الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مصنف ابن أبي شيبة ***
32494- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} قَالَ: لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَابْنَتَيْهِ. 32495- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، قَالَ: قَالَ جُنْدُبٌ، قَالَ حُذَيْفَةُ: لَمَّا أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ إلَى قَوْمِ لُوطٍ لِيُهْلِكُوهُمْ قِيلَ لَهُمْ: لاَ تُهْلِكُوهُمْ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ لُوطٌ ثَلاَثَ مِرَارٍ، قَالَ: وَكَانَ طَرِيقُهُمْ عَلَى إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ: فَأَتَوْا إبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَلَمَّا بَشَّرُوهُ بِمَا بَشَّرُوهُ، قَالَ: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} قَالَ: وَكَانَ مُجَادَلَتُهُ إيَّاهُمْ إِنَّهُ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ فِيهَا خَمْسُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتُهْلِكُونَهُمْ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ فِيهَا أَرْبَعُونَ؟ قَالَ: قَالُوا: لاَ, حَتَّى انْتَهَى إلَى عَشْرَةٍ، أَوْ خَمْسَةٍ - حُمَيْدٌ شَكَّ فِي ذَلِكَ -، قَالَ: قَالُوا: فَأَتَوْا لُوطًا وَهُوَ يَعْمَلُ فِي أَرْضٍ لَهُ، قَالَ: فَحَسِبَهُمْ بَشَرًا، قَالَ: فَأَقْبَلَ بِهِمْ خَفِيًّا حَتَّى أَمْسَى إلَى أَهْلِهِ. قَالَ: فَمَشَوْا مَعَهُ فَالْتَفَتَ إلَيْهِمْ، قَالَ: وَمَا تَدْرُونَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ؟ قَالُوا: وَمَا يَصْنَعُونَ؟ فَقَالَ: مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ هُوَ شَرّ مِنْهُمْ، قَالَ: فَلَبِسُوا آدَاتَهُمْ عَلَى مَا قَالَ، وَمَشَوْا مَعَهُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ مِثْلَ هَذَا، فَأَعَادَ عَلَيْهِمْ مِثْلَ هَذَا ثَلاَثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَانْتَهَى بِهِمْ إلَى أَهْلِهِ، قَالَ: فَانْطَلَقَتِ امْرَأَتُهُ الْعَجُوزُ - عَجُوزُ السُّوءِ - إلَى قَوْمِهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ تَضَيَّفَ لُوطٌ اللَّيْلَةَ رِجَالاً مَا رَأَيْت رِجَالاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُمْ وُجُوهًا، وَلاَ أَطْيَبَ رِيحًا مِنْهُمْ. قَالَ: فَأَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إلَيْهِ حَتَّى دَافَعُوهُ الْبَابَ حَتَّى كَادُوا يَغْلِبُونَهُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَهْوَى مَلَكٌ مِنْهُمْ بِجَنَاحِهِ، فَصَفَقَهُ دُونَهُمْ، قَالَ: وَعَلاَ لُوطٌ الْبَابَ وَعَلَوْه مَعَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يُخَاطِبُهُمْ: {هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} قَالَ: فَقَالُوا: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّك لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} قَالَ: فَقَالَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً، أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} قَالَ: قَالُوا: {يَا لُوطُ إنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إلَيْك} قَالَ: فَذَاكَ حِينَ عَلِمَ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللهِ، ثُمَّ قَرَأَ إلَى قَوْلِهِ: {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}. قَالَ: وَقَالَ مَلَكٌ: فَأَهْوَى بِجَنَاحِهِ هَكَذَا -، يَعْنِي شِبْهَ الضَّرْبِ -, فَمَا غَشِيَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ إلاَّ عَمِيَ، قَالَ: فَبَاتُوا بِشَرِّ لَيْلَةٍ عُمْيَانًا يَنْتَظِرُونَ الْعَذَابَ، قَالَ: وَسَارَ بِأَهْلِهِ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ فِي هَلَكَتِهِمْ، فَأُذِنَ لَهُ، فَاحْتَمَلَ الأَرْضَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، قَالَ: فَأَلْوَى بِهَا حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ سَمَاءِ الدُّنْيَا ضُغَاءَ كِلاَبِهِمْ، قَالَ، ثُمَّ قَلَبَهَا بِهِمْ، قَالَ: فَسَمِعَتِ امْرَأَتُهُ -، يَعْنِي لُوطًا عَلَيْهِ السَّلاَمُ - الْوَجْبَةَ وَهِيَ مَعَهُ فَالْتَفَتَتْ فَأَصَابَهَا الْعَذَابُ، قَالَ: وَتَتَبَّعَتْ سُفّارَهُمْ بِالْحِجَارَةِ.
32496- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُنَادِي: لَبَّيْكَ, قَالَ: وَجِبَالُ الرَّوْحَاءِ تُجِيبُهُ. 32497- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ سَمِعَ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ وَهُوَ فِي السُّوقِ وَهُوَ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ, فَضَرَبَ وَجْهَهُ, وَقَالَ: أَيْ خَبِيثُ, أَعَلَى أَبِي الْقَاسِمِ؟ فَانْطَلَقَ الْيَهُودِيُّ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ, ضَرَبَ وَجْهِي فُلاَنٌ, فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: لِمَ ضَرَبْت وَجْهَهُ، فَقَالَ: إنِّي مَرَرْت بِهِ فِي السُّوقِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ, فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ, فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي أَصَعِقَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ حُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ الأُولَى، أَوَ قَالَ: كَفَتْهُ صَعْقَتُهُ الأُولَى. 32498- حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: إنَّ اللَّهَ قَسَمَ كَلاَمُهُ وَرُؤْيَتَهُ بَيْنَ مُوسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَكَلَّمَهُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ، وَرَآهُ مُحَمَّدٌ مَرَّتَيْنِ. 32499- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّليل، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ - وَكَانَ مِنْ أكْثَرِ النَّاسِ، أَوْ مِنْ أَحْدَثِ النَّاسِ، عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ - قَالَ: فَحَدَّثَنَا أَنَّ الشِّرْذِمَةَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ فِرْعَوْنُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانُوا سِتَّمِئَةِ أَلْفٍ, وَكَانَ مُقَدَّمَةُ فِرْعَوْنَ سَبْعَمِئَةِ أَلْفٍ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى حِصَانٍ, عَلَى رَأْسِهِ بَيْضَةٌ وَبِيَدِهِ حَرْبَةٌ وَهُوَ خَلْفَهُمْ فِي الدُّهْمِ، فَلَمَّا انْتَهَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِبَنِي إسْرَائِيلَ إلَى الْبَحْرِ، قَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ: أَيْنَ مَا وَعَدْتنَا هَذَا الْبَحْرُ بَيْنَ أَيْدِينَا, وَهَذَا فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ قَدْ دَهَمَنَا أَو مِنْ خَلْفِنَا، فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِلْبَحْرِ: انْفَلِقْ أَبَا خَالِدٍ، فَقَالَ: لاَ أَنَفْلِقُ لَك يَا مُوسَى, أَنَا أَقْدَمُ مِنْك خَلْقًا، أَوْ أَشَدُّ، قَالَ: فَنُودِيَ: {أَنَ اضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْرَ} فَضَرَبَ {فَانْفَلَقَ}. قَالَ الْجُرَيْرِيُّ: وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا, وَكَانَ لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ، فَلَمَّا انْتَهَى أَوَّلُ جُنُودِ فِرْعَوْنَ إلَى الْبَحْرِ هَابَتِ الْخَيْلُ اللهب, وَمُثِّلَ لِحِصَانٍ مِنْهَا فَرَسٌ وَدِيقٌ, فَوَجَدَ رِيحَهَا، فَأبسلَ تَتْبَعُهُ الْخَيْلُ، فَلَمَّا تَتَامَّ آخِرُ جُنُودِ فِرْعَوْنَ فِي الْبَحْرِ خَرَجَ آخِرُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنَ الْبَحْرِ فَانْصَفَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ: مَا مَاتَ فِرْعَوْنُ، وَمَا كَانَ لِيَمُوتَ أَبَدًا، قَالَ: فَلَمْ يَعُدُ أَنْ سَمَّعَ اللَّهُ تَكْذِيبَهُمْ نَبِيَّهُ, فَرَمَى بِهِ عَلَى السَّاحِلِ كَأَنَّهُ ثَوْرٌ أَحْمَرُ يَتَرَاءاهُ بَنُو إسْرَائِيلَ. 32500- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أَسْرَى بِبَنِي إسْرَائِيلَ بَلَغَ فِرْعَوْنَ, فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ، ثُمَّ قَالَ: لاَ وَاللهِ لاَ يُفْرَغُ مِنْ سَلْخِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ إلَيَّ سِتُّمِئَةِ أَلْفٍ مِنَ الْقِبْطِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى انْتَهَى إلَى الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ: اُفْرُقْ، فَقَالَ: الْبَحْرُ: لَقَدَ اسْتَكْبَرْت يَا مُوسَى, وَهَلَ فَرَقْت لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ فَأَفَرُقَ لَك؟. قَالَ: وَمَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلٌ عَلَى حِصَانٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَاكَ الرَّجُلُ: أَيْنَ أُمِرْت يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْت إلاَّ بِهَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: فَأَقْحَمَ فَرَسَهُ فَسَبَحَ بِهِ فَخَرَجَ، فَقَالَ: أَيْنَ أُمِرْت يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْت إلاَّ بِهَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: وَاللهِ مَا كَذَبْت، وَلاَ كُذِّبْت، قَالَ: ثُمَّ اقْتَحَمَ الثَّانِيَةَ فَسَبَحَ بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: أَيْنَ أُمِرْت يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: مَا أُمِرْت إلاَّ بِهَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: وَاللهِ مَا كَذَبْت، وَلاَ كُذِّبْت، قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {أَنَ اضْرِبْ بِعَصَاك} فَضَرَبَ مُوسَى بِعَصَاهُ {فَانْفَلَقَ، فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا لاِثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا, لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ يَتَرَاءَوْنَ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصْحَابُ مُوسَى وَتَتَامَّ أَصْحَابُ فِرْعَوْنَ الْتَقَى الْبَحْرُ عَلَيْهِمْ فَأَغْرَقَهُمْ. 32501- عن أبي نضرة، عن جابر: {فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ} قَالَ: موسى ممن استثنى الله. 32502- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: انْطَلَقَ مُوسَى وَهَارُونُ عليهما السلام وَانْطَلَقَ شَبَّر وَشَبِير, فَانْتَهَوْا إلَى جَبَلٍ فِيهِ سَرِيرٌ فَنَامَ عَلَيْهِ هَارُونُ فَقُبِضَ رُوحُهُ, فَرَجَعَ مُوسَى إلَى قَوْمِهِ، فَقَالُوا: أَنْتَ قَتَلْته, حَسَدْتَنَا عَلَى خُلُقِهِ، أَوْ عَلَى لِينِهِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - الشَّكُّ مِنْ سُفْيَانَ -، قَالَ: كَيْفَ أَقْتُلُهُ وَمَعِي ابْنَاهُ؟ قَالَ: فَاخْتَارُوا من شئتم، قَالَ: فَاخْتَارُوا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ عَشْرَةً، قَالَ: وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} فَانْتَهَوْا إلَيْهِ فَقَالُوا: مَنْ قَتَلَك يَا هَارُونُ، قَالَ: مَا قَتَلَنِي أَحَد, وَلَكِنْ تَوَفَّانِي اللَّهُ، قَالُوا: يَا مُوسَى مَا تُعْصَى بَعْدُ، قَالَ: فَأَخَذَتْهُمَ الرَّجْفَةُ, فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ يَمِينًا وَشِمَالاً وَيَقُولُ: {لَوْ شِئْت أهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إنْ هِيَ إلاَّ فِتْنَتُك} قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ فَأَحْيَاهُمْ وَجَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ. 32503- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: حدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ، فَلَمَّا فَرَغُوا أَعَادُوا الصَّخْرَةَ عَلَى الْبِئْرِ، وَلاَ يُطِيقُ رَفْعَهَا إلاَّ عَشْرَةُ رِجَالٍ, فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ، قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا فَحَدَّثَتَاهُ فَأَتَى الْحَجَرَ فَرَفَعَهُ، ثُمَّ لَمْ يَسْتَقِ إلاَّ ذَنُوبًا وَاحِدًا حَتَّى رُوِيَتِ الْغَنَمُ وَرَجَعَتِ الْمَرْأَتَانِ إلَى أَبِيهِمَا فَحَدَّثَتَاهُ, وَتَوَلَّى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلَى الظِّلِّ، فَقَالَ: {رَبِّ إنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}. قَالَ: {فَجَاءَتْهُ إحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وَاضِعَةً ثَوْبَهَا عَلَى وَجْهِهَا، {قَالَتْ إنَّ أَبِي يَدْعُوك لِيَجْزِيَك أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} قَالَ لَهَا: امْشِي خَلْفِي وَصِفِي لِي الطَّرِيقَ, فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تُصِيبَ الرِّيحُ ثَوْبَك فَيَصِفَ لِي جَسَدَك، فَلَمَّا انْتَهَى إلَى أَبِيهَا قَصَّ عَلَيْهِ، قَالَتْ إحْدَاهُمَا: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} قَالَ: يَا بُنَيَّةُ, مَا عِلْمُك بِأَمَانَتِهِ وَقُوَّتِهِ، قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ فَرَفْعُهُ الْحَجَرَ، وَلاَ يُطِيقُهُ إلاَّ عَشْرَةٌ, وَأَمَّا أَمَانَتُهُ، فَقَالَ: لِي امْشِي خَلْفِي وَصِفِي لِي الطَّرِيقَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيبَ الرِّيحُ ثَوْبَك فَيَصِفَ جَسَدَك. فَقَالَ: عُمَرُ فَأَقْبَلَتْ إلَيْهِ لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنَ النِّسَاءِ لاَ خَرَّاجَةٍ وَلأَوَلاَجَةٍ, وَاضِعَةً ثَوْبُهَا عَلَى وَجْهِهَا. 32504- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَتَى مُوسَى قَوْمَهُ فَأَمَرَهُمْ بِالزَّكَاةِ, فَجَمَعَهُمْ قَارُونُ، فَقَالَ: هَذَا قَدْ جَاءَكُمْ بِالصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ وَبِأَشْيَاءَ تُطِيقُونَهَا, فَتَحْتَمِلُونَ أَنْ تُعْطُوهُ أَمْوَالَكُمْ؟ قَالُوا: مَا نَحْتَمِلُ أَنْ نُعْطِيَهُ أَمْوَالَنَا فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ نُرْسِلَ إلَى بَغِيِّ بَنِي إسْرَائِيلَ فَنَأْمُرَهَا أَنْ تَرْمِيَهُ عَلَى رُؤُوسِ الأَحْبَارِ وَالنَّاسِ بِأَنَّهُ أَرَادَهَا عَلَى نَفْسِهَا, فَفَعَلُوا, فَرَمَتْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهِمْ, فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى الأَرْضِ أَنْ أَطِيعِيهِ، فَقَالَ لَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: خُذِيهِمْ, فَأَخَذَتْهُمْ إلَى أَعقَابهم فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى فَقَالَ: خُذِيهِمْ, فَأَخَذَتْهُمْ إلَى رُكَبِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى، قَالَ: خُذِيهِمْ, فَأَخَذَتْهُمْ إلَى حُجَزِهِمْ, فَجَعَلُوا يَقُولُونَ يَا مُوسَى يَا مُوسَى، قَالَ: خُذِيهِمْ, فَأَخَذَتْهُمْ إلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى، قَالَ: فَأَخَذَتْهُمْ فَغَيَّبَتْهُمْ, فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا مُوسَى, سَأَلَك عِبَادِي وَتَضَرَّعُوا إلَيْك فَأَبَيْت أَنْ تُجِيبَهُمْ, أَمَا وَعِزَّتِي لَوْ إيَّايَ دَعَوْنِي لاَجَبْتُهُمْ. 32505- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُوسَى بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ: {وَأَلْقَيْت عَلَيْك مَحَبَّةً مِنِّي} قَالَ: حَبَّبْتُك إلَى عِبَادِي. 32506- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ. 32507- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَيَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ؟ قَالَ: أَوْفَاهُمَا وَأَتَمَّهُمَا. 32508- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُئِلَ أَيُّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَتَمَّهُمَا وَآخِرَهُمَا. 32509- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي قَوْلِهِ: {لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا} قَالَ: قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: إِنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ يَغْتَسِلُ, فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَةٍ، فَخَرَجَتِ الصَّخْرَةُ تَشْتَدُّ بِثِيَابِهِ، وَخَرَجَ يَتْبَعُهَا عُرْيَانًا حَتَّى انْتَهَتْ بِهِ إلَى مَجَالِسِ بَنِي إسْرَائِيلَ، قَالَ: فَرَأَوْهُ لَيْسَ بِآدَرَ، قَالَ: فَذَاكَ قَوْلُهُ {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا}. 32510- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ وَخِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو وَمُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا} قَالَ: كَانَ مِنْ أَذَاهُمْ إيَّاهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ، قَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ مِنَّا مُوسَى هَذَا السَّتر إلاَّ مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ: إمَّا بَرَصٌ، وَإِمَّا آفَةٌ، وَإِمَّا أُدْرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَا قَالُوا: قَالَ: وَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَلاَ ذَاتَ يَوْمٍ وَحْدَهُ, فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، ثُمَّ دَخَلَ يَغْتَسِلُ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى ثَوْبِهِ لِيَأْخُذَهُ عَدَا الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ, فَأَخَذَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَصَاهُ فِي أَثَرِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ ! ثَوْبِي يَا حَجَرُ ! حَتَّى انْتَهَى إلَى مَلأ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا, فَإِذَا كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ خَلْقًا, فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا يَقُولُونَ، قَالَ: وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ, وَطَفِقَ مُوسَى يَضْرِبُ الْحَجَرَ بِعَصَاهُ, فَوَاللهِ إنَّ بِالْحَجَرِ الآنَ مِنْ أَثَرِ ضَرْبِ مُوسَى نَدَبًا، ذَكَرَ ثَلاَث، أَوْ أَرْبَع، أَوْ خَمْس.
32511- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا سُخِّرَتَ الرِّيحُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَغْدُو مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقِيلُ بِفَزِيرَا، ثُمَّ يَرُوحُ فَيَبِيتُ فِي كَابُلَ. 32512- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ يُوضَعُ لَهُ سِتُّمِئَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ. 32513- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ سُليمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُوضَعُ لَهُ سِتُّمِئَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ، ثُمَّ يَجِيءُ أَشْرَافُ الإِنْسِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِمَّا يَلِي الأَيْمَنَ، ثُمَّ يَجِيءُ أَشْرَافُ الْجِنِّ حَتَّى يَجْلِسُوا مِمَّا يَلِي الأَيْسَرَ، ثُمَّ يَدْعُوَ الطَّيْرَ فَتُظِلُّهُمْ، ثُمَّ يَدْعُوَ الرِّيحَ فَتَحْمِلَهُمْ، فَيَسِيرُ فِي الْغَدَاةِ الْوَاحِدَةِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ, فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَسِيرُ فِي فَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَاحْتَاجَ إلَى الْمَاءِ, فَدَعَا الْهُدْهُدَ فَجَاءَ فَنَقَرَ الأَرْضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَ الْمَاءِ ثُمَّ تَجِيءُ الشَّيَاطِينُ ذَلِكَ الْمَاءَ فَتَسْلَخُهُ كَمَا يُسْلَخُ الإِهَابُ فَيَسْتَخْرِجُوا الْمَاءَ مِنْهُ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ نَافِعُ بْنُ الأَزْرَقِ: قِفْ يَا وَقَّافُ, أَرَأَيْت قَوْلَك الْهُدْهُدُ يَجِيءُ فَيَنْقُرُ الأَرْضَ فَيُصِيبُ مَوْضِعَ الْمَاءِ كَيْفَ يُبْصِرُ هَذَا، وَلاَ يُبْصِرُ الْفَخَّ يَجِيءُ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ فِي عُنُقِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَيْحَك, إنَّ الْقَدَرَ حَالَ دُونَ الْبَصَرِ. 32514- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: كَانَ كُرْسِيُّ سُلَيْمَانَ يُوضَعُ عَلَى الرِّيحِ وَكَرَاسِيُّ مَنْ أَرَاْدَ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ, فَاحْتَاجَ إلَى الْمَاءِ فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدَ الْهُدْهُدَ فَتَوَعَّدَهُ, وَكَانَ عَذَابُهُ نَتْفَهُ وَتَشْمِيسَهُ، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ اسْتَقْبَلَهُ الطَّيْرُ فَقَالُوا: قَدْ تَوَعَّدَك سُلَيْمَانُ، فَقَالَ: الْهُدْهُدُ: اسْتَثْنَى؟ قَالُوا: نَعَمْ، إلاَّ أَنْ تَجِيءَ بِعُذْرٍ، وَكَانَ عُذْرُهُ أَنْ جَاءَ بِخَبَرِ صَاحِبَةِ سَبَأٍ، قَالَ: فَكَتَبَ إلَيْهِمْ سُلَيْمَان: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}. قَالَ: فَأَقْبَلَتْ بِلْقِيسُ، فَلَمَّا كَانَتْ عَلَى قَدْرِ فَرْسَخٍ، قَالَ سُلَيْمَانُ: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ, قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} قَالَ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ، {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}. قَالَ: فَأَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ إِنَّهُ دَخَلَ فِي نَفَقٍ تَحْتَ الأَرْضِ فَجَاءَهُ بِهِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: غَيِّرُوهُ، {فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ}، قَالَ: فَجَعَلَتْ تَعْرِفُ وَتُنْكِرُ, وَعَجِبَتْ مِنْ سُرْعَتِهِ، وَ{قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} {قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} فَإِذَا امْرَأَةٌ شَعْرَاءُ، قَالَ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا يُذْهِبُ هَذَا؟ قَالُوا: النُّورَةُ، قَالَ فَجُعِلَتِ النُّورَةُ يَوْمَئِذٍ. 32515- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: لَمَا قَالَ: {أَنَا آتِيك بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِك} هَذَا، قَالَ: أَنَا أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ هَذَا، {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَيْك طَرْفُك}، قَالَ: فَخَرَجَ الْعَرْشُ مِنْ نَفَقٍ مِنَ الأَرْضِ. 32516- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِك} قَالَ: مَجْلِسُ الرَّجُلِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ مَنْ عِنْدِهِ. 32517- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ثَابِتٍ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، قَالَ: لَمْ تَنْزِلْ {بسم الله الرَّحْمَن الرحيم} فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إلاَّ فِي سُورَةِ النَّمْلِ {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيمِ}. 32518- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَيْك طَرْفُك} قَالَ: رَفَعَ طَرْفَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ طَرْفُهُ حَتَّى نَظَرَ إلَى الْعَرْشِ بَيْنَ يَدَيْهِ. 32519- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} قَالَ: كَانَتْ هَدِيَّتُهَا لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ. 32520- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أسْمُهَا بِلْقِيسُ بِنْتُ ذِي شَره, وَكَانَتْ هَلْبَاءَ شَعْرَاءَ. 32521- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّ صَاحِبَةَ سَبَأٍ كَانَتْ جِنِّيَّةً شَعْرَاءَ. 32522- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ}، قَالَ: أَرْسَلَتْ بِذَهَبٍ، أَوْ لَبِنَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَلَمَّا قَدِمُوا إذَا حِيطَانُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَهَبٍ, فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا أَتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ} الآيَةَ.
32523- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أنَّهُ قَالَ: قَالَ -، يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ -: لاَ يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. 32524- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ -، يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ -: لَيْسَ لِعَبْدٍ لِي أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى, سَبَّحَ اللَّهَ فِي الظُّلُمَاتِ. 32525- حَدَّثَنَا الْفَضْلُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. 32526- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: لَيْسَ لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى. 32527- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ، عَنْ يُونُسَ قَالَ: إنَّ يُونُسَ كَانَ قَدْ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ وَأَخْبَرَهُمْ إِنَّهُ يَأْتِيهِمْ إلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ, فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا، ثُمَّ خَرَجُوا فَجَأَرُوا إلَى اللهِ وَاسْتَغْفَرُوا, فَكَفَّ اللَّهُ عَنْهُمَ الْعَذَابَ, وَغَدَا يُونُسُ يَنْتَظِرُ الْعَذَابَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا, وَكَانَ مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُتِلَ, فَانْطَلَقَ مُغَاضِبًا حَتَّى أَتَى قَوْمًا فِي سَفِينَةٍ فَحَمَلُوهُ وَعَرَفُوهُ، فَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ رَكَدَتْ, وَالسُّفُنُ تَسِيرُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَقَالُوا: مَا لِسَفِينَتِكُمْ؟ قَالُوا: مَا نَدْرِي، قَالَ يُونُسُ: إنَّ فِيهَا عَبْدًا أَبَقَ مِنْ رَبِّهِ, وَإِنَّهَا لاَ تَسِيرُ حَتَّى تُلْقُوهُ, فَقَالُوا: أَمَّا أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ فَلا وَاللهِ لاَ نُلْقِيك. فَقَالَ لَهُمْ يُونُسُ: فَاقْتَرِعُوا فَمَنْ قُرِعَ فَلْيَقَعْ، فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ فَأَبَوْا أَنْ يَدَعُوهُ، فَقَالُوا: مَنْ قَرَعَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلْيَقَعْ, فَقَرَعَهُمْ يُونُسُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَوَقَعَ، وَقَدْ كَانَ وُكِّلَ بِهِ الْحُوتُ، فَلَمَّا وَقَعَ ابْتَلَعَهُ فَأَهْوَى بِهِ إلَى قَرَارِ الأَرْضِ, فَسَمِعَ يُونُسُ عَلَيْهَ السَلام تَسْبِيحَ الْحَصَى {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ ألظَّالِمِينَ} ظُلُمَاتٌ ثَلاَثٌ, ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ, وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ, وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ، قَالَ: {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} قَالَ: كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الْمَمْعُوطِ, لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ كَانَ يَسْتَظِلُّ بِهَا وَيُصِيبُ مِنْهَا, فَيَبِسَتْ فَبَكَى عَلَيْهَا حِينَ يَبِسَتْ, فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: تَبْكِي عَلَى شَجَرَةٍ يَبِسَتْ، وَلاَ تَبْكِي عَلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ أَرَدْت أَنْ تُهْلِكَهُمْ. فَخَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِغُلاَمٍ يَرْعَى غَنَمًا، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ، فَقَالَ: مِنْ قَوْمِ يُونُسَ، قَالَ: فَإِذَا رَجَعْت إلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّك قَدْ لَقِيت يُونُسَ، قَالَ: فَقَالَ الْغُلاَمُ: إنْ تَكُنْ يُونُسَ فَقَدْ تَعْلَمُ أَنَّه مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنْ يُقْتَلَ, فَمَنْ يَشْهَدُ لِي، فَقَالَ لَهُ يُونُسُ: تَشْهَدُ لَك هَذِهِ الشَّجَرَةُ, وَهَذِهِ الْبُقْعَةُ، فَقَالَ الْغُلاَمُ: مُرْهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا يُونُسُ: إنْ جَاءَكُمَا هَذَا الْغُلاَمُ فَاشْهَدَا لَهُ، قَالَتَا: نَعَمْ, فَرَجَعَ الْغُلاَمُ إلَى قَوْمِهِ وَكَانَ لَهُ إخْوَةٌ وَكَانَ فِي مَنَعَتِهِ, فَأَتَى الْمَلِكَ، فَقَالَ: إنِّي لَقِيت يُونُسَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلاَمَ, فَأَمَرَ بِهِ الْمَلِكُ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَالُوا لَهُ: إنَّ لَهُ بَيِّنَةً, فَأَرْسَلْ مَعَهُ فَانْتَهَوْا إلَى الشَّجَرَةِ وَالْبُقْعَةِ، فَقَالَ لَهُمَا الْغُلاَمُ: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ هَلْ أَشْهَدَكُمَا يُونُسُ؟ قَالَتَا: نَعَمْ, فَرَجَعَ الْقَوْمُ مَذْعُورِينَ يَقُولُونَ: تَشْهَدُ لَهُ الشَّجَرُ وَالأَرْضُ, فَأَتَوْا الْمَلِكَ فَحَدَّثُوهُ بِمَا رَأَوْهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: فَتَنَاوَلَهُ الْمَلِكُ فَأَخَذَ بِيَدِ الْغُلاَمِ فَأَجْلَسَهُ فِي مَجْلِسِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ بِهَذَا الْمَكَانِ مِنِّي. قَالَ عَبْدُ اللهِ, فَأَقَامَ لَهُمْ ذَلِكَ الْغُلاَمُ أَمْرَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 32528- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: مَكَثَ يُونُسُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. 32529- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} قَالَ: حوتٌ فِي حُوتٍ وَظُلْمَةِ الْبَحْرِ. 32530- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْته يَقُولُ: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} قَالَ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَظُلْمَةُ الْحُوتِ. 32531- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: لَمَّا الْتَقَمَهُ الْحُوتُ فَنَبَذَ بِهِ إلَى الأَرْضِ، فَسَمِعَهَا تُسَبِّحُ, فَهَيَّجَتْهُ عَلَى التَّسْبِيحِ.
32532- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَير، قَالَ: حدَّثَنَا شِبْلُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ مَرْيَمُ: كُنْت إذَا خَلَوْت أَنَا وَعِيسَى حَدَّثَنِي وَحَدَّثْتُهُ, وَإِذَا شَغَلَنِي عَنْهُ إنْسَانٌ سَبَّحَ فِي بَطْنِي وَأَنَا أَسْمَعُ. 32533- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا تَكَلَّمَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلاَّ بِالآيَاتِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ الصِّبْيَانِ. 32534- حَدَّثَنَا ابْنُ إدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَِسَافٍ، قَالَ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إلاَّ ثَلاَثَةٌ: عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَصَاحِبُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ. 32535- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} قَالَ: خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام. 32536- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} قَالَ: خُرُوجُ عِيسَى عليه السلام. 32537- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلَى السَّمَاءِ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ - وَهُمَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً - مِنْ عين في الْبَيْتِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً، فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا إنَّ مِنْكُمْ مَنْ سَيَكْفُرُ بِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِي، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ سَيُلْقَى عَلَيْهِ شَبَهِي فَيُقْتَلَ مَكَانِي وَيَكُونُ مَعِي فِي دَرَجَتِي؟ فَقَامَ شَابٌّ مِنْ أَحْدَثِهِمْ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ عِيسَى: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِمْ فَقَامَ الشَّابُّ، فَقَالَ: أَنَا، فَقَالَ: نَعَمْ أَنْتَ ذَاكَ، قَالَ: فَأُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُ عِيسَى. قَالَ: وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ رَوْزَنَةٍ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ إلَى السَّمَاءِ، قَالَ: وَجَاءَ الطَّلَبُ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخَذُوا الشَّبِيهَ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ صَلَبُوهُ, وَكَفَرَ بِهِ بَعْضُهُمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً بَعْدَ أَنْ آمَنَ بِهِ, فَتَفَرَّقُوا ثَلاَثَ فِرَقٍ، قَالَ: فَقَالَت فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا اللَّهُ مَا شَاءَ، ثُمَّ صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ, وَهَؤُلاَءِ الْيَعْقُوبِيَّةُ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا ابْنُ اللهِ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ, وَهَؤُلاَءِ النَّسْطُورِيَّةُ, وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: كَانَ فِينَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إلَيْهِ، وَهَؤُلاَءِ الْمُسْلِمُونَ. فَتَظَاهَرَتِ الْكَافِرَتَانِ عَلَى الْمُسْلِمَةِ فَقَاتَلُوهَا فَقَتَلُوهَا, فَلَمْ يَزَلَ الإسْلاَمُ طَامِسًا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ: {فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ}، يَعْنِي الطَّائِفَةَ الَّتِي آمَنَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى {وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ}، يَعْنِي الطَّائِفَةَ الَّتِي كَفَرَتْ فِي زَمَنِ عِيسَى {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا} فِي زَمَانِ عِيسَى {عَلَى عَدُوِّهِمْ} بِإِظْهَارِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم دِينَهُمْ عَلَى دِينِ الْكُفَّارِ {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}. 32538- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ يَرْفَعُ عَشَاءً لِغَدَاءٍ، وَلاَ غَدَاءً لِعَشَاءٍ, وَكَانَ يَقُولُ: إنَّ مَعَ كُلِّ يوم رِزْقَهُ, وَكَانَ يَلْبَسُ الشَّعرَ، وَيَأْكُلُ الشَّجَرَ، وَيَنَامُ حَيْثُ أَمْسَى. 32539- حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: مَرَّتِ امْرَأَةٌ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَالَتْ: طُوبَى لِبَطْنٍ حَمَلَك، وَلِثَدْيٍ أَرْضَعَك، فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: طُوبَى لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ. 32540- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: لاَ تُكْثِرُوا الْكَلاَمُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ, فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللهِ وَلَكِنْ لاَ تَعْلَمُونَ, لاَ تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ الْعِبَادِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ, وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيد, فَإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلاَنِ: مُبْتَلًى وَمُعَافًى, فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلاَءِ، وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ. 32541- حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ رَفَعَهُ إلَى عِيسَى، قَالَ: قَالَ: لاَصْحَابِهِ اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ مَسَاكِنَ, وَاِتَّخِذُوا الْبُيُوتَ مَنَازِلَ, وَانْجُوا مِنَ الدُّنْيَا بِسَلاَمٍ, وَكُلُوا مِنْ بَقْلِ الْبَرِيَّةِ, وَزَادَ فِيهِ الأَعْمَشُ: وَاشْرَبُوا مِنَ مَاءِ الْقَرَاحِ. 32542- حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ مُسَيَّبِ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قَالَ الْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام: مَا تَأْكُلُ؟ قَالَ: خُبْزَ الشَّعِيرِ، قَالُوا: وَمَا تَلْبَسُ؟ قَالَ: الصُّوفَ، قَالُوا: وَمَا تَفْتَرِشُ؟ قَالَ: الأَرْضَ، قَالُوا: كُلُّ هَذَا شَدِيدٌ، قَالَ: لَنْ تَنَالُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى تُصِيبُوا هَذَا عَلَى لَذَّةٍ. أَوَ قَالَ: عَلَى شَهْوَةٍ. 32543- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْر، قَالَ: حدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، قَالَ سَمِعْته يَذْكُرُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فِي قَوْلِهِ: {إنَّكُمْ، وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} قَالَ: فَذَكَرُوا عِيسَى وَعُزَيْرًا أَنَّهُمَا كَانَا يُعْبَدَانِ, فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ مِنْ بَعْدِهَا: {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} قَالَ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام.
32544- حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ كَعْبًا عَنْ رَفْعِ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا؟ فَقَالَ: أَمَّا رَفْعُ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا، فَكَانَ عَبْدًا تَقِيًّا, يُرْفَعُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ فِي أَهْلِ زَمَانِهِ، قَالَ: فَعَجِبَ الْمَلَكُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ, فَاسْتَأْذَنَ رَبَّهُ إلَيْهِ، قَالَ: رَبِّ ائْذَنْ لِي إلَى عَبْدِكَ هَذَا فَأَزُورَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَنَزَلَ، قَالَ: يَا إدْرِيسُ, أَبْشِرْ فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لَك مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا لاَ يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ، قَالَ: وَمَا عِلْمُك؟ قَالَ: إنِّي مَلَكٌ، قَالَ: وَإِنْ كُنْت مَلَكًا، قَالَ: فَإِنِّي عَلَى الْبَابِ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَيْهِ عَمَلُك. قَالَ: أَفَلاَ تَشْفَعُ لِي إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ فَيُؤَخِّرَ مِنْ أَجَلِي لأَزْدَادَ شُكْرًا وَعِبَادَةً؟ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ: لاَ يُؤَخِّرُ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا، قَالَ: قَدْ عَلِمْت وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي, فَحَمَلَهُ الْمَلَكُ عَلَى جَنَاحِهِ فَصَعِدَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ, هَذَا عَبْدٌ تَقِيٌّ نَبِي, يُرْفَعُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا لاَ يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ, وَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي ذَلِكَ, فَاسْتَأْذَنْت إلَيْهِ رَبِّي، فَلَمَّا بَشَّرْته بِذَلِكَ سَأَلَنِي لأَشْفَعَ لَهُ إلَيْك لِيُؤَخَّرَ مِنْ أَجَلِهِ فَيَزْدَادَ شُكْرًا وَعِبَادَةً لِلَّهِ، قَالَ: وَمَنْ هَذَا؟ قَالَ: إدْرِيسُ, فَنَظَرَ فِي كِتَابٍ مَعَهُ حَتَّى مَرَّ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِ إدْرِيسَ شَيْءٌ, فَمَحَاهُ فَمَاتَ مَكَانَهُ. 32545- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَرَفَعَنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}، فَقَالَ: فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ. 32546- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.
32547- حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خُلِّد فِي قَوْمِهِ، وَإِنَّهُ كَانَ قَاعِدًا فِي قَوْمِهِ، فَجَاءَ سَحَابٌ مُكْفَهِرٌّ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، فَقَالَ: هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} فَجَعَلَتْ تُلْقِي الْفُسْطَاطَ وَتَجِيءُ بِالرَّجُلِ الْغَائِبِ.
32548- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: إنْ كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيَخْطُبُ النَّاسَ وَفِي يَدِهِ الْقُفَّةُ مِنَ الْخُوصِ فَإِذَا فَرَغَ نَاوَلَهَا بَعْضَ مَنْ إلَى جَنْبِهِ يَبِيعُهَا. 32549- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمَّا أَصَابَ دَاوُد الْخَطِيئَةُ, وَإِنَّمَا كَانَتْ خَطِيئَتُهُ إِنَّهُ لَمَّا أَبْصَرَهَا أَمَرَ بِهَا فَعَزَلَهَا، فَلَمْ يَقْرَبْهَا, فَأَتَاهُ الْخَصْمَانِ فَتَسَوَّرُوا فِي الْمِحْرَابِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا قَامَ إلَيْهِمَا، فَقَالَ: اُخْرُجَا عَنِّي, مَا جَاءَ بِكُمَا إلَيّ َ؟ فَقَالاَ: إنَّمَا نُكَلِّمُك بِكَلاَمُ يَسِيرٍ, {إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنِّي، قَالَ: فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ: وَاللهِ إِنَّهُ أَحَقُّ أَنْ يكسر مِنْهُ مِنْ لَدُنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ -، يَعْنِي مِنْ أَنْفِهِ إلَى صَدْرِهِ - فَقَالَ الرَّجُلُ: هَذَا دَاوُد قَدْ فَعَلَهُ. فَعَرَفَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّه إنَّمَا، يُعْنَى بِذَلِكَ, وَعَرَفَ ذَنْبَهُ، فَخَرَّ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً, وَكَانَتْ خَطِيئَتُهُ مَكْتُوبَةً فِي يَدِهِ, يَنْظُرُ إلَيْهَا لِكَيْ لاَ يَغْفُلَ حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ حَوْلَهُ مِنْ دُمُوعِهِ مَا غَطَّى رَأْسَهُ, فَنَادَى بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا: قَرِحَ الْجَبِينُ وَجَمَدَتِ الْعَيْنُ, وَدَاوُد لَمْ يُرْجَعْ إلَيْهِ فِي خَطِيئَةٍ بشَيْءٌ فَنُودِيَ: أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ؟ أَمْ عُرْيَانُ فَتُكْسَى؟ أَمْ مَظْلُومٌ فَتُنْصَرُ؟ قَالَ: فَنَحَبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا يَلِيهِ مِنَ الْبَقْلِ حِينَ لَمْ يَذْكُرْ ذَنْبَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ غُفِرَ لَهُ, فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: كُنْ أَمَامِي, فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي, فَيَقُولُ لَهُ: كُنْ مِنْ خَلْفِي, فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي, فَيَقُولُ لَهُ: خُذْ بِقَدَمِي فَيَأْخُذُ بِقَدَمِهِ. 32550- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُد نَبِيَّ اللهِ جَزَّأَ الصَّلاَةَ عَلَى بُيُوتِهِ عَلَى نِسَائِهِ وَوَلَدِهِ, فَلَمْ تَكُنْ تَأْتِي سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إلاَّ وَإِنْسَانٌ قَائِمٌ مِنْ آلِ دَاوُد يُصَلِّي, فَعَمَّتُهُمْ هَذِهِ الآيَةُ: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُد شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}.
32551- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ: أَنَّ دَاوُد النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: إلَهِي, وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنِّي لِسَانَيْنِ يُسَبِّحَانِكَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مَا قَضَيْت حَقَّ نِعْمَةً مِنْ نِعَمَك عَلَيَّ. 32552- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قَالَ: دَخَلَ الْخَصْمَانِ عَلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخَذَ بِرَأْسِ صَاحِبِهِ. 32553- حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إنَّمَا كَانَتْ فِتْنَةُ دَاوُد النَّظَرَ. 32554- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: مَا رَفَعَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَاتَ. 32555- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: أَنَّ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ: أَيْ رَبِ, إنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ يَسْأَلُونَك بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فَاجْعَلْنِي يَا رَبِّ لَهُمْ رَابِعًا, فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: أَنْ يَا دَاوُد إنَّ إبْرَاهِيمَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فِي سَبَبِي فَصَبَرَ, وَتِلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْك، وَإِنَّ إِسْحَاقَ بَذَلَ مهجة نَفْسَهُ فِي سَبَبِي فَصَبَرَ فَتِلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْك، وَإِنَّ يَعْقُوبَ أَخَذْتَ حَبِيبَهُ حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ فَصَبَرَ وَتِلْكَ بَلِيَّةٌ لَمْ تَنَلْك. 32556- قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ: وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ دَاوُد حَدَّثَ نَفْسَهُ إنِ اُبْتُلِيَ أَنْ يَعْتَصِمَ, فَقِيلَ لَهُ: إنَّك سَتُبْتَلَى وَتَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ فَخُذْ حِذْرَك، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ, فَأَخَذَ الزَّبُورَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَغْلَقَ بَابَ الْمِحْرَابِ وَأَقْعَدَ مَنْصَفًا عَلَى الْبَابِ، وَقَالَ: لاَ تَأْذَنْ لأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ. فَبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ إذْ جَاءَ طَائِرٌ مُذْهَبٌ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ الطَّيْرُ, فِيهِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ, فَجَعَلَ يَدْرُجُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَنَا مِنْهُ, فَأَمْكَنَ أَنْ يَأْخُذَهُ, فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ لِيَأْخُذَهُ, فَاسْتَوْفَزَهُ مِنْ خَلْفِهِ, فَأَطْبَقَ الزَّبُورَ وَقَامَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ, فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَى كُوَّةِ الْمِحْرَابِ, فَدَنَا مِنْهُ أَيْضًا لِيَأْخُذَهُ فَوَقَعَ عَلَى خُصٍ، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ أَيْنَ وَقَعَ فَإِذَا هُوَ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ بِرْكَتِهَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ، فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّهُ حَرَّكَتْ رَأْسَهَا فَغَطَّتْ جَسَدَهَا بِشَعْرِهَا، فَقَالَ دَاوُد لِلْمَنْصَفِ: اذْهَبْ فَقُلْ لِفُلاَنَةَ تَجِيءُ, فَأَتَاهَا فَقَالَ لَهَا: إنَّ نَبِيَّ اللهِ يَدْعُوك، فَقَالَتْ: مَا لِي وَلِنَبِيِّ اللهِ؟ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَأْتِنِي, أَمَّا أَنَا فَلاَ آتِيهِ, فَأَتَاهُ الْمَنْصَفُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا، فَأَتَاهَا: وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ دُونَهُ، فَقَالَتْ: مَا لَك يَا دَاوُد، أَمَا تَعْلَمُ إِنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا رَجَمْتُمُوهُا وَوَعَظَتْهُ فَرَجَعَ. وَكَانَ زَوْجُهَا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ, فَكَتَبَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ إلَى أَمِيرِ الْمَغْزَى: اُنْظُرْ أُورْيًّا فَاجْعَلْهُ فِي حَمَلَةِ التَّابُوتِ - وَكان حَمَلَةِ التَّابُوتِ: إمَّا أَن يفتح عليهم, وَإمَّا أَن يقتلو - فقدمه في حَمَلَةِ التَّابُوتِ فَقُتِلَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ: إنْ وَلَدَتْ غُلاَمًا أَنْ يَجْعَلَهُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ, وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ خَمْسِينَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَتَبَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا, فَمَا شَعَرَ لِفِتْنَتِهِ أنَّهُ فُتِنَ، حَتَّى وَلَدَتْ سُلَيْمَانَ وَشَبَّ, فَتَسَوَّرَ الْمَلكَانُ عَلَيْهِ الْمِحْرَابَ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ وَخَرَّ دَاوُد سَاجِدًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَتَابَ، وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَطَلَّقَهَا وَجَفَا سُلَيْمَانَ وَأَبْعَدَهُ, فَبَيْنَمَا هُوَ مَعَه فِي مَسِيرٍ لَهُ - وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ - إذْ أَتَى عَلَى غِلْمَانٍ لَهُ يَلْعَبُونَ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لاَ دِّينُ، يَا لاَ دِّينُ, فَوَقَفَ دَاوُد، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذَا يُسَمَّى لاَ دِّينَ، فَقَالَ: سُلَيْمَانُ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَأَلَنِي عَنْ هَذِهِ لاَخْبَرْته بِأَمْرِهِ، فَقِيلَ لِدَاوُدَ: إنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ كَذَا وَكَذَا, فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذَا الْغُلاَمِ سُمِّيَ لاَ دِّينَ؟ فَقَالَ: سَأَعْلَمُ لَك عِلْمَ ذَلِكَ، فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ عَنْ أَبِيهِ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ؟ فَقِيلَ لَه: إنَّ أَبَاهُ كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ, فَأَوْصَاهُمْ، فَقَالَ: إنِّي تَرَكْت امْرَأَتِي حُبْلَى, فَإِنْ وَلَدَتْ غُلاَمًا فَقُولُوا لَهَا تُسَمِّيهِ لاَ دِّينَ، فَبَعَثَ سُلَيْمَانُ إلَى أَصْحَابِهِ, فَجَاؤُوا فَخَلاَ بِأَحَدِهِمْ فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَقَرَّ, وَخَلاَ بِالآخَرِينَ, فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى أَقَرُّوا كُلُّهُمْ, فَرَفَعَهُمْ إلَى دَاوُد فَقَتَلَهُمْ فَعَطَفَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْعَطْفِ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ عَابِدَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَتْ تَبَتَّلَتْ, وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَتَانِ جَمِيلَتَانِ، وَقَدْ تَبَتَّلَتِ الْمَرْأَةُ لاَ تُرِيدُ الرِّجَالَ، فَقَالَتْ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ لِلأُخْرَى: قَدْ طَالَ عَلَيْنَا هَذَا الْبَلاَءُ, أَمَّا هَذِهِ فَلاَ تُرِيدُ الرِّجَالَ, وَلاَ نَزَالُ بِشَرٍّ مَا كُنَّا لَهَا, فَلَوْ أَنَّا فَضَحْنَاهَا فَرُجِمَتْ, فَصِرْنَا إلَى الرِّجَالِ، فَأَخَذَتَا مَاءَ الْبَيْضِ فَأَتَتَاهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ فَكَشَفَتَا عنها ثَوْبَهَا وَنَضَحَتَا فِي دُبُرِهَا مَاءَ الْبَيْضِ وَصَرَخَتَا: أَنَّهَا قَدْ بَغَتْ, وَكَانَ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ حَدُّهُ الرَّجْمُ فَرُفِعَتْ إلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَمَاءُ الْبَيْضِ فِي ثِيَابِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ سَأَلَنِي لاَنْبَأْته, فَقِيلَ لِدَاوُدَ: إنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ كَذَا وَكَذَا, فَدَعَاهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ مَا أَمْرُهَا؟ فَقَالَ: ائْتُونِي بِنَارٍ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَاءَ الرِّجَالِ تَفَرَّقَ, وَإِنْ كَانَ مَاءَ الْبَيْضِ اجْتَمَعَ, فَأُتِيَ بِنَارٍ فَوَضَعَهَا عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ فَدَرَأَ عَنْهَا الرَّجْمَ, وَعَطَفَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْعَطْفِ وَأَحَبَّهُ. ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْحَرْثِ وَأَصْحَابُ الشَّاءِ, فَقَضَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ لأَصْحَابِ الْحَرْثِ بِالْغَنَمِ, فَخَرَجُوا وَخَرَجَتِ الرُّعَاءُ مَعَهُمَ الْكِلاَبُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: لَوْ وُلِّيت أَمْرَهُمْ لَقَضَيْت بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا الْقَضَاءِ, فَقِيلَ لِدَاوُدَ: إنَّ سُلَيْمَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا, فَدَعَاهُ فَقَالَ: كَيْفَ تَقْضِي؟ فَقَالَ: أَدْفَعُ الْغَنَمَ إلَى أَصْحَابِ الْحَرْثِ هَذَا الْعَامَ فَيَكُونُ لَهُمْ أَوْلاَدُهَا وَسَلاَهَا وَأَلْبَابُهَا وَمَنَافِعُهَا لهم العام، وَيَبْذُرُ هَؤُلاَءِ مِثْلَ حَرْثِهِمْ, فَإِذَا بَلَغَ الْحَرْثُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَخَذَ هَؤُلاَءِ الْحَرْثَ وَدَفَعَ هَؤُلاَءِ إلَى هَؤُلاَءِ الْغَنَمَ، قَالَ: فَعَطَفَ عَلَيْهِ. قَالَ حَمَّادٌ: وَسَمِعْت ثَابِتًا يَقُولُ: هُوَ أُورِيَّا. 32557- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ: قُلْ لِلظَّلَمَةِ: لاَ يَذْكُرُونِي, فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَذْكُرَ مَنْ ذَكَرَنِي، وَإِنَّ ذِكْرِي إيَّاهُمْ أَنْ أَلْعَنْهُمْ. 32558- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيك، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَاتَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَوْمَ السَّبْتِ فُجَأةً وَكَانَ يَسبِت, فَعَكَفَتِ الطَّيْرُ عَلَيْهِ تُظِلُّهُ. 32559- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُهَلَّبِ أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} قَالَ: سَبِّحِي. 32560- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ وَوَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} قَالَ: سَبِّحِي. 32561- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بَكَى مِنْ خَطِيئَتِهِ حَتَّى هَاجَ مَا حَوْلَهُ مِنْ دُمُوعِهِ. 32562- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ: {أَوِّبِي} قَالَ: سَبِّحِي.
32563- حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ إسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} قَالَ: لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ يَحْيَى. 32564- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مِثْلَهُ. 32565- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَهْدِيٌّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} قَالَ: اللُّبُّ. 32566- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} قَالَ: الْقُرْآنَ. 32567- حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ الْمَسْجِدَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ مَصْلُوبٌ، فَقَالُوا: هذه أَسْمَاءُ، قَالَ: فَأَتَاهَا فَذَكَّرَهَا وَوَعَظَهَا، وَقَالَ لَهَا: إنَّ الْجِيفَةَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ, وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللهِ فَاصْبِرِي وَاحْتَسِبِي، قَالَتْ: وَمَا يَمْنَعني مِنَ الصَّبْرِ وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ. 32568- حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَا قُتِلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا إلاَّ فِي امْرَأَةٍ بَغِيٍّ، قَالَتْ لِصَاحِبِهَا: لاَ أَرْضَى عَنْك حَتَّى تَأْتِيَنِي بِرَأْسِهِ، قَالَ: فَذَبَحَهُ فَأَتَاهَا بِرَأْسِهِ فِي طَسْتٍ. 32569- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: فِي قَوْلِهِ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} قَالَ: مِثْلَهُ فِي الْفَضْلِ. 32570- حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ، لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا}، ثُمَّ رَفَعَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: مَا كَانَ مَعَهُ إلاَّ مِثْلُ هَذَا. 32571- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدٍ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قَالَ: الْحَلِيمُ. 32572- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وَقَدْ أَخْطَأَ، أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ إلاَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا. 32573- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} قَالَ: شِبْهًا.
32574- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: ذُو الْقَرْنَيْنِ نَبِيٌّ. 32575- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كَانَ مَلِكَ الأَرْضِ. 32576- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بَسَّامٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ رَجُلاً صَالِحًا, نَاصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَهُ فَضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْمَنِ فَمَاتَ فَأَحْيَاهُ اللَّهُ، ثُمَّ ضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْسَرِ فَمَاتَ فَأَحْيَاهُ اللَّهُ، وَفِيكُمْ مِثْلُهُ. 32577- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ؟ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، وَلاَ مَلِكًا, وَلَكِنَّهُ كَانَ عَابِدًا نَاصَحَ اللَّهَ فَنَصَحَهُ، فَدَعَا قَوْمَهُ إلَى اللهِ فَضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْمَنِ فَمَاتَ فَأَحْيَاهُ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَا قَوْمَهُ إلَى اللهِ فَضُرِبَ عَلَى قَرْنِهِ الأَيْسَرِ فَمَاتَ فَأَحْيَاهُ اللَّهُ فَسُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ. 32578- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حِمَازٍ، قَالَ: قيلَ لِعَلِيٍّ: كَيْفَ بَلَغَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ؟ قَالَ: سُخِّرَ لَهُ السَّحَابُ، وَبُسِطَ لَهُ النُّورُ، وَمُدَّ لَهُ الأَسْبَابُ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُك؟ قَالَ: حَسْبِي. 32579- حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لَمْ يَمْلِكَ الأَرْضَ كُلَّهَا إلاَّ أَرْبَعَةٌ: مُسْلِمَانِ وَكَافِرَانِ, فَأَمَّا الْمُسْلِمَانِ: فَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد، وَذُو الْقَرْنَيْنِ, وَأَمَّا الْكَافِرَانِ فَبُخْتَ نُصَّرَ، وَالَّذِي حَاجَّ إبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ.
32580- حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أُلْقِيَ يُوسُفُ فِي الْجُبِّ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً, وَكَانَ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَفِي السِّجْنِ وَفِي الْمُلْكِ ثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ جُمِعَ شَمْلُهُ فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً. 32581- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، قَالَ: قسِمَ الْحُسْنُ نِصْفَيْنِ، فَأُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ نِصْفَ حُسْنِ الْخَلْقِ, وَسَائِرُ الْخَلْقِ نِصْفًا. 32582- حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ، قَالُوا: لَيْسَ، عَنْ هَذَا نَسْأَلُك، قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ، بْنُ نَبِيِّ اللهِ، بْنِ نَبِيِّ اللهِ، بْنِ خَلِيلِ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ. 32583- حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ شَطْرَ الْحُسْنِ. 32584- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أُعْطِيَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأُمُّهُ ثُلُثَ حُسْنِ الْخَلْقِ.
32585- حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ إلَى ابْنِ سَلاَمٍ، فَقَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَك عَنْ ثَلاَثٍ، قَالَ: تَسْأَلُنِي وَأَنْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَسَلْ، قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ تُبَّعٍ مَا كَانَ؟ وَعَنْ عُزَيْرٍ مَا كَانَ؟ وَعَنْ سُلَيْمَانَ لِمَ تَفَقَّدَ الْهُدْهُدَ؟. فَقَالَ: أَمَّا تُبَّعٌ: فَكَانَ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ، فَظَهَرَ عَلَى النَّاسِ وسبى فِتْيَةً مِنَ الأَحْبَارِ فَاسْتَدْخَلَهُمْ، وَكَانَ يُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، فَقَالَ قَوْمُهُ: إنَّ تُبَّعًا قَدْ تَرَكَ دِينَكُمْ وتَابَعَ الْفِتْيَةَ، فَقَالَ تُبَّعٌ لِلْفِتْيَةِ: قَدْ تَسْمَعُونَ مَا قَالَ هَؤُلاَءِ، قَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمَ النَّارُ الَّتِي تُحْرِقُ الْكَاذِبَ وَيَنْجُو مِنْهَا الصَّادِقُ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ تُبَّعٌ لِلْفِتْيَةِ: اُدْخُلُوهَا، قَالَ: فَتَقَلَّدُوا مَصَاحِفَهُمْ فَدَخَلُوهَا، فَانْفَرَجَتْ لَهُمْ حَتَّى قَطَعُوهَا، ثُمَّ قَالَ لِقَوْمِهِ: اُدْخُلُوهَا، فَلَمَّا دَخَلُوهَا سَفَعَتِ النَّارُ وُجُوهَهُمْ فَنَكَصُوا ! فَقَالَ: لَتَدْخُلُنَّهَا، قَالَ: فَدَخَلُوهَا فَانْفَرَجَتْ لَهُمْ، حَتَّى إذَا تَوَسَّطُوهَا أَحَاطَتْ بِهِمْ فَأَحْرَقَتْهُمْ. قَالَ: فَأَسْلَمَ تُبَّعٌ وَكَانَ رَجُلاً صَالِحًا. وَأَمَّا عُزَيْرٌ: فَإِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَمَّا خَرِبَ وَدَرَسَ الْعِلْمُ وَمُزِّقَت التَّوْرَاةُ, كَانَ يَتَوَحَّشُ فِي الْجِبَالِ، فَكَانَ يَرِدُ عَيْنًا يَشْرَبُ مِنْهَا، قَالَ: فَوَرَدَهَا يَوْمًا فَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ تَمَثَّلَتْ لَهُ، فَلَمَّا رَآهَا نَكَصَ، فَلَمَّا أَجْهَدَهُ الْعَطَشُ أَتَاهَا فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، قَالَ: مَا يُبْكِيك؟ قَالَتْ: أَبْكِي عَلَى ابْنِي، قَالَ: كَانَ ابْنُك يَرْزُقُ؟ قَالَتْ: لاَ، قَالَ: كَانَ يَخْلُقُ؟ قَالَتْ: لاَ، قَالَ: فَلاَ تَبْكِينَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَمَنْ أَنْتَ؟ أَتُرِيدُ قَوْمَك؟ اُدْخُلْ هَذَه الْعَيْنَ فَإِنَّك سَتَجِدُهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَهَا، قَالَ: فَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَهَا زِيدَ فِي عِلْمِهِ حَتَّى انْتَهَى إلَى قَوْمِهِ، وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ إلَيْهِ عِلْمَهُ, فَأَحْيَا لَهُمُ التَّوْرَاةَ وَأَحْيَا لَهُمُ الْعِلْمَ، قَالَ: فَهَذَا عُزَيْرٌ. وَأَمَّا سُلَيْمَانُ: فَإِنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلاً فِي سَفَرٍ فَلَمْ يَدْرِ مَا بُعْدُ الْمَاءِ مِنْهُ, فَسَأَلَ مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَهُ؟ فَقَالُوا: الْهُدْهُدُ, فَهُنَاكَ تَفَقَّدَهُ.
|