الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
.تفسير الآيات (56- 61): {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)}{فِيهِنَّ} في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجنى. أو في الجنتين، لاشتمالها على أماكن وقصور ومجالس {قاصرات الطرف} نساء قصرن أبصارهنّ على أزواجهنّ: لا ينظرن إلى غيرهم. لم يطمث الإنسيات منهنّ أحد من الإنس، ولا الجنيات أحد من الجن وهذا دليل عى أنّ الجن يطمثون كما يطمث الإنس، وقرئ: {لم يطمثهنّ} بضم الميم. قيل: هنّ في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر: أنصع بياضاً. قيل: إنّ الحوراء تلبس سبعين حلة، فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء {هَلْ جَزَآءُ الإحسان} في العمل {إِلاَّ الإحسان} في الثواب.وعن محمد بن الحنفية: هي مسجلة للبر والفاجر. أي: مرسلة، يعني: أنّ كل من أحسن أُحسن إليه، وكل من أَساء أسيء إليه..تفسير الآيات (62- 69): {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)}{وَمِن دُونِهِمَا} ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين {جَنَّتَانِ} لمن دونهم من أصحاب اليمين {مُدْهَامَّتَانِ (64)} قد ادهامّتا من شدّة الخضرة {نَضَّاخَتَانِ} فوّارتان بالماء. والنضخ أكثر من النضح، لأنّ النضح غير معجمة مثل الرش، فإن قلت: لم عطف النخل والرمان على الفاكهة وهما منها؟ قلت: اختصاصاً لهما وبياناً لفضلهما، كأنهما لما لهما من المزية جنسان آخران، كقوله تعالى: {وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98] أو لأنّ النخل ثمره فاكهة وطعام، والرمان فاكهة ودواء، فلم يخلصا للتفكه. ومنه قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رماناً أو رطباً: لم يحنث، وخالفه صاحباه..تفسير الآيات (70- 78): {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)}{خيرات} خيرات فخففت، كقوله عليه السلام: «هينون لينون» وأما {خير} الذي هو بمعنى أخير، فلا يقال فيه خيرون ولا خيرات. وقرئ: {خيرات} على الأصل. والمعنى: فاضلات الأخلاق حسان الخلق {مقصورات} قصرن في خدورهنّ. يقال: امرأة قصيرة وقصورة ومقصورة مخدرة. وقيل: إنّ الخيمة من خيامهنّ درّة مجوّفة {قَبْلَهُمْ} قبل أصحاب الجنتين، دل عليهم ذكر الجنتين {مُتَّكِئِينَ} نصب على الاختصاص. والرفرف: ضرب من البسط.وقيل البسط وقيل الوسائد، وقيل كل ثوب عريض رفرف. ويقال لأطراف البسط فضول الفسطاط: رفارف. ورفرف السحاب: هيدبه والعبقري: منسوب إلى عبقر، تزعم العرب أنه بلد الجن؛ فينسبون إليه كل شيء عجيب. وقرئ: {رفارف خضر} بضمتين. وعباقرى، كمدائني: نسبة إلى عباقري في اسم البلد: وروى أبو حاتم: عباقرى، بفتح القاف ومنع الصرف، وهذا لا وجه لصحته.فإن قلت: كيف تقاصرت صفات هاتين الجنتين عن الأوليين حتى قيل: ومن دونهما؟ قلت: مدهامّتان، دون ذواتا أفنان. ونضاختان دون: تجريان. وفاكهة دون: كل فاكهة. وكذلك صفة الحور والمتكأ. وقرئ: {ذو الجلال} صفة، للاسم.عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الرحمن أدّى شكر ما أنعم الله عليه»..سورة الواقعة: .تفسير الآيات (1- 7): {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7)}{وَقَعَتِ الواقعة} كقولك: كانت الكائنة، وحدثت الحادثة، والمراد القيامة: وصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة، فكأنه قيل: إذا وقعت التي لابد من وقوعها، ووقوع الأمر: نزوله. يقال: وقع ما كنت أتوقعه، أي: نزل ما كنت أترقب نزوله.فإن قلت: بم انتصب إذا؟ قلت: بليس. كقولك يوم الجمعة ليس لي شغل. أو بمحذوف، يعني: إذا وقعت كان كيت وكيت، أو بإضمار اذكر {كَاذِبَةٌ} نفس كاذبة، أي: لا تكون حين تقع نفس تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب؛ لأنّ كل نفس حينئذٍ مؤمنة صادقة مصدّقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات، كقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُواْ ءامَنَّا بالله وَحْدَهُ} [غافر: 84]، {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حتى يَرَوُاْ العذاب الاليم} [الشعراء: 201]، {وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مّنْهُ حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة بَغْتَةً} [الحج: 55] واللام مثلها في قوله تعالى: {ياليتنى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى} [الفجر: 24] أو: ليس لها نفس تكذبها وتقول لها: لم تكوني كما لها اليوم نفوس كثيرة يكذبنها، يقلن لها: لن تكوني. أو هي من قولهم: كذبت فلاناً نفسه في الخطب العظيم، إذا شجعته على مباشرته وقالت له: إنك تطيقه وما فوقه فتعرّض له ولا تبال به، على معنى: أنها وقعة لا تطاق شدّة وفظاعة. وأن لا نفس حينئذٍ تحدث صاحبها بما تحدثه به عند عظائم الأمور وتزين له احتمالها وإطاقتها، لأنهم يومئذٍ أضعف من ذلك وأذل. ألا ترى إلى قوله تعالى: {كالفراش المبثوث} [القارعة: 4] والفراش مثل في الضعف. وقيل: {كَاذِبَةٌ} مصدر كالعاقبة بمعنى التكذيب، من قولك: حمل على قرنه فما كذب، أي: فما جبن وماتثبط. وحقيقته: فما كذب نفسه فيما حدثته به. من إطاقته له وإقدامه عليه. قال زهير:أي: إذا وقعت لم تكن لها رجعة ولا ارتداد {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ (3)} على: هي خافضة رافعة، ترفع أقواماً وتضع آخرين: إما وصفاً لها بالشدّة؛ لأنّ الواقعات العظام كذلك، يرتفع فيها ناس إلى مراتب ويتضع ناس، وإما لأنّ الأشقياء يحطون إلى الدركات، والسعداء يرفعون إلى الدرجات؛ وإما أنها تزلزل الأشياء وتزيلها عن مقارّها، فتخفض بعضاً وترفع بعضاً: حيث تسقط السماء كسفاً وتنتثر الكواكب وتنكدر وتسير الجبال فتمرّ في الجوّ مرّ السحاب، وقرئ: {خافضة رافعة} بالنصب على الحال {رُجَّتِ} حرّكت تحريكاً شديداً حتى ينهدم كل شيء فوقها من جبل وبناء {وَبُسَّتِ الجبال} وفتت حتى تعود كالسويق، أو سيقت من بس الغنم إذا ساقها. كقوله: {وَسُيّرَتِ الجبال} [النبأ: 20]، {منبثاً} متفرقاً. وقرئ بالتاء أي: منقطعاً. وقرئ: {رجت وبست} أي: ارتجت وذهبت. وفي كلام بنت الخس: عينها هاج، وصلاها راج. وهي تمشي تفاج.فإن قلت: بم انتصب إذا رجت؟ قلت: هو بدل من إذا وقعت. ويجوز أن ينتصب بخافضة رافعة. أي: تخفض وترفع وقت رج الأرض، وبس الجبال لأنه عند ذلك ينخفض ما هو مرتفع ويرتفع ما هو منخفض {أزواجا} أصنافاً، يقال للأصناف التي بعضها مع بعض أو يذكر بعضها مع بعض أزواج. .تفسير الآيات (8- 9): {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9)}{فأصحاب الميمنة} الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم {وأصحاب المشئمة} الذي يؤتونها بشمائلهم. أو أصحاب المنزلة السنية وأصحاب المنزلة الدنية، من قولك: وفلان مني باليمين، فلان مني بالشمال: إذا وصفتهما بالرفعة عندك والضعة؛ وذلك لتيمنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشمائل، ولتفاؤلهم بالسانح وتطيّرهم من البارح، ولذلك اشتقوا لليمين الاسم من اليمن، وسموا الشمائل الشؤمى. وقيل: أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة: أصحاب اليمن والشؤم؛ لأنّ السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم، والأشقياء مشائيم عليها بمعصيتهم. وقيل: يؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين وبأهل النار ذات الشمال..تفسير الآيات (10- 26): {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)}{والسابقون} المخلصون الذين سبقوا إلى ما دعاهم الله إليه وشقوا الغبار في طلب مرضاة الله عز وجل وقيل: الناس ثلاثة فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه، ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا؛ فهذا السابق المقرَّب، ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة، ثم تراجع بتوبة؛ فهذا صاحب اليمين، ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه، ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا، فهذا صاحب الشمال (ما أصحاب الميمنة). (ما أصحاب المشأمة) تعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة. والمعنى: أي شيء هم؟ والسابقون السابقون، يريد: والسابقون من عرفت حالهم وبلغك وصفهم، كقوله وعبد الله عبد الله. وقول أبي النجم:كأنه قال: وشعري ما انتهى إليك وسمعت بفصاحته وبراعته، وقد جعل السابقون تأكيداً. وأولئك المقرّبون: خبراً وليس بذاك: ووقف بعضهم على: والسابقون؛ وابتدأ السابقون أولئك المقرّبون، والصواب أن يوقف على الثاني، لأنه تمام الجملة، وهو في مقابلة: ما أصحاب الميمنة، وما أصحاب المشأمة {المقربون فِي جنات النعيم (12)} الذين قربت درجاتهم في الجنة من العرش وأعليت مراتبهم. وقرئ: {في جنة النعيم} والثلة: الأمة من الناس الكثيرة. قال: وقوله عز وجل: {وَقَلِيلٌ مِّنَ الأخرين (14)} كفى به دليلاً على الكثرة، وهي من الثل وهو الكسر، كما أنّ الأمّة من الأمّ وهو الشج، كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم. والمعنى: أنّ السابقين من الأوّلين كثير، وهم الأمم من لدن آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم {وَقَلِيلٌ مِّنَ الأخرين (14)} وهم أمّة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: {مِّنَ الأولين} من متقدّمي هذه الأمة، و{مِّنَ الأخرين} من متأخريها.وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «الثلتان جميعاً من أمّتي» فإن قلت: كيف قال: {وقليل من الآخرين}، ثم قال: {وَثُلَّةٌ مّنَ الأخرين (40)}؟ قلت: هذا في السابقين وذلك في أصحاب اليمين؛ وأنهم يتكاثرون من الأولين والآخرين جميعاً.فإن قلت: فقد روى أنها لما نزلت شق ذلك على المسلمين، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يراجع ربه حتى نزلت {ثَلة من الأولين وثلة من الأخرين} [الواقعة: 39- 40].قلت: هذا لا يصح لأمرين، أحدهما: أنّ هذه الآية واردة في السابقين وروداً ظاهراً، وكذلك الثانية في أصحاب اليمين. ألا ترى كيف عطف أصحاب اليمين ووعدهم، على السابقين ووعدهم، والثاني: أنّ النسخ في الأخبار غير جائز وعن الحسن رضي الله عنه: سابقو الأمم أكثر من سابقي أمّتنا، وتابعو الأمم مثل تابعي هذه الأمّة. وثلة: خبر مبتدإ محذوف، أي: هم ثلة {مَّوْضُونَةٍ} مرمولة بالذهب، مشبكة بالدرّ والياقوت، قد دوخل بعضها في بعض كما توضن حلق الدرع.قال الأعشى: وقيل: متواصلة، أدنى بعضها من بعض. {مُتَّكِئِينَ} حال من الضمير في على، وهو العامل فيها، أي: استقرّوا عليها متكئين {متقابلين} لا ينظر بعضهم في أقفاء بعض. وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب {مُّخَلَّدُونَ} مبقون أبداً على شكل الولدان وحدّ الوصافة لا يتحوّلون عنه. وقيل: مقرّطون، والخلدة: القرط. وقيل: هم أولاد أهل الدنيا: لم تكن لهم حسنات فيثابوا عليها، ولا سيئات فيعاقبوا عليها. روى عن علي رضي الله عنه وعن الحسن. وفي الحديث: «أولاد الكفار خدّام أهل الجنة» الأكواب: أوان بلا عرى وخراطيم، والأباريق، ذوات الخراطيم {لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} أي بسببها، وحقيقته: لا يصدر صداعهم عنها. أو لا يفرّقون عنها.وقرأ مجاهد: {لا يصدعون}، بمعنى: لا يتصدعون لا يتفرقون، كقوله: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43] ويصدعون، أي: لا يصدع بعضهم بعضاً، لا يفرّقونهم {يَتَخَيَّرُونَ} يأخذون خيره وأفضله {يَشْتَهُونَ} يتمنون. وقرئ: {ولحوم طير} قرئ: {وحور عين} بالرفع على: وفيها حور عين، كبيت الكتاب: أو للعطف على ولدان، وبالجر: عطفاً على جنات النعيم، كأنه قال: هم في جنات النعيم، وفاكهة ولحم وحور. أو على أكواب، لأن معنى {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ولدان مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ} ينعمون بأكواب، وبالنصب على: ويؤتون حورا {جَزَآءً} مفعول له، أي: يفعل بهم ذلك كله جزاء بأعمالهم {سلاما سلاما} إما بدل من {قِيلاً} بدليل قوله {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سلاما} [مريم: 62] وإما مفعول به لقيلا، بمعنى: لا يسمعون فيها إلا أن يقولوا سلاما سلاما. والمعنى: أنهم يفشون السلام بينهم، فيسلمون سلاماً بعد سلام. وقرئ: {سلام سلام}، على الحكاية.
|