَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَسَايَرَنَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو إِسْحَاقَ: كَيْفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَقَدْ رَعَدَتْ هَذِهِ السَّحَابَةُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ ؟ فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ: لَقَدْ فَصَلَتْ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْنَا رِسَالَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى خُزَاعَةَ، وَكَتَبْتُهَا يَوْمَئِذٍ، كَانَ فِيهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى بُدَيْلٍ، وَبُسْرٍ، وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ، الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، أَمَّا بَعْدَ ذَلِكُمْ: فَإِنِّي لَمْ آثَمْ بَإِلَّكُمْ، وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ، وَإِنَّ أَكْرَمَ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَيَّ أَنْتُمْ، وَأَقْرَبَهُ رَحِمًا، وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ، وَإِنِّي قَدْ أَخَذْتُ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ لِنَفْسِي، وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ غَيْرَ سَاكِنِ مَكَّةَ، إِلاَّ مُعْتَمِرًا، أَوْ حَاجًّا، وَإِنِّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ إِنْ سَلِمْتُمْ، وَإِنَّكُمْ غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ قِبَلِي، وَلاَ مُحْصَرِينَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاَثَةَ، وَابْنُ هَوْذَةَ، وَبَايَعَا وَهَاجَرَا عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُمَا مِنْ عِكْرِمَةَ، وَأَخَذَ لِمَنْ تَبِعَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّ بَعْضُنَا مِنْ بَعْضٍ فِي الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَإِنِّي وَاللهِ مَا كَذَبْتُكُمْ، وَلِيُحْيِّكُمْ رَبُّكُمْ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: هَؤُلاَءِ خُزَاعَةُ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِي، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ نُزُولٌ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَمَكَّةَ، وَلَمْ يُسْلِمُوا حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ كَانُوا حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38059- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حدَّثَنَا حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: كُفُّوا السِّلاَحَ، إِلاَّ خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ، فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّوْا الْعَصْرَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: كُفُّوا السِّلاَحَ، فَلَقِيَ مِنَ الْغَدِ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلاً مِنْ بَنِي بَكْرٍ فَقَتَلَهُ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَمَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ. 38060- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، وَفِي الْبَيْتِ وَحَوْلَ الْبَيْتِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَكُبَّتْ كُلُّهَا لِوُجُوهِهَا، ثُمَّ قَالَ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْبَيْتَ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، فَرَأَى فِيهِ تِمْثَالَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ جَعَلُوا فِي يَدِ إِبْرَاهِيمَ الأَزْلاَمَ يَسْتَقْسِمُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: قَاتَلَهُمَ اللَّهُ، مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِزَعْفَرَانٍ، فَلَطَّخَهُ بِتِلْكَ التَّمَاثِيلِ. 38061- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ صَنَمًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} {جَاءَ الْحَقُّ، وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}. 38062- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْيَمَ، عْن عَلِيٍّ، قَالَ: انْطَلَقَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى أَتَى بِي الْكَعْبَةَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ الْكَعْبَةِ، وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى مَنْكِبَيْ، ثُمَّ قَالَ لِي: انْهَضْ بِي، فَنَهَضْتُ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى ضَعْفِي تَحْتَهُ، قَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ فَنَزَلَ عَنِّي، وَجَلَسَ لِي، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، اصْعَدْ عَلَى مَنْكِبَي، فَصَعِدْتُ عَلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ نَهَضَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَلَمَّا نَهَضَ بِي خُيِّلَ إِلَيَّ أَنِّي لَوْ شِئْتُ نِلْتُ أُفُقَ السَّمَاءِ، فَصَعِدْتُ عَلَى الْكَعْبَةِ، وَتَنَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ لِي: أَلْقِ صَنَمَهُمْ الأَكْبَرِ، صَنَمِ قُرَيْشٍ، وَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ مَوْتُودًا بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: عَالِجْهُ، فَجَعَلْتُ أُعَالِجُهُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ لِي: إِيهٍ، فَلَمْ أَزَلْ أُعَالِجُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: اقْذِفْهُ، فَقَذَفْتُهُ وَنَزَلْتُ. 38063- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي الْبَيْتِ، وَفِي أَيْدِيهِمَا الْقِدِاحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَا لإِبْرَاهِيمَ وَلِلْقِدِاحِ ؟ وَاللهِ مَا اسْتَقْسَمَ بِهَا قَطُّ، ثُمَّ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبُلَّ وَمَحَى بِهِ صُوَرَهُمَا. 38064- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَدِمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَالأَنْصَابُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، فَجَعَلَ يُكَفؤهَا لِوُجُوهِهَا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم خَطِيبًا، فَقَالَ: أَلاَ إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، غَيْرَ أَنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلاَّ أَنْ تُعَرَّفَ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، إِلاَّ الإِذْخِرَ، لِصَاعَتِنَا وَبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ: إِلاَّ الإِذْخِرَ، إِلاَّ الإِذْخِرَ. 38065- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: حدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْكَعْبَةَ، فَرَأَى فِي الْبَيْتِ صُورَةً، فَأَمَرَنِي فَأَتَيْتُهُ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ تِلْكَ الصُّورَةَ وَيَقُولُ: قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمًا يُصَوِّرُونَ مَا لاَ يَخْلُقُونَ. 38066- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَرْصَاءَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: لاَ تُغْزَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. 38067- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَوَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُطِيعٍ، عنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ أَبَدًا. 38068- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ، قَالَ: حدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ: عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ خَطَلٍ، وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ. فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارٌ، فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ. وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لأَهْلِ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللهِ لَئِنْ لَمْ يُنْجِينِي فِي الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ مَا يُنْجِينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَك عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، أَنْ آتِي مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدَيْ فِي يَدِهِ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، قَالَ: فَجَاءَ فَأَسْلَمَ. وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عَنْدَ عُثْمَانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلاَثِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ ؟ قَالَوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلاَ أَوْمَأْت إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟ قَالَ: إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ. 38069- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ نَزَعَهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اُقْتُلُوهُ. 38070- حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ؛ أَنَّ أَبَا بَرْزَةَ قَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. 38071- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ ثَمَانِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم سِلْمًا، فَعَفَا عَنْهُمْ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}. 38072- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ، تَعَنِي ضَفَائِرَ. 38073- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. 38074- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ (ح) وَعَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دَخَلَ مَكَّةَ حِينَ دَخَلَهَا وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِشُقَّةِ بُرْدٍ أَسْوَدَ، فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ، وَفِي يَدِهِ مِحْجَنٌ يَسْتَلِمُ بِهِ الأَرْكَانَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا وَجَدْنَا لَهَا مُنَاخًا فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَيْدِي الرِّجَالِ، ثُمَّ خُرِجَ بِهَا حَتَّى أُنِيخَتْ فِي الْوَادِي، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمْ عُِبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظَّمَهَا بِآبَائِهَا، النَّاسُ رَجُلاَنِ: فَبَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَكَافِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أَقُولُ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. قَالَ: ثُمَّ عَدَلَ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَأُتِيَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَغَسَلَ مِنْهَا وَجْهَهُ، مَا تَقَعُ مِنْهُ قَطْرَةٌ إِلاَّ فِي يَدِ إِنْسَانٍ، إِنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا يَحْسُوهَا حَسَاهَا، وَإِلاَّ مَسَحَ بِهَا، وَالْمُشْرِكُونَ يَنْظُرُونَ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مَلِكًا قَطَّ أَعْظَمَ مِنَ الْيَوْمِ، وَلاَ قَوْمًا أَحْمَقَ مِنَ الْيَوْمِ. ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً، فَرَقَيَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَذَّنَ بِالصَّلاَةِ، وَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَتَجَرَّدُوا فِي الأُزُرِ، وَأَخَذُوا الدِّلاَءَ، وَارْتَجَزُوا عَلَى زَمْزَمَ يَغْسِلُونَ الْكَعْبَةَ، ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا، فَلَمْ يَدَعُوا أَثَرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلاَّ مَحَوْهُ، أَوْ غَسَلُوهُ. 38075- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالاَ: وَكَانَ بِهَا يَوْمَئِذٍ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِئَة وَثَنٍ عَلَى الصَّفَا، وَعَلَى الْمَرْوَةِ صَنَمٌ، وَمَا بَيْنَهُمَا مَحْفُوفٌ بِالأَوْثَانِ، وَالْكَعْبَةُ قَدْ أُحِيطَتْ بِالأَوْثَانِ، قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَمَعَهُ قَضِيبٌ يُشِيرُ بِهِ إِلَى الأَوْثَانِ، فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَيَتَسَاقَطَ، حَتَّى أَتَى إِسَافًا وَنَائِلَةَ، وَهُمَا قُدَّامَ الْمَقَامِ، مُسْتَقْبِلٌ بَابَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: عَفِّرُوهُمَا، فَأَلْقَاهُمَا الْمُسْلِمُونَ، قَالَ: قُولُوا، قَالَوا: مَا نَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: قُولُوا: صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ. 38076- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلاً مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ بَعْدِي، أَلاَ وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ، حَرَامٌ، لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلاَّ مُنْشِد، وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفَادِيَ أَهْلَ الْقَتِيلِ. قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاهٍ، فَقَالَ: اُكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اُكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِلاَّ الإِذْخِرَ. 38077- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَمْرو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدُّؤَلِ بْنِ بَكْرٍ: لَوَدِدْت أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَسَمِعْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: انْطَلِقْ مَعِي، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَقْتُلَنِي خُزَاعَةُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى انْطَلَقَ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَعَرَفَهُ فَضَرَبَ بَطْنَهُ بِالسَّيْفِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُك أَنَّهُمْ سَيَقْتُلُونَنِي، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَرَّمَ مَكَّةَ، لَيْسَ النَّاسُ حَرَّمُوهَا، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَهِيَ بَعْدُ حَرَمٌ، وَإِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللهِ ثَلاَثَةٌ: مَنْ قَتَلَ فِيهَا، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلٍ، أَوْ طَلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلأَدِيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ. قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَحَدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، فَقُلْتُ: أَعْدَى اللَّهَ، فَقَالَ: أَعْدَى. 38078- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ لَمَّا جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ، فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا ؟ قَالَ، نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ. 38079- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَذِهِ حَرَمٌ، يَعَنْي مَكَّةَ، حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَوَضَعَ هَذَيْنِ الأَخْشَبَيْنِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ ترْفَعُ لُقَطَتَهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لاَ صَبْرَ لَهُمْ عَنِ الإِذْخِرِ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُنْيَانِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِلاَّ الإِذْخِرَ. 38080- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ صَعِدَ بِلاَلٌ الْبَيْتَ فَأَذَّنَ، فَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا الْعَبْدِ، فَقَالَ الْحَارِثُ: إِنْ يَكْرَهْهُ اللَّهُ يُغَيِّرْهُ. 38081- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ بِلاَلاً أَذَّنَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَوْقَ الْكَعْبَةِ. 38082- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ بِثَمَانِيَةِ آلاَفٍ، أَوْ عَشَرَةِ آلاَفٍ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ بِأَلْفَيْنِ. 38083- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَتْ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، قَالَتْ: فَخَبَّأْتُهُمَا فِي بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: لأَقْتُلَنَّهُمَا، قَالَتْ: فَأَغْلَقْت الْبَابَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ فِي جَفْنَةٍ، إِنَّ فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ غُسْلِهِ، أَخَذَ ثَوْبًا فَتَوَشَّحَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مِنَ الضُّحَى، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلاً بِأُمِّ هَانِئٍ، مَا جَاءَ بِكَ ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَرَّ إِلَيَّ رَجُلاَنِ مِنْ أَحْمَائِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَزَعَمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُمَا، فَقَالَ: لاَ، قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ. 38084- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَتَّى خَتَمَهَا، وَقَالَ: النَّاسُ حَيِّزٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ، وَقَالَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ . فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: كَذَبْتَ، وَعَنْدَهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَهُمَا قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَوْ شَاءَ هَذَانِ لَحَدَّثَاك، وَلَكِنْ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عِرَافَةِ قَوْمِهِ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، فَسَكَتَا، فَرَفَعَ مَرْوَانُ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ، قَالاَ: صَدَقَ. 38085- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا. 38086- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أُمِّ يَحْيَى بِنْتِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: جِئْتُ بِأَبِي يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا يُبَايِعُك عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. 38087- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ بْن أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ. 38088- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنَا وَأَخِي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: مَضَتِ الْهِجْرَةُ لأَهْلِهَا، فَقُلْتُ: عَلاَمَ نُبَايِعُك يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ، قَالَ: فَلَقِيتُ أَخَاهُ فَسَأَلْتُهُ ؟ فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ. 38089- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم صَامَ عَامَ الْفَتْحِ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ، ثُمَّ أَفْطَرَ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالآخِرِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38090- حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَقَامَ حَيْثُ فَتَحَ مَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، يَقْصُرُ الصَّلاَةَ حَتَّى سَارَ إِلَى حُنَيْنٍ. 38091- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، أَمَّنَ النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةً. 38092- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَك فَتْحًا مُبِينًا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصْحَابُهُ مُخَالِطُو الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ، قَالَ: نَزَلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا جَمِيعًا، فَلَمَّا تَلاَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَنِيئًا مَرِيئًا، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ مَا يُفْعَلُ بِكَ، فَمَاذَا يُفْعَلُ بِنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ. 38093- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مَكْحُولٌ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ تَلَقَّتْهُ الْجِنُّ بِالشَّرَرِ يَرْمُونَهُ، فَقَالَ جِبْرَائِيلُ: تَعَوَّذْ يَا مُحَمَّدُ، فَتَعَوَّذَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فَدُحِرُوا عَنْهُ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ، الَّتِي لاَ يُجَاوِزهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا بُثَّ فِي الأَرْضِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، إِلاَّ طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. 38094- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَلَى اللاَتِ، فَقَالَ: يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَكِ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ. 38095- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ، دَعَا شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ بِالْمِفْتَاحِ، مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ، فَتَلَكَّأَ، فَقَالَ لِعُمَرَ: قُمْ فَاذْهَبْ مَعَهُ، فَإِنْ جَاءَ بِهَا وَإِلاَّ فَاجْلِدْ رَأْسَهُ، قَالَ: فَجَاءَ بِهَا، قَالَ: فَأَجَالَهَا فِي حَجَرِهِ وَشَيْبَةُ قَائِمٌ، قَالَ: فَبَكَى شَيْبَةُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: هَاكَ فَخُذْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ رَضِيَ لَكُمْ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلاَمِ. 38096- حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. 38097- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ لِعَشْرٍ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ. 38098- حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَمَرَ أَنْ تُطْمَسَ التَّمَاثِيلُ الَّتِي حَوْلَ الْكَعْبَةِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ. 38099- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم اعْتَمَرَ عَامَ الْفَتْحِ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ الْمَنَاسِكَ، وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ: مَنْ حَجَّ الْعَامَ فَهُوَ آمِنٌ، وَلاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكَ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. 38100- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالأَصْنَامِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهَا تُدْهَنُ بِهَا السُّفُنُ وَالْجُلُودُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا ؟ قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، أَخَذُوهَا فَجَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا. 38101- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزْهَرِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَامَ الْفَتْحِ، وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيد، فَأُتِيَ بِشَارِبٍ، فَأَمَرَهُمْ فَضَرَبُوهُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَ بِالسَّوْطِ، وَبِالنَّعْلِ، وَبِالْعِصِي، وَحَثَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم التُّرَابَ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ أُتِيَ بِشَارِبٍ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ: كَمْ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الَّذِي ضَرَبَ ؟ فَحزَّرَهُ أَرْبَعِينَ، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. 38102- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمَيَّةَ، ابْنِ أَخِي يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ يَعْلَى، قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِأَبِي أُمَيَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ، فَقَدَ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ. 38103- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ السَّائِبِ؛ أَنَّهُ كَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَبْلَ الإِسْلاَمِ فِي التِّجَارَةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَتَاهُ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي كَانَ لاَ يُدَارِي، وَلاَ يُمَارِي يَا سَائِبُ، قَدْ كُنْت تَعْمَلُ أَعْمَالاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لاَ تُتَقَبَّلُ مِنْك، وَهِيَ الْيَوْمُ تُتَقَبَّلُ مِنْك . وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصِلَةٍ. 38104- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وَدَخَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ تَقْتُلَنَّ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَك عَلَى مَا صَنَعْت ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ لاَ أَصْنَعَ إِلاَّ الَّذِي صَنَعْتُ. 38105- حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: مُحَمَّدُ (بْنُ عَبَّادِ) بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الْفَتْحِ، فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا ذَكَرَ عِيسَى، أَوْ مُوسَى، أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ. 38106- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ بَعْضِ حُجَرِهِ فَجَلَسَ عِنْدَ بَابِهَا، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ وَحْدَهُ لَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَدْعُوَهُ، قَالَ: اُدْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ، قَالَ: فَجَاءَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلاً، ثُمَّ أَمَرَهُ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: اُدْعُ لِي عُمَرَ، فَجَاءَ فَجَلَسَ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ فَنَاجَاهُ طَوِيلا، فَرَفَعَ عُمَرُ صَوْتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، هُمَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّك سَاحِرٌ، وَأَنَّك كَاهِنٌ، وَأَنَّك كَذَّابٌ، وَأَنَّك مُفْتَرٍ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَقُولُونَهُ إِلاَّ ذَكَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنَ الْجَانِبِ الآخَرِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ. ثُمَّ دَعَا النَّاسَ، فَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِمِثْلِ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنِ ؟ قَالَوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أَلْيَنَ فِي اللهِ مِنَ الدُّهْنِ فِي اللَّبَنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ نُوحًا كَانَ أَشَدَّ فِي اللهِ مِنَ الْحَجَرِ، وَإِنَّ الأَمْرَ أَمْرُ عُمَرَ، فَتَجَهَّزُوا، فَقَامُوا فَتَبِعُوا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّا كَرِهْنَا أَنْ نَسْأَلَ عُمَرَ، مَا هَذَا الَّذِي نَاجَاك بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟ قَالَ: قَالَ لِي: كَيْفَ تَأْمُرُونِي فِي غَزْوِ مَكَّةَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُمْ قَوْمُك، قَالَ: حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُطِيعُنِي، قَالَ: ثُمَّ دَعَا عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُمْ رَأْسُ الْكُفْرِ، حَتَّى ذَكَرَ كُلَّ سُوءٍ كَانُوا يَذْكُرُونَهُ، وَأَيْمُ اللهِ لاَ تَذِلُّ الْعَرَبُ حَتَّى يَذِلَّ أَهْلُ مَكَّةَ، فَأَمُرَكُمْ بِالْجِهَادِ لِتَغْزُوا مَكَّةَ.
38107- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ مُرَّةُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: اُغْدُوَا عَلَى الْقِتَالِ، فَغَدَوْا، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38108- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ جَبْرٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَكَّةَ انْصَرَفَ إِلَى الطَّائِفِ، فَحَاصَرَهُمْ تِسْعَ عَشْرَةَ، أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ فَلَمْ يَفْتَتِحْهَا، ثُمَّ أَوْغَلَ رَوْحَةً، أَوْ غَدْوَةً، فَنَزَلَ، ثُمَّ هَجَّرَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، فَأُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْرًا، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَلتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ، أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً مِنِّي، أَوْ كَنَفْسِي، فَلَيَضْرِبَنَّ أعَنْاقَ مُقَاتِلَتِهِمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَّهُمْ، قَالَ: فَرَأَى النَّاسُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: هَذَا. 38109- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَجَاءَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَرَقَتْنَا نِبَالُ ثَقِيفٍ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَ اهْدِ ثَقِيفًا، مَرَّتَيْنِ. قَالَ: وَجَاءَتْهُ خَوْلَةُ، فَقَالَ: إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّ بِنْتَ خُزَاعَةَ ذَاتُ حُلِيٍّ، فَنَفِّلَنِّي حُلِيَّهَا إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْك الطَّائِفَ غَدًا، قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَنَا فِي قِتَالِهِمْ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ، نُرَاهُ عُمَرَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مُقَامُك عَلَى قَوْمٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَك فِي قِتَالِهِمْ ؟ قَالَ: فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ، فَنَزَلَ الْجِعْرَانَةَ ، فَقَسَّمَ بِهَا غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ. 38110- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ، قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الطَّائِفِ كُلَّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ رَقِيقِ الْمُشْرِكِينَ. 38111- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ غُلاَمَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَوْمَ الطَّائِفِ فَأَعْتَقَهُمَا، أَحَدُهُمَا أَبُو بَكْرَةَ، فَكَانَا مَوْلَيَيْهِ. 38112- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مُحَاصِرًا وَادِيَ الْقُرَى. 38113- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، يَدْعُو عَلَيْهِمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ. 38114- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ سَمِعْتُ شَيْخًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ، أَحَدِ بَنِي سُوَاءَةَ، يُقَالُ لَهُ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَيَّةَ، قَالَ: أُصِيبَ رَجُلاَنِ يَوْمَ الطَّائِفِ، قَالَ: فَحُمِلاَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، قَالَ: فَأُخْبِرَ بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا أَنْ يُدْفَنَا حَيْثُ أُصِيبَا وَلُقِيَا. 38115- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ بِالنَّبَاةِ، أَوْ بِالنَّبَاوَةِ، وَالنَّبَاوَةُ مِنَ الطَّائِفِ: تُوشِكُونَ أَنْ تَعْرِفُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَخِيَارَكُمْ مِنْ شِرَارِكُمْ، قَالَوا: بِمَ، يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَالثَّنَاءِ السَّيِّئِ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ. 38116- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، وَهُوَ مُحَاصِرٌ ثَقِيفًا: مَا رَأَيْتُ الْمَلَكَ مُنْذُ نَزَلْتُ مَنْزِلِي هَذَا، قَالَ: فَانْطَلَقَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ، فَحَدَّثَتْ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَهَا، فَقَالَ: صَدَقَتْ، فَأَشَارَ عُمَرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم بِالرَّحِيلِ، فَارْتَحَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. 38117- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنْ حُنَيْنٍ بَعْدَ الطَّائِفِ، قَالَ: أَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ، فَإِنَّ الْغُلُولَ نَارٌ، وَعَارٌ، وَشَنَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ الْخُمُسَ، ثُمَّ تَنَاوَلَ شَعَرَةً مِنْ بَعِيرٍ، فَقَالَ: مَا لِي مِنْ مَالِكُمْ هَذَا إِلاَّ الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ. 38118- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مِنَ الطَّائِفِ نَزَلَ الْجِعْرَانَةَ، فَقَسَّمَ بِهَا الْغَنَائِمَ، ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْهَا، وَذَلِكَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ. 38119- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّهُ مَلَكَ يَوْمَ الطَّائِفِ خَالاَتٍ لَهُ، فَأُعْتِقْنَ بِمِلْكِهِ إِيَّاهُنَّ.
|