الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: طبقات الشافعية الكبرى **
وهذه الرسالة صنفها الشيخ الإمام العلامة ضياء الدين أبو العباس أحمد بن محمد ابن عمر بن يوسف بن عمر بن عبد المنعم القرطبى وقد وقع فى عصره من بعض المبتدعة هجو فى أبى الحسن فألفها ردا على الهاجى المذكور وبعث بها إلى شيخ الإسلام تقى الدين أبى الفتح ابن دقيق العيد إمام أهل السنة وقد كانت بينهما صداقة ليقف عليها فوقف عليها وقرظها بما سنحكيه بعد الانتهاء منها وهى أسير الهوى ضلت خطاك عن القصد ** فها أنت لا تهدى لخير ولا تهدى سللت حساما من لسانك كاذبا ** على عالم الإسلام والعلم الفرد تمرست فى أعراض بيت مقدس ** رمى الله منك الثغر بالحجر الصلد ضلالك والغى اللذان تألفا ** هما أورداك الفحش من مورد عد هما أسخنا عين الديانة والهدى بما ** نثرا من ذم واسطة العقد هما أضرما نارا بهجوك سيدا ** ستصلى بها نارا مسعرة الوقد وما أنت والأنساب تقطع وصلها ** وما أنت فيها من سعيد ولا سعد خطوت إلى عرض كريم مطهر ** أرى الله ذاك الخطو جامعة القد أيا جاهلا لم يدر جهلا بجهله ** أتعلو ثغور القاع فى قنن المجد لقد طفئت نار الهوى من علومكم ** إلى لتقدح نار هديك من زندى أصخ لصريخ الحق فالحق واضح ** فلم لا تصخ أصميت سمعا عن الرعد وطهر عن الإضلال ثوبك إنه ** لأدنس مما مسه وضر الزند فيا قعديا عن معالى أولى النهى ** ويا قائما بالجهل ضدان فى ضد أفق من ضلال ظلت توضع نحوه ** وتسرع إسراع المطهمة الجرد وصح رويدا إن دون إمامنا ** سيوف علوم سلها الله من غمد لأيدى شيوخ حنكتهم يد الهدى ** وأيدى كهول فى غطارفة مرد يصولون بالعلم المؤيد بالتقى ** وقد لبسوا درع الهدى محكم السرد إذا برزوا يوم الجدال تخالهم ** أسود شرى لا بل أجل من الأسد وإن نطقوا مدت يد الله سرهم ** بما سرهم فى الدين يالك من مد هم أوردونا أبحرا من علومهم ** مفجرة من غير جزر ولا مد هم القوم فاحطط رحل دينك عندهم ** لتنشد دين الله فى موطن النشد يجيئون إن جاءوا بآيات ربهم ** وتأتيهم إن جئت بالآى عن مرد لشتان ما بين الفريقين فى الهدى ** كشتان ما بين اليزيدين فى الرفد ضللتم عن التقوى وظلل هديها ** علينا بفئ وارف الظل والبرد فنحن بها فى روضة من هداية ** مفتحة الأزهار فائحة الورد تميس بها أعطافنا ثنى حلة ** خلوقية الأردان سابغة البرد نشاهده حسنا ونجنيه طيبا ** ونشرب كأس الفضل من غير ما جهد وراءك عن هذا المحل فإنه ** محل جلال لست منه على حد ودونك فالبس برد جهلك مائسا ** بعطفيك فى الإغواء يا عابد البد فإن كنت بالتجسيم دنت فعندنا ** أسنة علم فى مثقفة صلد زعمت بأن الله شيء مجسم ** تبين رويدا ما أمامة من هند فإن كان مسلوب انتهاء جعلته ** بقاذورة الأجساد والميت واللحد وفى الكلب والخنزير والوزغ والهبا ** وفى مثل هذا النوع يا واجب القد وفى البق والبرغوث والذر والذى ** أجل وأدنى منه فى القد والعد وفى حشرات الأرض والترب والحصى ** ضلالة ما رواكه شيخك النجدى وفى سائر الموجود يا أخبث الورى ** مقالا تعالى الله يا ناقض العهد وإن كان لا سلب انتهاء جعلته ** أقل من المخلوق فى زعمك المردى وقلت إله العرش فى العرش كونه ** وأنى لمحدود بمن جل عن حد فحددته من حيث أنكرت حده ** ويلزمك التخصيص فى العمق والقد ويلزم أن الله مخلوق خالق ** لقد جئت فى الإسلام بالمعضل الأد وقلت لذات الله وصف تنقل ** وحالة قرب عاقبت حالة البعد وخيلت ذات الله فى أعين الورى ** لمحسوسة الأجسام أخطأت عن عمد وحددت تكييفا وكيفت جاهلا ** أقست على حاليك فى العكس والطرد وأنكرت تشبيها وشبهت لازما ** وأثبت ضد العقل فى منتفى الضد حللت عرى الإسلام من عقدك الذى ** تدين فجاء الحل من قبل العقد وزيفت فى نقد اعتقادك فاغتدى ** وقد جاء زيف الدين من قبل النقد سللت حسام الغى فى غمدك الهدى ** فسلك من دين الهداية بالغمد بنيت ضلالا إذ هددت شريعة ** فأسست بنيان الضلالة بالهد مددت لسانا للإمام فقصرت ** يد الرشد فالتقصير من جانب المد كذا عن طريق الدين يا أخفش الهدى ** وصرح بما تخفى عن الدين من ضد فقد وضحت آثار غيك فى الورى ** كما وضحت فى سوأة خصيتا قرد بتبيين هذا الحبر من نور علمه ** دجى عقلك الهاوى وأقوالك الربد فرد معانيك الخبيثة علمه ** وغادرها فى الجهل صاغرة الخد وسل حساما من بيان فهومه ** فرد سيوف الغى مفلولة الحد وأبدى علوما ميزت فضل فضله ** كتمييز ذى البردين والفرس الورد فجاءت مجئ الصبح والصبح واضح ** وسارت مسير الشمس والشمس فى السعد وفاضت ففاضت أنفس من عداته ** وغاضت وما غاضت على كثرة الورد وآضت رياض العلم مطلولة الثرى ** بسح غمام الفضل منسكب العهد وجادت بنشر الدين فى عالم الهدى ** فجاءت بنشر لا العرار ولا الرند من الحكم اللاتى تضوع عرفها ** فعد عن الورد المضاعف والند سللن سيوف الحق فى موطن الهدى ** فغادرن صرعى الملحدين بلا لحد وأيدن دين الله فى أفق العلا ** بلا منصل عضب ولا فرس نهد وشيدن أعلام الحقائق فى الورى ** فلله منها من تجن وما تبدى ومجدن ذات الله تمجيد عالم ** بما يستحق الله من صفة المجد وكذبن دعوى كل غاو مجسم ** بما رد من قول له واجب الرد وأمضين حكم النقل والعقل فاحتوى ** كلام إمام الحق مجدا على مجد معان إذا جاشت ميادين فضلها ** أخذن بأعناق الأنام إلى الرشد وإن كنت عدليا يحكم عقله ** برد مراد الله عن بعض ما قصد وإمضاء ما يختاره العبد من هوى ** فحكم إله العبد دون هوى العبد وتجحد تشفيع الرسول وأنه ** يرى الله يوم الحشر أف لذى الجحد وتنفى صفات الله جل جلاله ** وتزعم أن الآى محدثة العهد وتلزم إيجابا على الله فعله ** لأصلح ما يرضى وأفضل ما يجدى فجانب هاتين الطريقين علمه ** كما جانب القيسى فى النسب الأزدى وقال بإثبات الصفات وذاتها ** وسلب صفات النفس عن صمد فرد فمن موجب يوما على الله حكمه ** ومن ذا الذى يحتج إن هو لم يهد ومن ذا الذى يقضى بغير قضائه ** ومن ذا الذى عن قهر عزته يحدى وهل حاكم فى الخير والشر غيره ** إذا شاء أمرا لم ترده يدا رد هو الله لا أين ولا كيف عنده ** ولا حد يحويه ولا حصر ذى حد ولا القرب فى الأدنى ولا البعد والنوى ** يخالف حالا منه فى القرب والبعد فمن قبل قبل القبل كان وبعده ** يكون بلا حصر لقبل ولا بعد تنزه عن إثبات جسم وسلبه ** صفات كمال فاقف رسمى أو حدى تبارك ما يقضيه يمضى وما يشا ** يكون بلا بدء عليه ولابد تقدس موصوفا وعز منزها ** وجل عن الأغيار منسلب الفقد هو الواجب الأوصاف والذات فاطرح ** سواها من الأقوال فهى التى تردى هو الحق لا شيء سواه فمن يزغ ** ضلالا فإنا لا نزيغ عن القصد هو الفاعل المختار ليس بموجب ** لشيء من المخلوق فى أنفس الفرد وليس إله الخلق علة خلقه ** ولكن فعل الله علية الوجد ولا نسبة بين العباد وبينه ** وهل علة إلا مناسبة تجدى هو الواصل النعاب لطفا بضعفه ** على فقده من أمه صلة الوجد هو الخالق الأشباح فى ظلم الحشا ** هو الكافل الطفل الرضيع لدى المهد أدر له من جلدتين لبانه ** ولولاه لم يسق اللبان من الجلد فهذى فصول من أصول كثيرة ** على قصر النظم المقصر عن قصدى وإلا ففى أبحاثه وعلومه ** غوامض أسرار تلوح لذى الرشد أيجحد فضل الأشعرى موحد ** وما زال يهدى من معانيه ما يهدى من الكلم اللاتى قصمن بحدها ** عرى باطل الإلحاد كالصارم الهندى فيا جاحدا هذا الإمام محله ** من العلم والإيمان والعمل المجدى هى الشمس لا تخفى على عين مسلم ** سوى مقلة عمياء أو أعين رمد فوالله لولا الأشعرى لقادنا ** ضلالكم الهادى إلى أسوإ القصد جزى الله ذاك الحبر عنا بفضله ** جزاء يرقيه ذرى درج الخلد وحمدا لربى فهو مهديه للورى ** ولله أولى بالجميل وبالحمد أين حطت مطايا هذا الجاهل الغبى والمبطل الغوى والملحد البدعى أنخ لى إلى مغناه يا بارق الهدى ** فقد وقدت بين الحشا نار هجرة وصلنى بتعريف محل قراره ** لأوصله منى إدامة هجره وأصليه من فكرى بذاكى ذكائه ** أقلبه منه على حر جمره وأهديه من داجى الضلال بنير ** ينير له عندى السرى وجه فجره وإلا فدله على دلالة العصفور على حبة الفخ واهده إلى هداية العادى إلى نصل الجرح لا يفهم سهام كلامى إليه وأوقد سهام كلامى عليه وأفقأ بالنظر باب ناظريه وأفك بالبديهيات ماضغيه وأقفه من ثنايا خطاه على شفا جرف هار وأجنيه من ردايا خطله شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار وأسمه بميسم الصغار وأغره عن الأسود بن غفار وأعلمه أنه فى مذهب أئمة الحق ثانى اثنى الكفار إن لم يكن عين الكفار وأنتصر للثاوى فى جنات الله أشرف الانتصار وأوضح له أن له فى كل زمان أنصارا من الأنصار إذا أعملوا أفكارهم ناب قولها ** عن السيف يوم الروع تدمى شفاره وإن أظلمت آفاق خطب بدوا به ** شموس معان فاستبان نهاره وأناقش ألفاظه التى باعدها من معانيها وأعراضه التى ثوب بشيطان الضلالة داعيها وإشارته التى نعق فى فئة الضلالة غاويها كما صاح بالمهراس إزب ضلالة ** وكان لدين الله عاقبة النصر وما برح الإيمان فى كل عصرة ** يكاد فهذا الإرث فى آخر العصر وها أنا أناديه من كثب التبيان بلسان البيان وأناجيه من وجوه العلم بمقلة الحسان وأقذى عينه من عمه قذاها وأغسل فكره من دنس أذاها وأرفع له علم إرادة هداها فإما رجعة إلى سبيل الرشاد عن غية وإما صرعة على مهاد العنا من بغيه واعلم أرشدك الله أن الله وعد محمدا بإظهار دينه على الدين كله وضمن له ضمان الحق والصدق فى فرع الإيمان وأصله فتأمل بعين الإيمان وقلبه وأصخ إلى الحق إصاخة مسترشد بربه كيف سير الله فى العالم علم هذا العالم واستودعه فى المشارق والمعارب قلوب الأعاجم والأعارب وعم به المجالس والمدارس وأخرس عنه الباغى المناقب والحاسد المنافس وجرى بذهنه على الإطلاق جرى السيل وامتد على الآفاق امتداد الليل وملأ عرض الأرض ما بين السها وسهيل فلا ينطق ذامه إلا همسا ولا يسمع لكافر فى الإعلان جرسا والستر دون الفاحشات وما ** يلقاك دون الخير من ستر إنما يتراضعون بغضه تراضع الفئة الفاجرة ويتواضعون ذمه تواضع من ذكر الدنيا ونسى الآخرة لا يظهرونه إلى الإعلان عن الأسرار ولا تنطق به شفاههم إلا كأخى السرار ويطوون داء الفضل فى نشر جهلهم ** فأقبح بذاك الطى فى ذلك النشر هم سفهوا آراءنا وإمامنا ** وموعدنا والقوم مجتمع الحشر ثم انظر إلى علماء الأمة الذين درجوا فى درجات الإفادة منه وتخرجوا بكلمات العلم المنقولة عنه كيف تناقلتهم الأعصار وتهادتهم الأمصار وطلعوا فى كل أفق طلوع الشمس ونسخوا بمحكمات علومهم كل لبس وقضوا من كشف غوامض الكتاب والسنة كل حاجة فى النفس أئمة تشد إليهم الرحال وتحط وعلماء تدار على أقوالهم معالم الإيمان وتحط كابن الباقلانى والإسفراينى وإمام الحرمين وابن العربى والغزالى والمادرى وأبو الوليد والرازى وغيرهم ممن اختلفت إليه أعناق الرفاق وملأ بعلمه ظهور الظواهر وبطون الأوراق وطلع طلوع الشمس فى الآفاق وتوازر على نصره السيف والقلم وانتشر عنه العلم وانتشر عليه بالإمامة العلم بما تأصل من أصول هذا الإمام وتفرع من فروعه وتفرق فى أعلام الأمة من مجموعة وأبانه من نجم هدايته الذى ما أفل من حين طلوعه وأبداه من دقائق العلم التى دلت على أن روح القدس نفث فى روعه فأطلعها شمسا أنارت بهديها ** معالم دين الله واسترشد العلما هدت مبصرا فى الدين واضح رشده ** وضل بها من كان فى هذه أعمى إلى غير ذلك من امتداد باعهم فى الإمامة وكون كل منتسب إلى علم يقع منه موقع القلامة كل صدر إذا تصدر يوما ** شهدت كل أمة بعلاه وإذا ما ابتدى لفصل جدال ** شرف الله من هدى بهداه فأرنى إماما من أئمة المجسمة لم يجمجم فى أقواله ولم يخف إخفاء الهمزة ما بين حم من ضلاله إنما يتواحر به أنحاء اليهود بأنبائها إلى أبنائها ويتهادونه تهادى الفجرة ضلالة إغوائها ويتعاوون به تعاوى الكلاب المتجاوبة فى عوائها فأى المذهبين تكفل الله لمحمد فى إعلاء كلمته وأى القولين أشهر شهرة وأوضح ظهورا فى ملته فاجتن ما غرسته لك فى رياض العلم ناميا واجتل حسن هديتى إليك فإن كنت مهتديا فقد وجدت هاديا وحذار أن ترد البضائع ماؤها عذب وتصدر فى الظهيرة ظاميا وتزيد شمس الدين واضح رشدها فتصد عنها أخفش متعاميا فرد مشرع الدين ليطف من حر نارك وتبصر عين اليقين لتشف من عين عوارك فقد نشرت لك علم العلم لتأتم بآثاره وأوضحت لك بدر التم لتهتدى بأنواره وأخذت بحجزتك عن مهوى الجهل فلا تصطلى بناره فإنك إن تفعل فراشة عثة ** أبت بعد مس النار إلا هلاكها وقد وضحت شمس الأدلة فاستبن ** ولا توثقن نفسا بغير فكاكها فادخل أنت وأشياعك من باب سلم التسليم وقولوا حطة وتخط بواضح هذا التفهيم مدرجة هذه الحنطة وأفق بمداواة هذا التعليم من مرض هذه الخطة وإلا فإن أعلام الأئمة منشورة وسيوف الأدلة مشهورة وجيوش علماء الأمة فى المواقف على الملحدين منصورة وأعداؤهم ما برحت شبه ضلالتهم بحجج الحقائق مقهورة فخذ بيد الإيمان إن كنت مؤمنا ** وخذ بيد الإسلام إن كنت مسلما وهاك يدى عهدا عن الله أنه ** سيكفيك إن تابعت رأيى جهنما فقد والله محضتك النصيحة مرشدا وأخذت بنفسك مغورا فأخذت بك منجدا لأشفيك يا عاريا مبطلا ** بطبى من دائك الممرض وأقضيك عن عرض هذا الإمام ** وإن كنت للذل لا تقتضى وأهديك من كلمات الهدى ** بهادى سنا بارق مومض وأكحلك بالصاب أو بالجلا ** ففتح لكحلى أو غمض ولو عقلت رشدك وصنت عن الاغتياب عقدك لحسن بك أن تتخالف عن هذا المشرع الذميم وتتحلى بهذا العقد النظيم من كلمات الفاضل الحكيم لا تضع من شريف قدرا وإن كنت ** مشارا إليك بالتعظيم فالشريف العظيم ينحط قدرا ** بالتعدى على الشريف العظيم ولع الخمر بالعقول رمى الخمر ** بتنجيسها وبالتحريم ولا تطرد هذا القياس أيدك الله فى وفيك وخذ جواب ذلك قبل أن تنطق به شفتا فيك فإن الله لم يدنك من رتب جلالته ولا رقاك إلى أقل جزء من عالى درجته فإنك لا تدرى بأية موطن ** ولا أى وصف أنت فيه من الخلق سوى أن قولا منك جاء فدلنا ** على أن هذا القول مال عن الحق وحاد عن التقوى وجار على الهدى ** وجانب فى إعراضه جانب الصدق أتهجو إمام المسلمين وقد مضى ** إلى الله لا قدست فى ذلك النطق أجدك أنى فيك قال فلا ترم ** مكانك أو تلقى إلى كما ألقى لتحكم فينا آية البعد أمرها ** فتأفل فى غرب وأطلع فى شرق وتشرب كأسا من ضلالك باغيا ** فقد أترعت جهلا من المورد الرنق عذيرى لو ألقاك يوما بنجوة ** ضربتك بالسيف المهند فى الفرق واعجبا لعين عميت عن نور ملأ شرق الأرض وغربها وهداية أسبلت على فئة الضلالة غربها وجمعت على الائتمام بهذا الإمام عجم الإسلام وعربها فطبق آفاق الورى فيض فضله ** وفاء عليهم بالهدى فئ ظله وقامت بحار العلم منه فأصبحت ** ووبلك مغمور بقطرة طله إليك فهذا مورد ما وردته ** وراءك حل الفضل فيه لأهله فلا فرع فى الإسلام زاك كفرعه ** ولا أصل فى الإيمان هاد كأصله فما انتصرت منه مابحث علمه ** على عقله حتى استدل بنقله ولا امتد إلا من علوم رسوله ** ولا قال إلا عن صائح فضله ولا أم إلا معجزات كتابه ** إذا أم بحاث مجرد عقله هو السيف ماضى الشفرتين فخله ** وإلا فمقتولا أراك بنصله هذه أيدك الله جالية صدأ الدين ومقذية عمه العين والعقيدة الآخذة يمين الإرشاد والذخيرة الهادية إلى سبيل الرشاد أنرت لك بها مسالك سبيلك ورميت بشهاب حقها شيطان تضليلك وجعلتها حجة على شبهك ومحجة لدليلك وأجنيتك بها روض الإيمان لما حنظلت شجراتك ورويتها نارى الإتقان لما أمرت بمرآتك فاعش إلى ضوء نارها واقف محاسن آثارها وضعها غرة فى جبينك واجعلها درة فى يمينك وأصخ بسمعك إلى داعى واجب الإجابة وأمهد لنفسك فى مغرس الإنابة ومقيل الإثابة فإنك خطوت فى بهماء مظلمة وسعيت فى دحض مزلة أسأت ومن يسئ يوما يساء ** رويدك فالجزاء بها وراء هجوت الأشعرى إمام حق ** بفيك الترب فانطلق ما تشاء ستعلم أينا أهدى سبيلا ** إذا وقع الحساب أو الجزاء وأى المذهبين أصح قولا ** وتنزيها إذا كشف الغطاء وتشهد فى القيامة أن ربى ** سيشهد أنه منكم براء أتزعم أن رب العرش فيه ** وتزعم أن ذاك له وعاء فإن ألزمته فيه قرارا ** فذا زمن وقد طال الثواء ويلزم أنه إن كان فيه ** خلت منه البسيطة والسماء وإن حركته منه تعالى ** فيلزمه حدوث وانتهاء ويلزمه التنقل فى محال ** يعاقبها خلاء أو ملاء فلم تترك من التشبيه شيئا ** سوى أن قيل قد فقد السواء فداو الدين من عمه ورين ** فإن العلم والتقوى دواء فقد صديت فهومكم وصدت ** عن المثلى وقد وجد الجلاء وأمرضها فساد العقل منها ** مع التخليط وامتنع الشفاء وإن كنت اعتزلت الدين رأيا ** تحالفه الشقاوة والغباء وأثبت المشيئة للبرايا ** ولم تثبت لربك ما يشاء وأنكرت القضاء له انفرادا ** فقلت لعبده أيضا قضاء وأوجبت الصلاح عليه حكما ** يخالفه العبيد إذا أشاءوا فمن يقضى عليه إن عصوه ** أمقهور إلهك أم مساء وعجزا عنهم أم رفض فرض ** عليه إن قولكم هزاء وإن تك ملحدا فى الدين أضحى ** على عينى كتابته غشاء يعاند لا لمعنى يقتضيه ** سوى أن جانبته الأتقياء ففى يمنى الشريعة سيف حق ** يؤيد نصله أسد ظماء نطهر ديننا بدماء قوم ** وإن نجست به تلك الدماء فما خفيت وجوه العلم لكن ** هواكم عم أو غلب الشقاء وأيضا غركم شيطان جهل ** ألب بكم وأفئدة هواء ودلالكم غرورا فى هواكم ** كما دليت على الرخو الدلاء تأمل يا سقيم الفهم هذا ** فإن الحق ليس به خفاء وحصرى الحكم إثباتا ونفيا ** لمعتل الدليل به شفاء كأنى بالمجسم يوم حشر ** وقد ضاقت به الأرض الفضاء فنكس رأسه منه حياء ** ولكن فات فى الدنيا الحياء سيندم حين يسأله رجوعا ** فيسمع لا لقد حم القضاء صرف الله قلوبنا عن غباوة الخطأ وغواية الخطل وبصرنا بهداية العمل عن عماية الزلل وأخذ بأيدينا عن معانقة الأمل إلى مراقبة الأجل وأظلنا بظل عرشه فى الموقف الجلل وهدانا إلى اتباع خير الرسل وملة أشرف الملل وعلى آله وأصحابه المهتدين به والهادين إلى أشرف السبل وسلم تسليما كثيرا تمت بحمد الله وعونه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
المملوك محمد بن على يخدم الجناب الكريم العالى المولوى السيدى العالمى العلمى الورعى الأفضلى الأكملى الأبرعى الأورعى المحسنى الضيائى لا زال بحرا وأنواع المعارف مأواه بدرا وأوج السعادة سماؤه قطرا وعزمات المكارم أنواؤه صدرا منه مبدأ الشرف وإليه انتهاؤه يقوم بنصر الدين فى كل موطن ** به راية الإسلام تعلو وتنصب ويأتى إلى روض على دمنة له ** فتحرقه أنفاسه وهو معشب فلا عدم الإسلام مثلك ساعيا ** له راعيا ما الله يرعى ويطلب إذا أجمع البدعى فى الغى أمره ** وأبصر ما يمليه فهو المذبذب وإن لاح من تلقائه فى ظلامه ** سنا بارق إطفائه فهو خلب يناديه فى تقريبه لضلاله ** منه عنقاء مغرب أبى لى أن يستهضم الحق جهرة ** ويخذل أنصار لذاك ومغرب أولئك قوم نص أن ظهورهم ** على الحق ما داموا النبى المقرب خدمة تقوم بواجب الفرض ويملأ ثناها ذات الطول والعرض ويصدق ودها فلا يرجى عليه ثواب ولا ينحى به منحى القرض ويثبت عهدها فإذا غير النأى المحبين قال هو فلن أبرح الأرض دعاو لها من سالف الود شاهد ** يصدقه منك الضمير ويقبل تدوم على الأيام والدهر ينقضى ** وتظفر بالبقيا إذا خاب يذبل متى تنتهى الأفكار منه لغاية ** نظن مداها آخرا وهو أول ويتلوه من إحسانك الجم شاهد ** يزكيه طيب المنتمى ويعدل وحسبك بشاهدين مقبولين ومزكى بل حاكمين لا يخشى حكمهما نقضا ولا حديثهما تركا بل علمين شاهدهما من أقبل وأدبر ونصيرهما من أضحك وأبكى بل مفردين لا يقبل إفرادهما تثنية ولا توحيدهما شركا بل جملتين لا يحكيهما متكلف وإن كانت الجمل قد تحكى وينهى ورود الكتاب الكريم والإحسان العميم والفضل الذى هو عنده وعند الله عظيم قرينا للحسناء التى صادت وصدت الكاس وصدت فى مذهبها فلم تجر على قاعدة القياس ونفرت من المملوك ولقد أعد لها الإيناس قبل الإبساس وعدلت عن ربعه ولو مرت لقال ما فى وقوفك ساعة من باس هجرت والقلوب للهجر تدمى والعيون تتضرج ونشرت ولعهدى بالحسناء تتزين ثم تتبرج وأخفت الخالص من نقدها وإنما يخفى ما يخاف أن يتبهرج ولعلها تصوفت فرجحت عالم الغيب على عالم الشهود أو تفقهت فرأت أن لا حرج على الفار إذا نوى أن يعود أو تأدبت فقال قد يرفض الأصل ويخرج عن المعهود أو تصرفت فمالت إلى الصلف ومخالفة محبوب ابن داود فبات المملوك ليالى بليل المشوق وقلق من بعد مزاره فتعلل بلمح البروق وكيف حال من أجدبت مراعيه وأظلمت مساعيه فهو ينتظر سحبا تريق أو أنوارا تروق ولما كان استقبال ليلة عزوبة زفت البكر التى هى من جناب سيدنا مألوفة وبين أهل العصر غريبة وأوفت والطفل جانح والنهار جامح والغروب لآية المساء شارح وإنسان العين فى بحر من العسجد سابح وحينئذ ترك المملوك عسى ولعل ورأى نجم تعليله قد أفل وحسن اختياره قد اضمحل وتحقق أن الصواب لمن وفق غير بعيد ومن رضى باختيار الله له فهو عين السعيد وقال لنفسه لعل التأخر ليجمع الله لك فى ليلة واحدة بين ليلتى عيد فتلقى راية وصلها باليمين وشد يده عليها لما ظفر بالعقد الثمين ورأى ألفاظها الساحرة تقسم على سلب الألباب فلا تمين فلو تمثلت أنا بشيء لقلنا ومن شرع فى أمر ولم يكمله فما أنصفه والعجز عن درك الإدراك نفس الإدراك وعين المعرفة فأطال الله لسيدنا من العمر مداه وأرغم به أنف المبتدعة فما هم إلا عداه وبيض وجهه بما حبر قلمه وادخر كرامته لما قدمت يداه
وأما ما أشار به الجناب من رد المملوك على ذلك الساقط ولو شئت لقلت العافط وقد كان المملوك عندما رأى هذيانه وسمع ما سود من صحيفته ولسانه بادر بتضمين أبيات يسيرة أسرع إلى مستمليها سيرة ورام أن يعود عليها بالتنقيح والتهذيب فعجلت به بادرة الغيرة قال علمنا ويك وانكشف الغطاء ** ولاح الحق ليس به خفاء وحققنا بأنك غير شك ** ضعيف الرأى جؤجؤه هواء يرى بتجمع الضدين جهلا ** ويجهل ما رأى والجهل داء ويثبت ما نفاه وليس يدرى ** أأثبت أم نفى فهما سواء فما متكمه لم يبد يوما ** له من ضوء بارقة ضياء أتت بعد الممات له دهور ** فأفناه التمزق والعفاء بأعمى منك عن نظر صحيح ** دلائله كما ارتفع الضحاء قليل الدين كيف طعنت فيما ** تناقله الثقات الأتقياء وأقسم لست تثبت نفى ما قد ** نفيت ولو أطيل لك النساء وطعن المرء فى الأنساب كفر ** كما يروى فهل غلب الشقاء جعلت الشك فيما وضعه أن ** تزول به الشكوك والامتراء وطللت الذين حموك لما ** تكنفك العدى ودنا العداء فلو ردت إليك أمورهم فى ** مناظرة لجد بك البلاء فقف لخطاك لا تبلغ مداها ** مقاما لا تقوم به النساء وخل لملتقى الأبطال منهم ** أسودا لا ينهنهها اللقاء إذا حضروا الجلاد أتوا بنار ** من الأذهان يوقدها الذكاء وأغنوا حيث لا تغنى صفاح ** كما أغنوا ولا أسل ظماء فكم من ملحد دلوه حتى ** أقر بما تقول الأنبياء وكم متفلسف قد سفهوه ** فما لقديم فلسفة بقاء أتوا برواء حكمتهم فلما ** أتى الأشياخ لم تبق الرواء وكان القوم فى حصن منيع ** عصا . . . . . . . . . . . . . . الهواء فلما حاولوه صار أرضا ** سماء الحصن واستفل العلاء وكيف يكون حالة من سواهم ** إذا دان الخصوم الأقوياء وأما الاعتزال وناصروه ** فإن حبال ما ابتدعوا هباء وكم من رافضى أوردوه ** موارد ما هناه بها الرواء وكم من مرجئ أو خارجى ** تبين أن قولهما هراء ومثلك قد لقى منهم مقاما ** يسود وجهه ذاك اللقاء أولئك عترتى ومحل ودى ** وقد يفضى إلى الشرف اعتزاء رأوا أن الأساس أهم مما ** عداه فأتقنوه كيف شاءوا وأفنوا مدة الأعمار فيه ** عناء حبذا ذاك العناء فليتك إذ خبرتك لست عندى ** خليلا من أمام ولا وراء بعيشك عند نفسك كيف يبنى ** بلا أصل يقوم به البناء هربت من ابتداع فى اعتقاد ** تدين به فأوقعك القضاء لعلك تكره التنزيه ممن ** يراه فليس فيك له ولاء لعلك تحسب الرحمن جسما ** يلازمه التغير والفناء لعل الصوت عندكم قديم ** مكابرة تجنبها الحياء وقولا إن تناقله الأعادى ** لنا سروا بذاك كما نشاء نفينا فخره عنا وفزتم ** به فلكم برتبته الهناء هجوت فملت نحوك مستفيدا ** وعند الله فى ذاك الجزاء فلو وافيتنا حيث استقرت ** بشيعتنا الإقامة والثواء وفهت بما نطقت به لديهم ** أهنت هناك إن حضر الجلاء وأثناء هذه البارقة ترادفت الهموم فأظلم الليل وتكاثفت الأشغال فحطم السيل وقلت أكتفى للمخذول بأن أقول بفيه الحجر وله الويل ولكن لما أصبح علم الهداية لسيدنا منصوبا وأجرى جواد البيان فى ميدان الإحسان فكان بحرا يعبوبا وقدح زناد الفكر ورمى بناره شيطان البدعة فأمسى منكوبا فلابد للمملوك أن يتبع الأثر ويقضى تلك الحقوق وينصر أبا الروح كما ينصر أبا الجسد فكلاهما محرم العقوق ويسرق وقتا لذلك السبب وإن كانت الموانع تقوم والعوائق تعوق ويقطعه عن أمثاله وأشغاله ومن العجائب أن يقطع المسروق بفتح السين المهملة وإسكان النون بعدها جيم ثم ألف ثم نون كذا ضبطه ابن الصلاح بخطه السنجانى القاضى أبو الحسن المروزى قال الحاكم كان أحد فقهاء الشافعيين سمع أبا الموجه محمد بن عمرو الفزارى وأقرانه بمرو وبالعراق يوسف بن يعقوب القاضى وأقرانه روى عنه مشايخنا الحكاية بعد الحكاية ولم يبلغ التحديث ورد نيسابور قاضيا بها سنة ست عشرة وثلاثمائة سمعت أبا الحسن على بن أحمد العروضى الفقيه يقول سمعت أبا الحسن السنجانى قاضينا يقول سمعت أبا العباس بن سريج يقول يؤتى يوم القيامة بالشافعى وقد تعلق بالمزنى يقول رب هذا أفسد علومى فأقول أنا مهلا بأبى إبراهيم فإنى لم أزل فى إصلاح ما أفسده سمعت الأستاذ أبا الوليد يقول سمعت أبا الحسن يقول عرض على بنيسابور في حكومة واحدة ألف درهم فرددتها وتعجبت من أمر نيسابور ثم قمت فصليت ركعتين وشكرت الله على ما وفقنى له هذا كلام الحاكم وذكره أبو حفص عمر بن على المطوعى فى كتابه المذهب فى ذكر شيوخ المذهب فقال أبو الحسن على بن الحسن بن سنجان السنجانى قاض جليل القدر نابه الذكر من أصحاب أبى العباس ومن أحفظهم للأقاويل والتوجيهات وتقلد القضاء بنيسابور انتهى ومن خط ابن الصلاح فى المنتخب الذى انتخبه من المذهب نقلته وضبط بخطه سنجان بفتح السين وإسكان النون بعدها ثم الجيم قاضى مصر وأحد أركان المذهب وهو من تلامذة أبى ثور وداود إمام الظاهر عنهما حمل العلم سمع أحمد بن المقدام العجلى ويوسف بن موسى والحسن بن عرفة وزيد ابن أخزم والحسن بن محمد الزعفرانى روى عنه أبو عمر بن حيويه وأبو بكر بن المقرئ وعمر بن شاهين وجماعة قال أبو حفص المطوعى فى كتاب المذهب إنه تخرج بأبى ثور قال وكان من خواص أصحابه وكان يسلك مناهجه فى الاختيارات التى اختص بها والتخريجات التى تفرد باستنباطها ذكر ذلك فى ذكر أبى ثور ثم ذكر فى ذكر ابن حربويه قال هو حسنة أبى ثور والسالك لسبيله وكانت الخلفاء ترفع مجلسه انتهى وقال البرقانى ذكرته للدارقطنى فذكر من جلالته وفضله وقال حدث عنه النسائى فى الصحيح لم يحصل لى عنه حرف وقد مات بعد أن كتبت بخمس سنين وقال أبو سعيد بن يونس هو قاضى مصر أقام بها طويلا وكان شيئا عجيبا ما رأينا مثله لا قبله ولا بعده وكان يتفقه على مذهب أبى ثور وعزل عن القضاء سنة إحدى عشرة لأنه كتب يستعفى ووجه بذلك رسولا إلى بغداد وأغلق بابه وامتنع من الحكم فأعفى فحدث حين جاء عزله وأملى مجالس ورجع إلى بغداد وكان ثقة ثبتا قلت كان رسوله إلى بغداد بالاستعفاء أبو بكر بن الحداد ورجع إليه ولم يعف لأن الوزير إذ ذاك أبى أن يعفيه فما عاد ابن الحداد إلى مصر إلا وقد ولى وزير غير ذلك الوزير وهو ابن الفرات وكان يكره أبا عبيد فصرفه بعد أن كان له فى قضاء مصر أزيد من ثمانى عشرة سنة وكان مهيبا مصمما مضبوط الكلمات قليلها وافر الحرمة لم يره أحد يأكل ولا يشرب ولا يلبس ولا يغسل يده إنما يفعل ذلك فى خلوة وهو منفرد بنفسه ولا رآه أحد يمتخط ولا يبصق ولا يحك جسمه ولا يمسح وجهه وكان عليه من الوقار والهيبة والحشمة ما يتذاكره أهل بلده وقال ابن زولاق كان عالما بالاختلاف والمعانى والقياس عارفا بعلم القرآن والحديث فصيحا عاقلا عفيفا قوالا بالحق سمحا منقبضا وكان رزقه فى الشهر مائة وعشرين دينارا وكان يورث ذوى الأحكام وولى قضاء واسط قبل مصر وكان أمير مصر يأتى إلى داره قال وهو آخر قاض ركب إليه الأمراء بمصر ولم يكن شكل أبى عبيد بهيا فكان من رآه ربما استزراه حتى يسمع كلامه وفصاحة لسانه فيقع من قلبه إذ ذاك أعظم موقع وكان ابن الحداد كثير المخالطة له والتعظيم له وله به خصوصية قال ابن الحداد قدم أبو عبيد إلى مصر فرأيته فى الطريق فى جملة النظارة فما أعجبنى زيه ولا منظره ثم دخل شهر رمضان وكنا عند أبى القاسم بشر بن نصر الفقيه غلام عرق فدخل منصور بن إسماعيل الفقيه مهنئا له بشهر رمضان فقيل له من أين أقبلت فقال من عند القاضى هنأته بدخول الشهر قال ابن الحداد فقلت له كيف رأيت القاضى قال رأيت رجلا عالما بالقرآن والفقه والحديث والاختلاف ووجوه المناظرات وعالما باللغة والعربية وأيام الناس عاقلا ورعا زاهدا متمكنا فقلت له هذا يحيى بن أكثم فقال الذى عندى قلت لك قال ابن الحداد ثم دخلت إليه فوجدت منصورا مقصرا فى وصفه توفى فى صفر سنة تسع عشرة وثلاثمائة ببغداد وصلى عليه أبو سعيد الاصطخرى
أخبرنا المسند أبو العباس أحمد بن على الجزرى سماعا عليه أخبرنا محمد بن عبد الهادى إجازة عن أبى طاهر السلفى أخبرنا القاضى أبو عمر مسعود ابن على بن الحسين الملحى بأردبيل أخبرنا أبو على محمد بن وشاح بن عبد الله الكاتب ببغداد أخبرنا أبو القاسم عيسى بن على بن داود بن الجراح الوزير حدثه أبو عبيد على بن الحسين بن حرب القاضى حدثنا زكريا بن يحيى الكوفى حدثنى عبد الله بن صالح اليمانى حدثني أبو همام القرشى عن سليمان بن المغيرة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ( يا أبا هريرة علم الناس القرآن وتعلمه فإنك إن مت وأنت كذلك زارت الملائكة قبرك كما يزار البيت العتيق وعلم الناس سنتى وإن كرهوا ذلك وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة فلا تحدث فى دين الله حدثا برأيك ) ليس لطارق بن شهاب عن أبى هريرة شيء فى الكتب الستة قيل إن أبا عبيد قال لأبى جعفر الطحاوى وقد رآه يصمم على مقاله يا أبا جعفر أما علمت أن من لا يخالف إمامه فى شيء عصى قال نعم أيها القاضى وغبى نقل المطوعى والجورى أن أبا عبيد أوجب الكفارة على من حرم مالا له من ثوب أو دار وما أشبههما وسوى بين ذلك وتحريم البضع من الزوجة قال العبادى حكم أبو عبيد بأن الولد يلحق بالخصى إذا لم يكن مجبوبا فرفع الخصى الولد ونادى عليه بمصر ألا إن القاضى يلحق أولاد الزنا بالخدم قلت وإنما تعرف هذه الحكاية عن أبى عبد الله الحسين بن الحسن بن عطية ابن سعد العوفى قاضى الشرقية ببغداد ثم قاضى عسكر المهدى وهو متقدم مات سنة إحدى ومائتين قال الحارث بن أبى أسامة حدثني بعض أصحابنا قال جاءت امرأة إلى العوفى فساق الحكاية ولعلها اتفقت للقاضيين والظاهر فى المذهب أن المسلول الخصيتين الباقى الذكر كالفحل فى لحوق النسب فما حكم أبو عبيد إلا بالمذهب الظاهر ولعل الذى حكم به أبو عبيد والعوفى إنما هو فى الممسوح وهو فاقد الذكر والأنثيين جميعا بالكلية ومع ذلك هو قول للشافعى اختاره بعض الأصحاب وإلا فلو كان فى الخصى الباقى الذكر لما استغربه أبو عاصم فليحقق ذلك وقد أطال ابن زولاق فى ذكر أخبار القاضى أبى عبيد والثناء على محاسنه وقول أهل مصر إنهم لم يروا قبله ولا بعده قاضيا مثله قال وكان يذهب إلى قول أبى ثور ثم صار يختار فجميع أحكامه بمصر باختياره وحكم بمصر بأحكام لو حكم بها غيره لأنكر عليه فما أنكر عليه أحد لأن أبا عبيد كان رجلا لا يطعن عليه فى علم ولا تلحقه ظنة فى رشوة ولا يحيف فى حكم وكان يورث ذوى الأرحام قال ابن الحداد وما كان أبو عبيد يؤمر أحدا بل إذا ذكر تكين أمير مصر يقول أبو منصور تكين ولا يقول الأمير قال وكان إذا ركب لا يلتفت ولا يتحدث مع أحد ولا يصلح رداءه وركب مرة إلى أمير مصر تكين وهو بالجيزة فى كاينة اتفقت له فقيل له قد رأى القاضى النيل فقال قد سمعت خرير الماء قلت فلله در قاض أقام بمصر ثمانى عشرة سنة لم يبصر النيل وكانت الكاينة التى خرج فيها تكين إلى الجيزة قد قتل فيها فى الواقعة على ماقيل نحو من خمسين ألفا أراد تكين أن يحفر لهم خندقا ويدفنهم فخرج إليه القاضى وقال إنك إن فعلت ذلك تلفت المواريث ولكن ناد فى الناس من له قتيل يأخذه ففعل تكين ما قاله قال ابن زولاق وجرى للقاضى فى هذا الخروج إلى الجيزة خبر عجيب حركه البول وهو راجع فعدل إلى بستان فنزل وبال واستنجى وتوضأ من مائه ثم انصرف ثم سأل بعد أيام عن البستان فقيل لفلانة فأرسل إليها يستأذنها على الحضور إليها فارتاعت لذلك وقالت أنا أركب إليه وكانت من أهل الأقدار فأبى فركب إليها أبو عبيد وقد فرشت له الدار وحسنتها فقال لها البستان لك وحدك بلا شريك فقالت نعم وأنا التى أسقيه من مائى قال فأنا نزلت فى أرضه وتوضأت من مائه فخذى ثمن ذلك فبكت وقالت أيها القاضى أنت فى حل ولو علمت أن القاضى يقبله هدية لأهديته إليه فقال لها عن طيب نفس تركت ولم تتركى ذلك لأجل القاضى وحرمته فقالت نعم فانصرف وحكى ابن زولاق أشياء من هذا الجنس دالة على تصلبه فى الورع وأشياء أخر دالة على شدته فى الحق وأشياء أخر دالة على تصميمه ووقاره وهيبته وأنه كان ينهى أن يتلفظ لافظ فى مجلسه بذكر الطعام أو النساء قال ومكث فى مصر ثمانى عشرة سنة وستة أشهر ما رآه راء يأكل ولا يشرب وذكر أن تواقيعه جمعت وكتبت لفصاحتها وبلاغتها وأنه كان إذا تكلم بكلمة طارت فى البلد إعجابا بها
رفع إليه أن امرأة امتنعت من السفر مع زوجها فوقع إلى كاتبه إن لم يكن لها مهر عليه باق ولم يكن بينهما شقاق يدعوهما إلى مساوئ الأخلاق فله أن يخرج بها إلى جميع الآفاق وكتب إليه خليفته الحسن بن صالح البهنسى إن جماعة ذمونى عند القاضى فكتب إليه أبو عبيد لو كان المادحون لك بعدد الذامين الزارين عليك لما نقصك ذلك عندى فكيف والمثنون عليك أضعاف الذامين وسألتك بالله ألا يزيدك كتابى إلا تواضعا ولا تقعقع بكتاب قاضيك على رعيتك فتضعف قلوبهم فإنما قربك منى قربك من الحق ومتى بعدت منه بعدت من قلبى والسلام وكان أبو بكر بن الحداد كثير الإجلال للقاضى أبى عبيد بحيث لا يقول له إلا القاضى غيبة وحضورا فى حياته وبعد وفاته وإذا قيل له من القاضى غضب ويقول إنما القاضى أبو عبيد
شكت إليه امرأة كبر آلة زوجها وأنها لا تطيقه فأمر شاهدا بالكشف عن ذلك ثم فرق بينهما كذا نقل النقلة فإما أن يكون فرق بينهما بمعنى أن توسط بينهما واسترضى خاطر الزوج حتى طلقها وإما أن يكون للمرأة الفسخ بكبر آلة الزوج وهذا غريب لا أعرف من قال به ومما يحكى فى تصميمه أن مؤنسا الخادم وهو أكبر أمراء المقتدر وكان فى خدمته سبعون أميرا سوى أصحابه وكان يخطب له على جميع المنابر مع الخليفة ورد إلى مصر فى عسكر كبير فعرض له ضعف فأرسل إلى القاضى يطلب منه شهودا يشهدهم عليه أنه أوصى بوقف قرى كثيرة على سبيل البر وبعتق ستمائة مملوك وبأنواع من الخير فقال القاضى حتى يثبت عندى أن مؤنسا حر هذا ومؤنس أكبر أمراء الإسلام فصمم القاضى وقال إن لم يرد على كتاب المقتدر أنه أعتقه وإلا فلا أفعل ومن ذلك أن أمير المؤمنين المقتدر كتب كتابا إلى القاضى فوصل الكتاب إلى مؤنس فاستدعى بعض الأمراء ليوصله إلى القاضى فهاب القاضى فدعى تكين أمير مصر وحمله أن يذهب إلى القاضى ويوصل الكتاب إليه فأتى إلى القاضى وأومى بيده إلى أن ناوله الكتاب فقال القاضى ما هذا فقال كتاب أمير المؤمنين فقال أمن يدك فقال بلى فقال بل من يد شاهدين عدلين يشهدان أنه كتاب أمير المؤمنين وذكر أن شخصا يقال له إبراهيم أصبح فى منزله يوما جنبا ليس معه شىء يدخل به الحمام قال فخرجت رجاء صديق يدخلنى الحمام فإذا بغريم على بابى يطالبنى بخمسة دنانير فحدثته حديثي فقال ما نفترق إلا إلى القاضى فتوجهنا إلى القاضى أبى عبيد فوجدناه خارجا من المسجد وبين يديه غلام أسود خصى فقال له خصمى أيد الله القاضى انظر فى أمرى فإنى بت على بابك والقاضى مطرق لا ينظر إلينا حتى دخل داره وليس على بابه حاجب ولا أحد ثم خرج إلينا الغلام وقال ادخلا فدخلنا فوجدناه جالسا فى وسط مجلسه فقال تكلما فسبقت أنا فصرت المدعى فقالت أيد الله القاضى لى على هذا خمسة دنانير فقال مصرية فقلت نعم فقال حالة فقلت نعم فقال للخصم ما تقول فضحك متعجبا فصاح القاضى صيحة ملأت الدار وقال مم تضحك لا أضحك الله سنك ويحك تضحك فى مجلس الله مطلع عليك فيه ويحك تضحك وقاضيك بين الجنة والنار فأرعب القاضى الرجل وقال أنا أدفع إليه قم فقمنا فلما خرج قال لى امض فأنت فى حل فقلت ما نفترق إلا بخمسة دنانير ارجع بنا إلى القاضى فأعطانى دينارا ومرض ثلاثة أشهر فكنت إذا عدته يقول لى صيحة القاضى فى قلبى إلى الساعة وأحسبها تقتلنى
مسألة اجتناب الحائض حكى الرافعى فى كتاب النكاح عن أبى عبيد بن حربويه أنه تتجنب الحائض فى جميع بدنها لظاهر قوله تعالى وقال النووى إن قول أبى عبيد هذا غلط فاحش مخالف للأحاديث الصحيحة المشهورة لقوله ( اصنعوا كل شىء إلا النكاح ) ولأنه كان يباشر فوق الإزار قال وقد خالف قائله إجماع المسلمين قال ابن الرفعة الإجماع إن صح فالغلط فاحش وإن لم يصح ففيه للبحث مجال لأن الشافعى قال فى الأم فى الجزء الرابع عشر فى باب ما ينال من الحائض تحتمل الآية فاعتزلوا فروجهن لما وصف من الأذى وتحتمل اعتزال فروجهن وجميع أبدانهن فروجهن وبعض أبدانهن دون بعض وأظهر معانيه اعتزال أبدانهن كلها وإذا كان هذا ظاهر الآية فما ذكر من مباشرة النبى للحائض فيما فوق الإزار يجوز أن يكون من خصائصه كيف وسياق الآية يصرفها إلى الأمة قال الله تعالى وأما قوله عليه السلام ( اصنعوا كل شىء إلا النكاح ) فلعل أبا عبيد يحمل النكاح على المباشرة بآلته وهو الذكر ولا يخصه بمحل بل يجريه فى جميع البدن كما هو ظاهر الآية ويكون قائلا بإباحة القبلة والمعانقة ونحوهما ويحمل قوله على ذلك وعلى الجملة فمذهب أبى عبيد مرجوح ونص الشافعى فى الأم فى الجزء الرابع عشر فى باب إتيان الحائض على خلافه فإنه قال إن الآية وإن احتملت الجماع وغيره فالجماع أظهر لأن الله تعالى أمر بالاعتزال ثم قال تعالى قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوى فى جزء له لطيف سماه فتيا فقيه العرب يرويه الخطيب البغدادى عن القاضى أبى زرعة روح بن محمد الرازي عن ابن فارس قال سمعت أبا بكر محمد بن الحسين الفقيه يقول ادعى رجل مالا بحضرة أبى عبيد بن حربويه فقال المدعى عليه ماله على حق بضم اللام فقال أبو عبيد أتعرف الإعراب قال نعم قم قد ألزمتك المال انتهى قال وهى مسألة غريبة وحكمها متجه صاحب التواريخ كتاب مروج الذهب فى أخبار الدنيا وكتاب ذخائر العلوم وكتاب الاستذكار لما مر من الأعصار وكتاب التاريخ فى أخبار الأمم وكتاب أخبار الخوارج وكتاب المقالات فى أصول الديانات وكتاب الرسائل وغير ذلك قيل إنه من ذرية عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أصله من بغداد وأقام بها زمانا وبمصر أكثر وكان أخباريا مفتيا علامة صاحب ملح وغرائب سمع من نفطويه وابن زبر القاضى وغيرهما ورحل إلى البصرة فلقى بها أبا خليفة الجمحى ولم يعمر على ماذكر وقيل إنه كان معتزلى العقيدة مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة وهو الذى علق عن أبى العباس ابن سريج رسالة البيان عن أصول الأحكام وهذه الرسالة عندى نحو خمس عشرة ورقة ذكر المسعودى فى أولها أنه حضر مجلس أبى العباس ببغداد فى علته التى مات بها سنة ست وثلاثمائة وقد حضر المجلس لعيادة أبى العباس جماعة من حذاق الشافعيين والمالكيين والكوفيين والداوديين وغيرهم من أصناف المخالفين فبينما أبو العباس يكلم رجلا من المالكيين إذ دخل عليه رجل معه كتاب مختوم فدفعه إلى القاضى أبى العباس فقرأه على الجماعة فإذا هو من جماعة الفقهاء المقيمين ببلاد الشاش يعلمونه أن الناس فى ناحيتهم أرض شاش وفرغانة مختلفون فى أصول فقهاء الأمصار ممن لهم الكتب المصنفة والفتيا ويسألونه رسالة يذكر فيها أصول الشافعى ومالك وسفيان الثورى وأبى حنيفة وصاحبيه وداود بن على الأصبهانى وأن يكون ذلك بكلام واضح يفهمه العامى فكتب القاضى هذه الرسالة ثم أملى فيما ذكر المسعودى عليهم بعضها وعجز لضعفه عن إملاء الباقى فقرىء عليه والمسعودى يسمع والجور بضم الجيم ثم الواو الساكنة ثم الراء بلدة من بلاد فارس أحد الأئمة من أصحاب الوجوه لقى أبا بكر النيسابورى وحدث عنه وعن جماعة ومن تصانيفه كتاب المرشد فى شرح مختصر المزنى أكثر عنه ابن الرفعة والوالد رحمهما الله النقل ولم يطلع عليه الرافعى ولا النووى رحمهما الله وقد أكثر فيه من ذكر أبى على بن أبى هريرة وأضرابه وذكر ابن الصلاح أنه وقف على كتاب له اسمه الموجز على ترتيب المختصر يشتمل على حجاج مع الخصوم اعتراضا وجوابا اختار فيه أن الزانى والزانية لا يصح نكاحهما إلا لمن هو مثلهما وأن الزنا لو طرأ من أحدهما بعد العقد انفسخ النكاح وحكى قولين فى وجوب نفقة الكافر على الابن المسلم قلت الخلاف مشهور والصحيح الوجوب قلت وحكى أيضا قولين فيما إذا قال أنت على حرام أحدهما تجب الكفارة بنفس قوله أنت على حرام والثانى لا تجب إلا بالوطء لأن به تقع المخالفة كما يحنث فى اليمين وقال الصحيح عندى جواز عقد الشركة على العروض وقال فيما إذا علق الطلاق على محبتها أو بغضها فقالت أنا أحبك أو أبغضك وكذبها إنه لا يقع الطلاق وجزم به وفرق بينه وبين الحيض بأنها مؤتمنة فيه والحب والبغض ليس مما ائتمنت عليه ثم قال ولو قال قائل يقبل قولها فى ذلك قياسا على الحيض والحمل لأن الحب والبغض مما لا يوصل إلى علمه إلا منها لكان مذهبا انتهى والقول بقبول قولها هو الذى جزم به الرافعى تبعا لأكثر الأصحاب قاضى جرجان ثم قاضى الرى والجامع بين الفقه والشعر له ديوان مشهور وكان حسن الخط فصيح العبارة وهو مصنف كتاب الوساطة بين المتنبى وخصومه ورد نيسابور سنة سبع وثلاثين مع أخيه فى الصبا وسمعا على الشيوخ ذكره الشيخان أبو إسحاق الشيرازى وقال كان فقيها شاعرا وأبو عاصم وقال صنف كتابا فى الوكالة وفيه أربعة آلاف مسألة قال وحكى عن المزنى أن التوكيل فى الظهار والرجعة لا يجوز قلت وهو وجه مشهور وقد ولى أبو الحسن هذا قضاء جرجان ثم انتقل إلى الرى وولى قضاء القضاة بها ذكره أبو منصور الثعالبى فى اليتيمة فقال حسنة جرجان وفرد الزمان ونادرة الفلك وإنسان حدقة العلم ودرة تاج الأدب وفارس عسكر الشعر يجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحترى وينظم عقد الإتقان والإحسان وله يقول الصاحب إذا نحن سلمنا لك العلم كله ** فدع هذه الألفاظ ننظم شذورها هذا بعض كلام الثعالبى فى خبره ومن شعر أبى الحسن السائر فى الآفاق ما أنشدناه الحافظ أبو العباس بن المظفر بقراءتى عليه قال أنشدنا الحسن بن على بن محمد بن الخلال بقراءتى أنشدنا جعفر بن على الهمذانى سماعا عليه قال أنشدنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى العثمانى الديباجى الإمام قال كتب إلى العلامة أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى من مكة وأجاز لى ح وكتب إلى أحمد بن على الحنبلى وزينب بنت الكمال وفاطمة بنت إبراهيم بن أبى عمر عن محمد بن عبد الهادى عن الحافظ أبى طاهر السلفى عن الزمخشرى قال أنشدنا أحمد بن محمد بن إسحاق الخوارزمى قال أنشدنا أبو سعد المحسن بن محمد الجشمى قال أنشدنا الحاكم أبو الفضل إسماعيل بن محمد بن الحسن قال أنشدنا القاضى أبو الحسن على بن عبد العزيز الجرجانى لنفسه يقولون لي فيك انقباض وإنما ** رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما أرى الناس من داناهم هان عندهم ** ومن أكرمته عزة النفس أكرما وما كل برق لاح لى يستفزنى ** ولا كل من لاقيت أرضاه منعما وإنى إذا ما فاتنى الأمر لم أبت ** أقلب كفى إثره متندما ولم أقض حق العلم إن كان كلما ** بدا طمع صيرته لى سلما إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ** ولكن نفس الحر تحتمل الظما ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتى ** لأخدم من لاقيت لكن لأخدما أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة ** إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ** ولو عظموه فى النفوس لعظما ولكن أهانوه فهان ودنسوا ** محياه بالأطماع حتى تجهما لله هذا الشعر ما أبلغه وأصنعه وما أعلى على هام الجوزاء موضعه وما أنفعه لو سمعه من سمعه وهكذا فليكن وإلا فلا أدب كل فقيه ولمثل هذا الناظم يحسن النظم الذى لا نظير له ولا شبيه وعند هذا ينطق المنصف بعظيم الثناء على ذهنه الخالص لا بالتمويه وقد نحا نحوه شيخ الإسلام سيد المتأخرين أبو الفتح ابن دقيق العيد فقال لما كان مقيما بمدينة قوص يقولون لى هلا نهضت إلى العلا ** فما لذ عيش الصابر المتقنع وهلا شددت العيس حتى تحلها ** بمصر إلى ظل الجناب المرفع ففيها من الأعيان من فيض كفه ** إذا شاء روى سيله كل بلقع وفيها قضاة ليس يخفى عليهم ** تعين كون العلم غير مضيع وفيها شيوخ الدين والفضل والألى ** يشير إليهم بالعلا كل أصبع وفيها وفيها والمهانة ذلة ** فقم واسع واقصد باب رزقك واقرع فقلت نعم أسعى إذا شئت أن أرى ** ذليلا مهانا مستخفا بموضع وأسعى إذ ما لذ لى طول موقفى ** على باب محجوب اللقاء ممنع وأسعى إذا كان النفاق طريقتى ** أروح وأغدو في ثياب التصنع وأسعى إذا لم يبق فى بقية ** أراعى بها حق التقى والتورع فكم بين أرباب الصدور مجالسا ** تشب بها نار الغضى بين أضلعى وكم بين أرباب العلوم وأهلها ** إذا بحثوا فى المشكلات بمجمع مناظرة تحمى النفوس فتنتهى ** وقد شرعوا فيها إلى شر مشرع من السفه المزرى بمنصب أهله ** أو الصمت عن حق هناك مضيع فإما توقى مسلك الدين والتقى ** وإما تلقى غصة المتجرع ومن شعر الجرجانى أفدى الذى قال وفى كفه ** مثل الذى أشرب من فيه الورد قد أينع فى وجنتى ** قلت فمى باللثم يجنيه ولم يزل على قضاء القضاة بالرى إلى أن توفى بها فى ذى الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وحمل تابوته إلى جرجان فدفن بها المشهور الاسم صاحب المصنفات إمام زمانه وسيد أهل عصره وشيخ أهل الحديث مولده فى سنة ست وثلاثمائة سمع من أبى القاسم البغوى وأبى بكر بن أبى داود وابن صاعد ومحمد بن هارون الحضرمى وعلى بن عبد الله بن مبشر الواسطى وأبى عمر محمد بن يوسف القاضى والقاسم والحسين ابنى المحاملى وأبى بكر بن زياد النيسابورى وأبى روق الهزانى وبدر بن الهيثم وأحمد بن إسحاق بن البهلول وأحمد بن القاسم الفرائضى وأبى طالب أحمد بن نصر الحافظ وخلق كثير ببغداد والكوفة والبصرة وواسط ورحل فى الكهولة إلى الشام ومصر فسمع القاضى أبا الطاهر الذهلى وهذه الطبقة روى عنه الشيخ أبو حامد الإسفراينى الفقيه وأبو عبد الله الحاكم وعبد الغنى ابن سعيد المصرى وتمام الرازى وأبو بكر البرقانى وأبو ذر عبد بن أحمد وأبو نعيم الأصبهانى وأبو محمد الخلال وأبو القاسم التنوخى وأبو طاهر بن عبد الرحيم الكاتب والقاضى أبو الطيب الطبرى وأبو الحسن العتيقى وحمزة السهمى وأبو الغنائم بن المأمون وأبو الحسين بن المهتدى بالله وأبو محمد الجوهرى وخلق كثير قال الحاكم صار الدارقطنى أوحد عصره فى الحفظ والفهم والورع وإماما فى القراء والنحويين وفى سنة سبع وستين أقمت ببغداد أربعة أشهر وكثر اجتماعنا بالليل والنهار فصادفته فوق ما وصف لى وسألته عن العلل والشيوخ قال وأشهد أنه لم يخلف على أديم الأرض مثله وقال الخطيب كان الدارقطنى فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد والاضطلاع من علوم سوى علم الحديث منها القراءات فإن له فيها مصنفا مختصرا جمع الأصول فى أبواب عقدها فى أول الكتاب وسمعت من يعتنى بالقراءات يقول لم يسبق أبو الحسن إلى طريقته التى سلكها فى عقد الأبواب المقدمة فى أول القراءات وصار القراء بعده يسلكون ذلك ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء فإن كتابه السنن يدل على ذلك وبلغنى أنه درس فقه الشافعى على أبى سعيد الإصطخرى وقيل على غيره ومنها المعرفة بالأدب والشعر فقيل إنه كان يحفظ دواوين جماعة قال وحدثنى الأزهرى قال بلغنى أن الدارقطنى حضر فى حداثته مجلس إسماعيل الصفار فجلس ينسخ جزءا والصفار يملى فقال رجل لا يصح سماعك وأنت تنسخ فقال الدارقطنى فهمى للإملاء خلاف فهمك تحفظ كم أملى الشيخ قال لا قال أملى ثمانية عشر حديثا الحديث الأول عن فلان عن فلان ومتنه كذا والحديث الثانى عن فلان عن فلان ومتنه كذا ثم مر فى ذلك حتى أتى على الأحاديث فتعجب الناس منه أو كما قال وقال رجاء بن محمد المعدل قلت للدارقطنى رأيت مثل نفسك فقال قال الله تعالى وقال أبو ذر عبد بن أحمد قلت للحاكم بن البيع هل رأيت مثل الدارقطنى فقال هو لم ير مثل نفسه فكيف أنا وقال أبو الطيب القاضى الدارقطني أمير المؤمنين فى الحديث وقال الأزهرى كان الدارقطنى ذكيا إذا ذوكر شيئا من العلم أى نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر ولقد حدثنى محمد بن طلحة النعالى أنه حضر مع الدارقطنى دعوة فجرى ذكر الأكلة فاندفع الدارقطنى يورد أخبارهم ونوادرهم حتى قطع أكثر ليلته بذلك وقال الأزهرى رأيت الدارقطني أجاب ابن أبى الفوارس عن علة حديث أو اسم ثم قال له يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيرى وقال البرقانى كان الدراقطنى يملى على العلل من حفظه قال وأنا الذى جمعتها وقرأها الناس من نسختى قال شيخنا الذهبى وهذا شىء مدهش فمن أراد أن يعرف قدر ذلك فليطالع كتاب العلل للدراقطنى وقال الخطيب حدثنى العتيقي قال حضرت الدراقطنى وجاءه أبو الحسن البيضاوى بغريب ليسمع منه فامتنع واعتل ببعض العلل فقال هذا رجل غريب وسأله أن يملى عليه أحاديث فأملى عليه أبو الحسن من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على العشرين متون أحاديثه جميعها نعم الشىء الهدية أمام الحاجة فانصرف الرجل ثم جاءه بعد وقد أهدى له شيئا فقربه وأملى عليه من حفظه سبعة عشر حديثا متون جميعها ( إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ) وقال الحافظ عبد الغنى بن سعيد أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله ثلاثة على بن المدينى فى وقته وموسى بن هارون فى وقته وعلى ابن عمر الدارقطنى فى وقته وقال رجاء بن محمد المعدل كنا عند الدارقطنى يوما والقارىء يقرأ عليه وهو يتنفل فمر حديث فيه نسير بن ذعلوق فقال القارىء بشير فسبح الدارقطنى فقال بشير فسبح فقال بسير فتلا الدارقطنى وقال حمزة بن محمد بن طاهر كنت عند الدارقطنى وهو قائم يتنفل فقرأ عليه أبو عبد الله ابن الكاتب عمرو بن شعيب فقال عمرو بن سعيد فسبح الدارقطنى فأعاده وقال ابن سعيد ووقف فتلا الدارقطنى قلت وهذا فى الحكايتين مع حسنه فيه من أبى الحسن استعمال للمسألة المشهورة فيمن أتى فى الصلاة بشىء من نظم القرآن قاصدا للقراءة وشىء آخر فإن صلاته لا تبطل على الأصح ولو قصد ذلك الشىء الآخر وحده لبطلت وقال محمد بن طاهر المقدسى كان للدارقطنى مذهب فى التدليس خفى يقول فيما لم يسمعه من أبى القاسم البغوى قرىء على أبى القاسم البغوي حدثكم فلان توفى الدارقطنى يوم الخميس لثمان خلون من ذى القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة قال أبو نصر بن ماكولا رأيت فى المنام كأنى أسأل عن حال الدارقطنى فى الآخرة فقيل لى ذاك يدعى فى الجنة الإمام تلميذ الشيخ أبى الحسن الأشعرى صحبه بالبصرة وأخذ عنه وكان من المبرزين فى علم الكلام والقوامين بتحقيقه وله كتاب تأويل الأحاديث المشكلات الواردات فى الصفات وكان مفتنا فى أصناف العلوم قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسن الأسدى كان شيخنا وأستاذنا أبو الحسن على بن مهدى الطبرى الفقيه مصنفا للكتب فى أنواع العلوم مفتنا حافظا للفقه والكلام والتفاسير والمعانى وأيام العرب فصيحا مبارزا فى النظر ما شوهد فى أيامه مثله انتهى قوله ابن مهدى ربما أوهم أن مهديا أبوه وكذا وقع فى طبقاتى الوسطى والصغرى ثم تحققت أنه جده وأن أباه محمد وقد ذكر العبادى هذا الشيخ فى طبقة القفال الشاشى وقال فيه صاحب الأصول والعلم الكثير وترجمة الحافظ ابن عساكر فى كتاب التبيين ولم أر من أرخ وفاته أنشدنا يحيى بن فضل الله العمرى فى كتابه عن مكي بن علان أن أبا القاسم الحافظ أنبأه قال أخبرنا نصر الله المصيصى أخبرنا على بن ابى العلاء المصيصى أخبرنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم الفارقى المعروف بابن الضراب أخبرنا أبو سعد المالينى أنشدنا أبو الحسن على بن محمد بن مهدى الطبرى لنفسه ما ضاع من كان له صاحب ** يقدر أن يصلح من شأنه فإنما الدنيا بسكانها ** وإنما المرء بإخوانه وقال وأنشدنى أبو الحسن بن مهدى لنفسه أيضا إن الزمان زمان سو ** وجميع هذا الخلق بو ذهب الكرام بأسرهم ** وبقيت فى ليت ولو فإذا سألت عن الندى ** فجوابهم عن ذاك وو كان بصيرا بالعربية والقراءات والحساب وله حظ من الفقه دخل بلاد الأندلس وكان عيشه من غزل جاريته ولد بأنطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين ومات بقرطبة فى ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة تفقه بمصر على منصور بن إسماعيل الفقيه وسمع الحديث من أبيه أحمد بن محمد بن الحسن ومن هميم بن همام وعمران بن موسى بن مجاشع وأبى خليفة وعبد الله بن ناجية وابن قتيبة العسقلانى روى عنه أبو سعد عبد الرحمن الإدريسى وله مصنف فى الفقه وشعر كثير توفى سنة ثنتين وستين وثلاثمائة ولد أبي العباس بن سريج ذكره الأصحاب فيما إذا كانت النجاسة الواقعة فى الماء ميتة لا نفس لها سائلة ففيها قولان مشهوران أصحهما أنها لا تنجس الماء قال الأصحاب تفريعا على الأصح فلو كثر هذا الحيوان الذى لا نفس له سائلة فغير الماء فهل ينجسه فيه وجهان أصحهما أنه ينجسه قال الشيخ أبو حامد والبندنيجى والمحاملى فى المجموع وأبو عاصم العبادى فى الطبقات وصاحب العدة وغيرهم هذان الوجهان حكاهما أبو حفص عمر بن أبى العباس بن سريج عن أبيه قاضى بغداد فى أيام المطيع لله قال الخطيب لم يل القضاء ببغداد من الشافعية أحد قبله غير أبى السائب القاضى وكان من بيت قضاء ورياسة توفى فى عشر الثمانين سنة سبع وخمسين وثلاثمائة من متقدمى أصحابنا ومن أئمة أصحاب الوجوه ذكره المطوعى فقال فقيه جليل الرتبة من نظراء أبى العباس وأصحاب الأنماطى وممن تكلم وتصرف فيها فأحسن ما شاء ثم هو من كبار المحدثين والرواة وأعيان النقلة يشهد له بهذا كتبة الحديث ويقال إن المقتدر استقضاه على بعض كور الشام فلذلك عرف بالباب شامى لطول مقامه بها انتهى ومن خط ابن الصلاح نقلته وقال ابن السمعانى الباب شامى بالألف بين البائين المنقوطتين بواحدة وفتح الشين المعجمة وفى آخرها الميم نسبة إلى باب الشام وهى إحدى المحال الأربعة المشهورة القديمة بالجانب الغربى من بغداد قلت وأرى هذا فى نسبته أصح مما قاله المطوعى ملقى ابن سريج فيما أحسب كالمعيد الآن أو كالقارىء على المدرس أو المستملى على المملى وهو الذى كانت به لثغة يسيرة وكان بابن سريج مثلها فلما انتهى إلى مسألة إمامة الألثغ استحيى أن يقول لابن سريج هل تصح إمامتك فقال هل تصح إمامتى فقال له ابن سريج نعم وإمامتى أيضا نقل ذلك الرويانى فى البحر وغيره ونقل فى البحر أيضا فى مسألة ما إذا رعف الإمام المسافر فى الصلاة وخلفه مسافرون ومقيمون عن أبى غانم المشار إليه تأويلا فى تفاريع المسألة قال فيه أبو حفص المطوعى فاضل ملء ثوبه مفضل ملء كفه ضارب فى الإسماعيلية بعروقه قلت يعنى بيت أبى بكر الإسماعيلى وذكره أبو عاصم العبادى فقال ومنهم القاضى أبو بشر الإسماعيلى وهو الحاكى فى المبيع وفيه خيار الرؤية إذا مات أحد المتعاقدين أو جن قبل الرؤية أنه ينفسخ العقد الإمام الجليل أحد أئمة الدنيا ولد الإمام الجليل القفال الكبير ذكره العبادى فى الطبقات وقال مشهور الفضل يشهد بذلك كتابه قال وبه تخرج فقهاء خراسان وازدادت طريقة أهل العراق به حسنا وقال أبو حفص عمر بن على المطوعى المنجبون من فقهاء أصحابنا أربعة أبو بكر الإسماعيلى حيث ولد ابنه أبا سعد والإمام أبو سهل حيث ولد ابنه الإمام ابن الإمام إلى أن قال وأبو بكر القفال حيث حظى من نسله بالولد النجيب الذى ينسب إليه كتاب التقريب وأبو جعفر الحناطى حيث رزق مثل الشيخ أبى عبد الله ولدا رضيا نجلا زكيا وقال حمزة السهمى فى تاريخ جرجان فى ترجمة الحليمى إن الحليمى قال علق عنى القاسم بن أبى بكر القفال صاحب التقريب أحد عشر جزءا من الفقه قلت وفيما حكيناه دليل على ما لاشك فيه من أن القاسم هو صاحب التقريب وفى التذنيب لأبى القاسم الرافعى أن بعض الناس وهم فتوهم أن صاحب التقريب والده قلت وأورث هذا الوهم الرافعى بعض شك من أجل ذلك قال وقد ذكره وهو القاسم إن شاء الله وهذا الظن الذى ظنه بعض الناس من أن التقريب لأبيه متقدم الزمان فإن المطوعى ذكره فى كتابه فى ترجمة القفال بل كلامه كالمرجح لأن التقريب للوالد دون الولد وذلك فى ترجمة الوالد حيث قال أما التصنيف فهو يعنى القفال نظام عقده ونظام شمله يشهد بذلك كتابه المترجم بالتقريب وإن كان بعض الناس ينسبه إلى والده النجيب انتهى ومن خط ابن الصلاح نقلته لكنه مدافع بقوله الذى حكيناه فى ترجمة القاسم هذا أن التقريب له وهو الصحيح والتقريب من أجل كتب المذهب ذكره الإمام أبو بكر البيهقى فى رسالته إلى الشيخ أبى محمد الجوينى بعد ما حث على حكاية ألفاظ الشافعى وألفاظ المزنى وقال لم أر أحدا منهم يعنى المصنفين فى نصوص الشافعى رضى الله عنه فيما حكاه أوثق من صاحب التقريب وهو فى النصف الأول من كتابه أكثر حكاية لألفاظ الشافعى منه فى النصف الأخير قال وقد غفل فى النصفين جميعا مع اجتماع الكتب له أو أكثرها وذهاب بعضها فى عصرنا عن حكاية ألفاظ لابد لنا من معرفتها لئلا نجترئ على تخطئة المزنى فى بعض ما نخطئه فيه وهو عنه برئ ولنتخلص بها عن كثير عن تخريجات أصحابنا انتهى وقد كان القاسم جليل المقدار فى حياة أبيه يدل على ذلك ما ذكره الأصحاب فى كتاب الرضاع عن الحليمى فى فروع الاختلاط من قول الحليمى هذا شيء استنبطته أنا وكان فى قلبى منه شيء فعرضته على القفال الشاشى وابنه القاسم فارتضياه فسكنت ثم وجدته لابن سريج فسكن قلبى إليه كل السكون قلت وقفت على نحو الثلث أو أكثر من أوائل كتاب التقريب
ذكر الإمام فى النهاية فى باب قتل المرتد أن صاحب التقريب قال فى الأسير إذا أكره على التلفظ بالكفر وعاد إلى بلاد الإسلام وعرض عليه الإسلام فأبى إنا نحكم بردته قال فإنه قد انضم امتناعه الآن إلى ما سبق منه من لفظ الكفر فدل أنه كان مختارا قال وقطع صاحب التقريب بهذا وهو الذى ذكره العراقيون قال وفيه احتمال عندى ظاهر فإنه لم يسبق منه اختيار وحكم الإسلام كان مستمرا له والمسلم لا يكفر بمجرد الامتناع عن تجديد الإسلام انتهى ملخصا وتبع الغزالى فى الوسيط إمامه فى استشكال هذا وحكاه الرافعى عن الإمام ساكتا عليه بعد ما ذكر أن المنقول أنه إذا أبى يحكم بردته كما قال صاحب التقريب والعراقيون قال ابن الرفعة والنظر الذى أبداه الإمام مندفع بما قرره صاحب التقريب فإنه قال قد انضم امتناعه الآن إلى ما سبق منه من لفظ الكفر فدل أنه كان مختارا فى ابتداء اللفظ ومن أكره على شيء فخطر له أن يأتى به مختارا فلا حكم للإكراه فإذا سبق منه اللفظ ولحق الامتناع عن التلفظ بالإسلام كان ذلك آية بينة فى أنه كان مختارا عند لفظه وفارق المسلم الذى لم يصدر منه كلمة الكفر حيث لا يجعل بالامتناع عن النطق بكلمة الإسلام مرتدا لأنه لم يسبق منه شيء يجوز أن يكون كفرا يقرره الامتناع ولا يقال لكم خلاف فى المكره على التلفظ بالطلاق إذا نواه هل يقع به فينبغى إجراؤه هنا لأنا نقول من لم يوقعه اعتل بأن اللفظ هو الذى يقع به الطلاق وهو مكره عليه فلم يبق إلا نية مجردة وهى لا يقع بها الطلاق ولا كذلك الردة لأنها تحصل بمجرد النية انتهى قلت وما ذكره عن التقريب إلى قوله عند لفظه مذكور فى النهاية وقوله وفارق المسلم إلى آخره هذا بحث ابن الرفعة ويلوح فى بادئ النظر حسنه إلا أنى تأملت بعد ما استبعدت خفاء مثل هذا الفرق على الإمام لا سيما وكلام صاحب التقريب مسطور فى النهاية فظهر لى فى جوابه ما أرجو أنه الحق فأقول قال الرافعى أطلق أكثرهم العرض يعنى عرض الإسلام على الأسير إذا عاد إلى بلاد الإسلام وشرط له ابن كج ألا يؤم الجماعات ولا يقبل على الطاعات بعد العود إلينا فإن فعل ذلك أغنانا عن العرض قلت وممن أطلق ولم يذكر ما شرطه ابن كج الإمام والذى أعتقده أنه إنما يقول ليس الامتناع عن التجديد دليلا على الكفر فى ممتنع يؤم الجماعات ويلزم الطاعات كسائر المسلمين فذاك هو الذى لا يكون امتناعه دالا على الكفر لأن فى فعله أفعال المسلمين دلالة بينة على أن تلك اللفظة لم تكن عن اختيار أم نقول ذلك فى ممتنع أول رجوعه إلى بلاد الإسلام لم يعرف منه مفارقة مظان الطاعات أما من عرف منه أن لا يشهد جماعات المسلمين ولا يؤم مساجدهم فلا شك أن امتناعه دليل كفره وليس كالمسلم المستمر فإن هذا صدر منه سبب ظاهر مقترن بأفعال ظاهرة غير أنى لا أعتقد أن الإمام يخالف فى هذا فإن قلت وملازم الجماعات لا خلاف فيه كما ذكر ابن كج قلت هذا الذى ذكره ابن كج قد عرفناك أن الأكثرين ومنهم الإمام لم يذكروه فخرج من هذا أن الممتنع عن التجديد مع الإباء عن مشاهد المسلمين كافر قطعا والممتنع مع شهود جماعات المسلمين أو من غير أن يظهر منه خلاف ذلك هو الذى يقول الإمام لا يكون امتناعه دليل كفره إذا أقر بمجمل ولم يفسره فهل يوقف من ماله أقل متمول أو جميع ماله قيل فيه القولان فيما إذا مات وقال القاسم يحتمل أن يوقف فى حال الحياة أقل الأشياء وبعد الوفاة جميع التركة هذا لفظ أدب القضاة لشريح الرويانى وقول القاسم وهو صاحب التقريب حسن لأن التركة مرهونة بالدين وإن قل عنها على المذهب قال القاسم فيما إذا شهد واحد بألف وآخر بألفين إن المدعى لا يأخذ الألف إلا بيمين قال العبادى وهو غريب قلت لا شك فى غرابته إن وقعت الدعوى بألفين واستشهاد كل من الشاهدين بما يعرفه أما إذا وقعت بألف فشهد واحد بألفين فهى مبادرة وفيها خلاف وللوالد على شبه المسألة كلام ذكرناه بمزيد بسط فى النقل والتفقه فى كتاب ترشيح التوشيح توفى فى جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ذكره ابن باطيش الفقيه الشاعر الضرير المصرى أحد أئمة المذهب قال الشيخ أبو إسحاق أخذ الفقه عن أصحاب الشافعى وأصحاب أصحابه وله مصنفات فى المذهب مليحة منها الواجب والمستعمل والمسافر والهداية وغيرها من الكتب وله شعر مليح وهو القائل عاب التفقه قوم لا عقول لهم ** وما عليه إذا عابوه من ضرر ما ضر شمس الضحى والشمس طالعة ** ألا يرى ضوءها من ليس ذا بصر قلت وذكر الحاكم أبو عبد الله فى ترجمة الحافظ أبى على النيسابورى أنه سمعه يقول سمعت منصور بن إسماعيل بمصر ينشد لنفسه قلت وقد أوردهما الخطابى عنه فى كتاب العزلة قد قلت إذ مدحوا الحياة فأكثروا ** للموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان لقائه بلقائه ** وفراق كل مصاحب لا ينصف قال الحاكم قال أبو على رأيت منصورا وقد عمى وربما كان يركب حمارا فارها وقال القضاعى أصله من رأس عين وكان فقيها متصرفا فى كل علم شاعرا مجودا لم يكن فى زمانه مثله وذكر ابن يونس فى تاريخ مصر أنه كان جنديا قبل أن يعمى توفى منصور سنة ست وثلاثمائة
كانت له قضية مع القاضى أبى عبيد بن حربويه طالت وعظمت وذلك أنه كان خاليا به فجرى ذكر نفقة الحامل المطلقة ثلاثا فقال أبو عبيد زعم زاعم أن لا نفقة لها فأنكر منصور ذلك وقال أقائل هذا من أهل القبلة ثم انصرف منصور وحدث الطحاوى فأعاده على أبى عبيد فأنكره أبو عبيد فقال منصور أنا أكذبه قال أبو بكر بن الحداد حضر منصور فتبينت فى وجهه الندم على حضوره ولولا عجلة القاضى بالكلام لما تكلم منصور ولكن قال القاضى ما أريد أحدا يدل على لا منصور ولا نصار يحكون عنا ما لم نقل فقال منصور قد علم الله أنك قلت فقال كذبت فقال قد علم الله من الكاذب ونهض وهو أعمى فما جسر أحد من هيبة القاضى أن يأخذ بيده إلا ابن الحداد وكانت بينه وبين ابن الحداد مقاطعة فشكر له هذا الصنيع وقال له أحسن الله جزاك وشكر فعلك وأخذ بيدك يوم فاقتك إليه ثم إن ابن الحداد أشار عليه بالرجوع إلى القاضى والاعتذار فرجع فلم يمكنه الحاجب من الدخول إليه ودفع فى ظهره وقال لا سبيل لك إلى هذا ثم تعصب لمنصور خلق كثيرون كانوا يعتقدونه وتحامل عليه آخرون منهم محمد بن الربيع الجيزى وكان من جلة شهود مصر قال ابن الحداد سمع محمد بن الربيع منصورا يقول مقالة يحكيها عن النظام فنسبها إلى منصور وشهد عليه بها عند القاضى فهلع منصور وبلغه أن القاضى قال إن شهد عندى شاهد آخر مثل محمد بن الربيع ضربت عنق منصور فلزم منصور جامع ابن طولون يأتى كل يوم فلا يخرج منه إلى المساء محزونا مغموما وماج الناس وكثر الكلام حتى قال بنان العابد الزاهد يا قوم ما فى هذا البلد من يتوسط بين هذا القاضى وبين هذا الشيخ فقيل له فأنت فقال ما أكمل لهذا ولم يمض على منصور إلا أيام يسيرة وتوفى وعزم القاضى أبو عبيد على أن يصلى عليه فبلغه أن خلقا من العسكر والجند حملوا السلاح وتهيأوا لقتل القاضى إن هو صلى عليه فتأخر عن الصلاة عليه وقيل كان حول جنازته مائتا سيف وآلاف من السكاكين وأظهر الناس فى الجنازة سب أبى عبيد وقذفه وقيل إن منصورا أنشد عند موته قضيت نحبى فسر قوم ** حمقى بهم غفلة ونوم كأن يومى على حتم ** وليس للشامتين يوم فبلغ ذلك القاضى أبا عبيد فنكث بيده الأرض وقال تموت قبلى ولو بيوم ** ونحن يوم النشور توم فقد فرحنا وقد سررنا ** وليس للشامتين لوم والله أعلم بصحة ذلك وقيل إن أبا عبيد ندم على ما جرى منه وأسف على ما فاته من منصور وكان أبو بكر بن الحداد رحمه الله يقول لو شئت لقلت إن دية منصور على عاقلة القاضى يريد أن أبا عبيد قاتله خطأ فإن منصورا بلغت منه نكاية أبى عبيد حتى جاءت على نفسه ومن شعر منصور فى علته وإنما يعنى أبا عبيد يا شامتا بى لأن هلكت ** لكل حى مدى ووقت وللمنايا وإن تناءت ** بالموت ياذا الشمات بغت وأنت فى غفلة المنايا ** تخاف منها الذى أمنت والكأس ملأى وعن قليل ** تشرب منها كما شربت وقال تغابن الأيام تقدير ** وأخذها جد وتشمير كتب إلى أحمد بن أبى طالب عن محمد بن محمود الحافظ أخبرنا ضياء بن أحمد بن أبى على أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقى أخبرنا القاضى أبو المظفر هناد بن إبراهيم أنشدنى الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادى بنيسابور قال أنشدنا أبو أحمد بن عدى الحافظ قال أنشدنى منصور بن إسماعيل الفقيه لنفسه من كفاه من مساعيه ** رغيف يغتذيه وله بيت يواريه ** وثوب يكتسيه فعلى م يبذل الوجه ** لذى كبر وتية وعلى م يبذل العرض ** لمخلوق سفيه قال الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب القول فى النجوم حدثنى أبو عبد الرحمن محمد بن يوسف بن أحمد القطان النيسابورى قال أنشدنا أبو على صالح بن إبراهيم ابن محمد بن رشدين المصرى قال أنشدنى أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن مهاجر الكاتب قال أنشدنى منصور الفقيه لنفسه من كان يخشى زحلا ** أو كان يرجو المشترى فإننى منه وإن ** كان أبى الأدنى برى قال وحدثنى محمد بن يوسف أنشدنا ابن رشد بن أسد بن أبى مهاجر أنشدنى منصور الفقيه لنفسه إذا كنت تزعم أن النجوم ** تضر وتنفع من تحتها فلا تنكرن على من يقول ** بأنك بالله أشركتها قال الخطيب ولمنصور أيضا فيما بلغنى بغير هذا الإسناد ليس للنجم إلى ضر م ** ولا نفع سبيل إنما النجم على الأوقات ** والسمت دليل أورد الحاكم فى ترجمة جعفر بن محمد بن الحارث أبى محمد المراغى من شعر منصور الناس بحر عميق ** والبعد عنهم سفينة وقد نصحتك فانظر ** لنفسك المسكينة قلت ومن شعره أيضا لى حيلة فيمن ينم م ** وليس فى الكذاب حيله من كان يخلق ما يقول ** فحيلتى فيه قليله ومنه الكلب أعلى قيمة ** وهو النهاية فى الخساسه ممن ينازع فى الرياسة ** قبل أوقات الرياسة ومنه وقد ذكره الخطابى فى كتاب العزلة ليس هذا زمان قولك ما الحكم ** على من يقول أنت حرام والحقى بائنا بأهلك أو أنت ** عتيق محرم يا غلام ومتى تنكح المصابة فى العدمة ** عن شبهة وكيف الكلام فى حرام أصاب سن غزال ** فتولى وللغزال بغام إنما ذا زمان كدح إلى الموت ** وقوت مبلغ والسلام وقال وذكره الخطابى أيضا عنه لولا بناتى وسيآتى ** لذبت شوقا إلى الممات لأننى في جوار قوم ** بغضنى قربهم حياتى وقال وأورده الخطابى أيضا قد قلت إذ مدحوا الحياة فأكثروا ** للموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان لقائه بلقائه ** وفراق كل معاشر لا ينصف قال الحاكم سمع بنيسابور أبا عبد الله البوشنجى وأقرانه وكتب بالرى وبغداد قبل العشر والثلاثمائة وكان إذا ورد البلد يعنى نيسابور تهتز مشايخنا لوروده ثم روى الحاكم عنه حديثا واحدا ولم يزد فى ترجمته على ذلك كان فقيها إماما عابدا كثير التلاوة حدث عن مؤمل بن الحسن الماسرجس وابنى الشرقى ومكي بن عبدان وأقرانهم قال الحاكم وحدث بكتاب التاريخ لأبى بكر بن أبى خيثمة عن ذاك الشيخ الواسطى عنه قال وكان من مشايخ أهل البيوتات ومن العباد المجتهدين ومن قراء القرآن العظيم وكان ختن يحيى بن منصور القاضى على ابنته روى عنه الحاكم وقال توفى فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ثمان وسبعين سنة أحد أئمة أصحابنا ذكره الحاكم وقال كان من صالحى أهل العلم والمناظرين على مذهب الشافعى تفقه عند أبى الوليد وبه تخرج وكان يدرس نيفا وثلاثين سنة سمع الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق الصبغى وأبا العباس محمد بن يعقوب وأقرانهما وخرج له الفوائد وحدث توفى فى الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة أحد الأئمة سمع أبا عبد الله البوشنجى وإبراهيم بن أبى طالب والحسين بن محمد القبانى وطائفة روى عنه أبو على النيسابورى الحافظ وأبو بكر بن عبدش وهما من أقرانه وأبو الحسن الحجاجى والحاكم أبو عبد الله وغيرهم قال الحاكم فيه العدل الأديب المفسر الأوحد بين أقرانه قال وسمعت أبا على الحافظ غير مرة يقول الناس يتعجبون من حفظنا لهذه الأسانيد وأبو زكرياء العنبرى يحفظ من العلوم ما لو كلفنا حفظ شيء منها لعجزنا عنه وما أعلم أنى رأيت مثله قال الحاكم اعتزل أبو زكريا الناس وقعد عن حضور المحافل بضع عشرة سنة وأطال الحاكم فى ترجمة العنبرى وذكر أنه توفى فى الثانى والعشرين من شوال سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وهو ابن ست وسبعين سنة ثم إنه سمعه يقول الشفق الحمرة لأن اشتقاقه من الخجل والخوف قال الله تعالى الحافظ الكبير الجليل صاحب المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم أبو عوانة الإسفراينى النيسابورى سمع بخراسان والعراق والحجاز واليمن والشام والثغور والجزيرة وفارس وأصبهان ومصر وهو أول من أدخل مذهب الشافعى إلى أسفراين أخذه عن المزنى والربيع سمع محمد بن يحيى ومسلم بن الحجاج ويونس بن على الأعلى وعمر بن شبة وعلى بن حرب وعلى بن إشكاب وسعدان بن نصر وخلقا سواهم روى عنه أحمد بن على الرازى الحافظ وأبو على النيسابورى وعبد الله بن عدى والطبرانى وأبو بكر الإسماعيلى وخلق آخرهم ابن أخته أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراينى قال الحاكم أبو عوانة من علماء الحديث وأثباتهم سمعت ابنه محمدا يقول إنه توفى سنة ست عشرة قلت وذكر عبد الغافر بن إسماعيل أنه توفى سنة ثلاث عشرة والصحيح الأول وعلى قبر أبى عوانة مشهد بأسفراين يزار قيل وهو بداخل البلد سكن بغداد وحدث بها عن المشايخ توفى فى شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة قاضى دمشق ومسند الشام فى وقته مولده قبل التسعين ومائتين وسمع أبا خليفة وأبا العباس السراج وزكريا الساجى وعبدان الأهوازى ومحمد بن جرير والقاسم المطرز والباغندى وخلائق روى عنه ابن أخيه صالح بن أحمد وأحمد بن الحسن الطيان وأحمد بن سلمة ابن كامل وعبد الوهاب الميدانى وأبو سليمان بن زبر مع تقدمه وخلق وناب فى القضاء بدمشق عن قاضى مصر والشام أبى الحسن على بن النعمان توفى في شعبان سنة خمس وسبعين وثلاثمائة آخر الطبقة الثالثة
|