الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.تفسير الآية رقم (32): {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}{قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول} أي في جميع الأوامر والنواهي ويدخل في ذلك الأمر السابق دخولًا أوليًا، وإيثار الإظهار على الإضمار بطريق الالتفات لتعيين حيثية الإطاعة والاشعار بعلتها، وفيه إشارة إلى ردّ شبهة المنافق كأنه يقول: إنما أوجب الله تعالى عليكم متابعتي لا لما يقول النصارى في عيسى بل لكوني رسول الله {فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي أعرضوا أو تعرضوا على أن تكون إحدى التائين محذوفة فيكون حينئذ داخلًا في حيز المقول وفي ترك ذكر احتمال الإطاعة تلويح إلى أنها غير محتملة منهم {فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين} أي لا يقربهم أو لا يرضى عنهم بل يبعدهم عن جوار قدسه وحظائر عزه ويسخط عليهم يوم رضاه عن المؤمنين. والمراد من الكافرين من تولى ولم يعبر بضميرهم للإيذان بأن التوالي عن الطاعة كفر وبأن محبته عز وجل مخصوصة بالمؤمنين لأن نفيها عن هؤلاء الكفار المستلزم لنفيها عن سائرهم لاشتراك العلة يقتضي الحصر في ضدهم..تفسير الآية رقم (33): {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)}{إِنَّ الله اصطفى ءادَمَ *وَنُوحًا وَءالَ إبراهيم وَءالَ عمران عَلَى العالمين} روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن اليهود قالوا: نحن أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام ونحن على دينهم فنزلت، وقيل: إن نصارى نجران لما غلوا في عيسى عليه الصلاة والسلام وجعلوه ابن الله سبحانه واتخذوه إلهًا نزلت ردًا عليهم وإعلامًا لهم بأنه من ذرية البشر المنتقلين في الأطوار المستحيلة على الإله وهذا وجه مناسبة الآية لما قبلها. وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في وجه المناسبة: إن سبحانه لما بين {إِنَّ الدّينَ عِندَ الله الإسلام} وإن اختلاف أهل الكتابين فيه إنما هو للبغي والحسد وأن الفوز برضوانه ومغفرته ورحمته منوط باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم شرع في تحقيق رسالته وأنه من أهل بيت النبوة القديمة فبدأ ببيان جلالة أقدار الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتبعه ذكر مبدأ عيسى وأمه وكيفية دعوته الناس إلى الإيمان تحقيقًا للحق وإبطالًا لما عليه أهل الكتابين من الإفراط والتفريط في شأنهما ثم بين محاجتهم في إبراهيم وادعائهم الانتماء إلى ملته ونزه ساحته العلية عما عم عليه من اليهودية والنصرانية ثم نص على أن جميع الرسل دعاة إلى عبادة الله تعالى وتوحيده وأن أممهم قاطبة مأمورون بالإيمان بمن جاءهم من رسول مصدق لما معهم تحقيقًا لوجوب الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وتحتم الطاعة له حسا يأتي تفصيله انتهى وهو وجه وجيه.وبدأ بآدم عليه الصلاة والسلام لأنه أول النوع، وثنى بنوح عليه الصلاة والسلام لأنه آدم الأصغر والأب الثاني وليس أحد على وجه البسيطة إلا من نسله لقوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات: 77] وذكر آل إبراهيم لترغيب المعترفين باصطفائهم في الإيمان بنبوة واسطة قلادتهم واستمالتهم نحو الاعتراف باصطفائه بواسطة كونه من زمرتهم وذكر آل عمران مع اندراجهم في الآل الأول لإظهار مزيد الاعتناء بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام لكمال رسوخ الاختلاف في شأنه وهذا هو الداعي إلى إضافة الآل في الأخيرين دون الأولين. وقيل: المراد بالآل في الموضعين عنى النفس أي اصطفى آدم ونوحًا وإبراهيم وعمران، وذكر الآل فيهما اعتناءًا بشأنهما وليس بشيء، والمراد بآل إبراهيم كما قال مقاتل: إسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وروي عن ابن عباس والحسن رضي الله تعالى عنهم أنهم من كان على دينه كآل محمد صلى الله عليه وسلم في أحد الإطلاقات، والمراد بآل عمران عيسى عليه الصلاة والسلام وأمه مريم بنت عمران بن ماثان من ولد سليمان بن داود عليهما السلام قاله الحسن ووهب، وقيل: المراد بهم موسى وهارون عليهما السلام، فعمران حينئذ هو عمران بن يصهر أبو موسى قاله مقاتل وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة والظاهر هو القول الأول لأن السورة تسمى آل عمران ولم تشرح قصة عيسى ومريم في سورة أبسط من شرحها في هذه السورة، وأما موسى وهارون فلم يذكر من قصتهما فيها طرف فدل ذلك على أن عمران المذكور هو أبو مريم، وأيضًا يرجح كون المراد به أبا مريم أن الله تعالى ذكر اصطفاءها بعد ونص عليه وأنه قال سبحانه: {إِذْ قَالَتِ امرأت عمران} [آل عمران: 35] إلخ، والظاهر أنه شرح لكيفية الاصطفاء المشار إليه بقوله تعالى: {إِنَّ الله} فيكون من قبيل تكرار الاسم في جملتين فيسبق الذهن إلى أن الثاني هو الأول نحو أكرم زيدًا إن زيدًا رجل فاضل، وإذا كان المراد بالثاني غير الأول كان في ذلك إلباس على السامع، وترجيح القول الأخير بأن موسى يقرن بإبراهيم في الذكر ليس في القوة كمرجح الأول كما لا يخفى، والاصطفاء الاختيار، وأصله أخذ صفوة الشيء كالاستصفاء، ولتضمينه معنى التفضيل عدي بعلى، والمراد بالعالمين أهل زمان كل واحد منهم أي اصطفى كل واحد منهم على عالمي زمامه، ويدخل الملك في ذلك، والتأويل خلاف الأصل.ومن هنا استدل بعضهم بالآية على أفضلية الأنبياء على الملائكة، ووجه الاصطفاء في جميع الرسل أنه سبحانه خصهم بالنفوس القدسية وما يليق بها من الملكات الروحانية والكمالات الجسمانية حتى إنهم امتازوا كما قيل على سائر الخلق خلقًا وخلقًا وجعلوا خائن أسرار الله تعالى ومظهر أسمائه وصفاته ومحل تجليه الخاص من عباده ومهبط وحيه ومبلغ أمره ونهيه، وهذا ظاهر في المصطفين المذكورين في الآية من الرسل، وأما مريم فلها الحظ الأوفر من بعض ذلك، وقيل: اصطفى آدم بأن خلقه بيديه وعلمه الأسماء وأسجد له الملائكة وأسكنه جواره، واصطفى نوحًا بأنه أول رسول بعث بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وسائر ذوي المحارم وأنه أب الناس بعد آدم وباستجابة دعوته في حق الكفرة والمؤمنين، واصطفى آل إبراهيم بأن جعل فيهم النبوة والكتاب، ويكفيهم فخرًا أن سيد الأصفياء منهم، واصطفى عيسى وأمه بأن جعلهما آية للعالمين.وإن أريد بآل عمران موسى وهارون فوجه اصطفاء موسى عليه الصلاة والسلام تكليم الله تعالى إياه وكتابة التوراة له بيده، ووجه اصطفاء هارون جعله وزيرًا لأخيه، وأما اصطفاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام فمفهوم بطريق الأولى وعدم التصريح به للإيذان بالغنى عنه لكمال شهرة أمره بالخلة وكونه شيخ الأنبياء وقدوة المرسلين، وأما اصطفاء نبينا صلى الله عليه وسلم فيفهم من دخوله في آل إبراهيم كما أشرنا إليه وينضم إليه أن سياق هذا المبحث لأجله كما يدل عليه بيان وجه المناسبة في كلام شيخ الإسلام، وروي عن أئمة أهل البيت أنهم يقرءون وآل محمد على العالمين وعلى ذلك لا سؤال، ومن الناس من قال: المراد بآل إبراهيم محمد صلى الله عليه وسلم جعل كأنه كل الآل مبالغة في مدحه، وفيه أن نبينا وإن كان في نفس الأمر نزلة الأنبياء كلهم فضلًا عن آل إبراهيم فقط إلا أن هذه الإرادة هنا بعيدة، ويشبه ذلك في البعد بل يزيد عليه ما ذكره بعضهم في الآية أنه لما أمرهم تابعته صلى الله عليه وسلم وإطاعته، وجعل إطاعته ومتابعته سببًا لمحبة الله تعالى إياهم وعدم إطاعته سببًا لسخط الله تعالى عليهم وسلب محبته عنهم أكد ذلك بتعقيبه بما هو عادة الله تعالى من اصطفاء أنبيائه على مخالفيهم وقمعهم وتذليلهم وإعدامهم لهم تخويفًا لهؤلاء المتمردين عن متابعته صلى الله عليه وسلم فذكر اصطفاء آدم على العالم الأعلى فإنه رجحه على سائر الملائكة وجعلهم ساجدين له وجعل الشيطان في لعنة لتمرده، واصطفاء نوح على العالم مع نهاية كثرتهم فأهلكهم بالطوفان وحفظ نوحًا وأتباعه، واصطفاء آل إبراهيم على العالم مع أن العالم كانوا كافرين فجعل دينهم شائعًا وذلل مخالفيهم، واصطفاء موسى وهارون على العلم فجعل السحرة مع كثرتهم مغلوبين لهما وفرعون مع عظمته وغلبة جنوده مغلوبًا وأهلكهم، ولذا خص آدم بالذكر ونوحًا والآلين، ولم يذكر إبراهيم ونبينا صلى الله تعالى عليهما وسلم إذ إبراهيم لم يغلب، وهذا الكلام لبيان أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيغلب وليس المراد الاصطفاء بالنبوة حتى يخفى وجه التخصيص وبهذا ظهر ضعف الاستدلال به على فضلهم على الملائكة انتهى.وفيه أن المتبادر من الاصطفاء الاجتباء والاختيار لا النصر على الأعداء على أن المقام راحل عن هذا الحمل، وقد أخرج ابن عساكر وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه فسر الاصطفاء هنا بالاختيار للرسالة ومثله فيما أخرجه ابن جرير عن الحسن وأيضًا حمل آل عمران على موسى وهارون مما لا ينساق إليه الذهن كما علمت، وكأن القائل لما لم يتيسر له إجراء الاصطفاء بالمعنى الذي أراده في عيسى عليه الصلاة والسلام وأمه اضطر إلى الحمل على خلاف الظاهر، وأنت تعلم أن الآية غنية عن الولوج في مثل هذه المضايق..تفسير الآية رقم (34): {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)}{ذُرّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} نصب على البدلية من الآلين أو الحالية منهما، وقيل: بدل من {نُوحٌ} وما بعده، وجوز أن يكون بدلًا من {ءادَمَ} و{مَا} عطف عليه ورده أبو البقاء بأن آدم ليس بذرية، وأجيب بأنه مبني على ما صرح به الراغب وغيره من أن الذرية تطلق على الآباء والأبناء لأنه من الذرء عنى الخلق، والأب ذرئ منه الولد، والولد ذريء من الأب إلا أن المتبادر من الذرية النسل وقد تقدم الكلام عليه. والمعنى أنهم ذرية واحدة متشبعة البعض من البعض في النسب كما ينبئ عنه التعرض لكونهم ذرية، وروي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه واختاره الجبائي وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: {بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} في النية والعمل والاخلاص والتوحيد، و{مِنْ} على الأول: ابتدائية والاستمالة تقريبية وعلى الثاني: اتصالية والاستمالة برهانية، وقيل: هي اتصالية فيهما {والله سَمِيعٌ} لأقوال العباد {عَلِيمٌ} بأفعالهم وما تكنه صدورهم فيصطفي من يشاء منهم، والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها..تفسير الآية رقم (35): {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)}{إِذْ قَالَتِ امرأت عمران} تقرير للاصطفاء وبيان لكيفيته، والظرف في حيز النصب على المفعولية بفعل محذوف أي اذكر لهم وقت قولها، وقيل: هو منصوب على الظرفية لما قبله، وهو {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 34] على سبيل التنازل أو السميع ولا يضر الفصل بينهما بالأجنبي لتوسعهم في الظروف، وقيل: هو ظرف لمعنى الاصطفاء المدلول عليه باصطفى المذكور كأنه قيل: واصطفى آل عمران. {إِذْ قَالَتِ} إلخ فكان من عطف الجمل لا المفردات على المفردات ليلزم كون اصطفاء الكل في ذلك الوقت، وامرأة عمران هي حنة بنت فاقوذا كما رواه إسحق بن بشر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، والحاكم عن أبي هريرة وهي جدة عيسى عليه الصلاة والسلام وكان لها أخت اسمها إيشاع تزوجها زكريا عليه الصلاة والسلام هي أم يحيى فعيسى ابن خالة يحيى كما ذكر ذلك غير واحد من الإخباريين ويشكل عليه ماأخرجه الشيخان في حديث المعراج من قوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا».وأجاب صاحب التقريب بأن الحديث مخرج على المجاز فإنه كثيرًا ما يطلق الرجل اسم الخالة على بنت خالته لكرامتها عليه، والغرض أن بينهما عليهما الصلاة والسلام هذه الجهة من القرابة وهي جهة الخؤلة، وقيل: كانت إيشاع أخت حنة من الأم وأخت مريم من الأب على أن عمران نكح أولًا أم حنة فولدت له إيشاع ثم نكح حنة بناءًا على حل نكاح الربائب في شريعتهم فولدت مريم فكانت إيشاع أخت مريم من الأب وخالتها من الأم لأنها أخت حنة من الأم، وفيه أنه مخالف لما ذكره محيي السنة من أن إيشاع وحنة بنتا فاقوذا على أنه بعيد لعدم الرواية في الأمرين.أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن حنة امرأة عمران كانت حبست عن الولد والمحيض فبينا هي ذات يوم في ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخًا له فتحركت نفسها للولد فدعت الله تعالى أن يهب لها ذكرًا فحاضت من ساعتها فلما طهرت أتاها زوجها فلما أيقنت بالولد قالت: لئن نجاني الله تعالى ووضعت ما في بطني لأجعلنه محررًا ولم يكن يحرر في ذلك الزمان إلا الغلمان فقال لها زوجها: أرأيت إن كان ما في بطنك أنثى والأنثى عورة فكيف تصنعين؟ فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك: {رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنّي} وهذا في الحقيقة استدعاء للولد الذكر لعدم قبول الأنثى فيكون المعنى رب إني نذرت لك ما في بطني فاجعله ذكرًا على حد أعتق عبدك عني وجعله بعض الأئمة تأكيدًا لنذرها وإخراجًا له عن صورة التعليق إلى هيئة التنجيز واللام من {لَكَ} للتعليل، والمراد لخدمة بيتك والمحرر من لا يعمل للدنيا ولا يتزوج ويتفرغ لعمل الآخرة ويعبد الله تعالى ويكون في خدمة الكنيسة قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال مجاهد: المحرر الخادم للبيعة، وفي رواية عند الخالص الذي لا يخالطه شيء من أمر الدنيا، وقال محمد بن جعفر بن الزبير: أرادت عتيقًا خالصًا لطاعتك لا أصرفه في حوائجي، وعلى كل هو من الحرية وهي ضربان أن لا يجري عليه حكم السبي وأن لا تتملكه الأخلاق الرديئة والرذائل الدنيوية.وانتصابه على الحالية من {مَا} والعامل فيه {نَذَرْتُ}؛ وقيل: من الضمير الذي في الجار والمجرور، والعامل فيه حينئذ الاستقرار ولا يخفى رجحان الوجه الأول والحال إما مقدرة أو مصاحبة، وجوز أبو حيان أن ينصب على المصدر أي تحريرًا لأنه عنى النذر، وتأكيد الجملة للإيذان بوفور الرغبة في مضمونها وتقديم الجار والمجرور لكمال الاعتناء به والتعبير عن الولد بما لإبهام أمره وقصوره عن درجة العقلاء، والتقبل أخذ الشيء على وجه الرضا وأصله المقابلة بالجزاء وتقبل هنا عنى اقبل.{إِنَّكَ أَنتَ السميع} لسائر المسموعات فتسمع دعائي {العليم} بما كان ويكون فتعلم نيتي وهو تعليل لاستدعاء القبول من حيث إن علمه تعالى بصحة نيتها وإخلاصها مستدع لذلك تفضلًا وإحسانًا، وتأكيد الجملة لغرض قوة يقينها ضمونها وقصر صفتي السمع والعلم عليه تعالى لغرض اختصاص دعائها وانقطاع حبل رجائها عما عداه سبحانه بالكلية مبالغة في الضراعة والابتهال قاله شيخ الإسلام وتقديم صفة السمع لأن متعلقاتها وإن كانت غير متناهية إلا أنها ليست كمتعلقات صفة العلم في الكثرة.
|