فصل: كتاب الوديعة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَعْدٍ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مَكْرُوهَةٌ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ مُحَرَّمَةٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا (فَإِنْ زَادَ) الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ شَيْئًا. (وَرَدَّ الْوَارِثُ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ)؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ (وَإِنْ أَجَازَ فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) لِلْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ. (وَفِي قَوْلٍ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ) مِنْهُ (وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ. (وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) الْمُوصَى بِثُلُثِهِ (يَوْمَ الْمَوْتِ وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ الْمَالِ فِي الْيَوْمَيْنِ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ) الَّذِي يُوصِي بِهِ. (أَيْضًا عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) سَوَاءٌ عَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ أَمْ فِي الْمَرَضِ (وَتَبَرُّعٌ نُجِزَ فِي مَرَضِهِ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ، وَإِذَا اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَوْتِ وَعَجَزَ الثُّلُثُ) عَنْهَا (فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ) كَأَنْ قَالَ إذَا مِتَّ فَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بِالثُّلُثِ، وَلَا يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ شِقْصٌ (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ تَمَحَّضَ غَيْرُ الْعِتْقِ (قُسِّطَ الثُّلُثُ) عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسِينَ وَلِبَكْرٍ بِخَمْسِينَ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ أُعْطِيَ زَيْدٌ خَمْسِينَ، وَكُلٌّ مِنْ عَمْرٍو وَبَكْرٍ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (أَوْ هُوَ) أَيْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ (وَغَيْرُهُ) كَأَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَلِزَيْدٍ بِمِائَةٍ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا (بِالْقِيمَةِ) لِلْمُعْتَقِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً، وَالثُّلُثُ مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهُ وَلِزَيْدٍ خَمْسُونَ (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) فَلَا يَكُونُ لِزَيْدٍ فِي الْمِثَالِ شَيْءٌ (أَوْ) اجْتَمَعَ تَبَرُّعَاتٌ (مُنْجَزَةٌ) كَأَنْ أَعْتَقَ وَتَصَدَّقَ وَوَقَفَ (قُدِّمَ الْأَوَّلُ) مِنْهَا (فَالْأَوَّلُ حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ) وَيَتَوَقَّفُ مَا بَقِيَ عَنْ إجَازَةِ الْوَارِثِ (فَإِنْ وُجِدَتْ دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ (وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَعِتْقِ عَبِيدٍ أَوْ إبْرَاءِ جَمْعٍ) كَأَنْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ (أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ) حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي الْجَمِيعِ (وَقُسِّطَ فِي غَيْرِهِ) بِالْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ) الْجِنْسُ (وَتَصَرَّفَ وُكَلَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ) كَأَنْ تَصَدَّقَ وَاحِدٌ، وَوَقَفَ آخَرُ، وَأَبْرَأَ آخَرُ دُفْعَةً. (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ) فِيهَا عِتْقٌ (قُسِّطَ) الثُّلُثُ عَلَيْهَا أَيْضًا (وَفِي قَوْلٍ يُقَدَّمُ الْعِتْقُ) كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا مُنْجَزًا وَبَعْضُهَا مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ قُدِّمَ الْمُنْجَزُ مِنْهُمَا. (لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ فَقَطْ) أَيْ لَا ثَالِثَ لَهُمَا (سَالِمٌ وَغَانِمٌ فَقَالَ إنْ أَعْتَقْت غَانِمًا فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا فَقَطْ. (عَتَقَ) غَانِمٌ فَقَطْ. (وَلَا إقْرَاعَ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ لِسَالِمٍ، فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ غَانِمٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ سَالِمٍ، وَلَوْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ مُثَلَّثً (وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَبَاقِيهِ غَائِبٌ لَمْ تُدْفَعْ كُلُّهَا إلَيْهِ فِي الْحَالِ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْغَائِبِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثُّلُثِ مِنْهَا أَيْضًا)؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ مِنْهَا، لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي يُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ الْوَارِثِ.

. فَصْلٌ:

إذَا ظَنَنَّا الْمَرَضَ مَخُوفًا أَيْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ. (لَمْ يُنَفَّذْ تَبَرُّعٌ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ)؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَةِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (نُفِّذَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ (وَإِنْ ظَنَنَّاهُ غَيْرَ مَخُوفٍ فَمَاتَ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْفُجَاءَةِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْمَدِّ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْجِيمِ. (نُفِّذَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا (فَمَخُوفٌ) كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَلَوْ شَكَكْنَا فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِطَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ (وَمِنْ الْمَخُوفِ قُولَنْجُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ، فَلَا تَنْزِلَ وَيَصْعَدَ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّيَ إلَى الْهَلَاكِ. (وَذَاتُ جَنْبٍ) وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَنْبِ، وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ، وَذَلِكَ وَقْتُ الْهَلَاكِ (وَرُعَافٌ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (دَائِمٌ)؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَإِسْهَالٌ مُتَوَاتِرٌ)؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ كَأَنْ يَنْقَطِعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (وَدِقٌّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ، وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ الْحَيَاةُ غَالِبًا (وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ) بِخِلَافِ اسْتِمْرَارِهِ وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالْبَلْغَمِ فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَكَ. (وَخُرُوجُ الطَّعَامِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ) بِأَنْ تَنْخَرِقَ الْبَطْنُ فَلَا يُمْكِنُهُ الْإِمْسَاكُ. (أَوْ كَانَ يَخْرُجُ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ) أَيْ مِنْ عُضْوٍ شَرِيفٍ كَكَبِدٍ بِخِلَافِ دَمِ الْبَوَاسِيرِ وَذَكَرَ كَانَ مَعَ الْمُضَارِعِ لِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ كَانَ حَاتِمُ يُكْرِمُ الضَّيْفَ. (وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ لَازِمَةٌ لَا تَبْرَحُ (أَوْ غَيْرُهَا) كَالْوِرْدِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، وَالْغِبِّ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا، وَالثُّلُثِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتَقْطَعُ يَوْمَيْنِ. (إلَّا الرُّبُعَ) وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا، وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ، فَلَيْسَتْ مَخُوفَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْمُومَ بِهَا يَأْخُذُ قُوَّةً مِنْ يَوْمَيْ الْإِقْلَاعِ، وَالْحُمَّى الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَخُوفَةً بِحَالٍ، وَالرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَالْغِبُّ وَالْوِرْدُ بِكَسْرِ أَوَّلِهَا. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْمَخُوفِ أَسْرُ كُفَّارٍ اعْتَادُوا قَتْلَ الْأَسْرَى، وَالْتِحَامُ قِتَالٍ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ وَتَقْدِيمٌ لِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ وَاضْطِرَابُ رِيحٍ وَهَيَجَانُ مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا، وَوَجْهُ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِالْمَرَضِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ فِيهَا شَيْءٌ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ إلَى آخِرِهَا قَوْلَانِ وَفِيمَا قَبْلَهَا طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةٌ فِي التَّقْدِيمِ لِقِصَاصٍ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِلْحَاقِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، وَالْعَفْوُ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ أَوْ الْمَالِ وَلَا خَوْفٌ فِي أَسْرِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالرُّومِ، وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَامَيَانِ بِالنُّشَّابِ، وَالْحِرَابِ، وَلَا فِي الْفَرِيقِ الْغَالِبِ، وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا وَقَوْلُهُ: " مُتَكَافِئَيْنِ " الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا, (وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) بَعْدَ مَوْتِي كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي) كَذَا (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) بِالنُّونِ مَعَ النِّيَّةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ فِيهَا الْأَظْهَرُ. (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) وَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ نَوَيْت الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بَحْثًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا هُنَا (وَإِنْ وَصَّى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ بِلَا قَبُولٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِهِ وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ (أَوْ لِمُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) وَإِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مُتَعَدِّدًا كَبَنِي زَيْدٍ اُشْتُرِطَ مَعَ الْقَبُولِ اسْتِيعَابُهُمْ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّدُ قَبِيلَةً كَبَنِي هَاشِمٍ فَهُمْ كَالْفُقَرَاءِ فَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا يَصِحُّ قَبُولٌ وَلَا رَدٌّ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) فَلِمَنْ قَبِلَ فِي الْحَيَاةِ الرَّدُّ بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَالْعَكْسُ إذْ لَا حَقَّ لَهُ قَبْلَهَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (الْفَوْرُ) فِي الْقَبُولِ (فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمُوصِي (بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ) قَبْلَ الْقَبُولِ (فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ) أَوْ يَرُدُّ (وَهَلْ يَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِهِ. (بِمَوْتِ الْمُوصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ) هُوَ (مَوْقُوفٌ فَإِنْ قَبِلَ أَنَّهُ مِلْكٌ بِالْمَوْتِ، وَإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا الثَّالِثُ، وَعَلَيْهَا تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ) بَيْنَهُمَا فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِلْمُوصَى لَهُ الثَّمَرَةُ، وَالْكَسْبُ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْفِطْرَةُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا وَلَا، وَلَوْ رَدَّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ وَعَلَيْهِ مَا ذُكِرَ، وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا وَلَا وَعَلَى النَّفْيِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَتَعَلَّقُ مَا ذُكِرَ بِالْوَارِثِ. (وَيُطَالِبُ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْعَبْدُ (الْمُوصَى لَهُ) بِهِ (بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) فَإِنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ رَدَّ.

. فَصْلٌ:

إذَا (أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً ضَأْنًا وَمَعْزًا) لِصِدْقِ الِاسْمِ بِمَا ذُكِرَ (وَكَذَا ذَكَرًا فِي الْأَصَحِّ) وَالْهَاءُ فِي الشَّاةِ لِلْوَحْدَةِ وَالثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُهُ لِلْعُرْفِ. (لَا سَخْلَةً وَعِنَاقًا فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا وَالثَّانِي قَالَ يَصْدُقُ وَالسَّخْلَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزِ وَالْعِنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْزِ، وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ أَيْ الْجَدْيُ (وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ غَنَمِي) أَيْ بَعْدَ مَوْتِي (وَلَا غَنَمَ لَهُ لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ هَذِهِ (وَإِنْ قَالَ مِنْ مَالِي) وَلَا غَنَمَ لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (اُشْتُرِيَتْ لَهُ) شَاةٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَعْطَى شَاةً مِنْهَا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ جَازَ أَنْ يُعْطِيَ شَاةً عَلَى غَيْرِ صِفَةِ غَنَمِهِ. (وَالْجَمَلُ وَالنَّاقَةُ يَتَنَاوَلَانِ الْبَخَاتِيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا (وَالْعِرَابُ لَا أَحَدُهُمَا الْآخَرُ) أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ الْجَمَلُ النَّاقَةَ، وَالْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الْجَمَلَ لِلذَّكَرِ، وَالنَّاقَةَ لِلْأُنْثَى. (وَالْأَصَحُّ تَنَاوُلُ بَعِيرٍ نَاقَةً) سُمِعَ حَلَبَ بَعِيرَهُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْجَمَلِ. (لَا بَقَرَةٍ ثَوْرًا) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالثَّانِي يَقُولُ الْهَاءُ لِلْوَحْدَةِ (وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (وَالْمَذْهَبُ حَمْلُ الدَّابَّةِ) وَهِيَ لُغَةً مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ. (عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِاشْتِهَارِهَا فِيهَا عُرْفًا فَقِيلَ هَذَا عَلَى عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ، وَإِذَا كَانَ عُرْفُ أَهْلِ غَيْرِهَا، كَالْعِرَاقِ الْفُرْسَ حُمِلَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ الْعَمَلُ بِالنَّصِّ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ بِالنَّصِّ يَصِحُّ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِالْمَذْهَبِ. (وَيَتَنَاوَلُ الرَّقِيقَ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا) أَيْ كَبِيرًا وَذَكَرًا وَسَلِيمًا وَمُسْلِمًا (وَقِيلَ إنْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ وَجَبَ الْمُجْزِئُ كَفَّارَةً) بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَعْطُوهُ عَبْدًا (وَلَوْ وَصَّى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ) وَصِيَّتُهُ.
(وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) لِلْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُمْسِكَهُ، وَيَدْفَعَ قِيمَةَ مَقْتُولٍ لَهُ وَإِنْ قُتِلُوا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ صَرَفَ الْوَارِثُ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَوْ بَيْنَهُمَا فَكَذَلِكَ إنْ قُلْنَا يُمْلَك الْمُوصَى بِهِ بِالْمَوْتِ، أَوْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَبُولِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. (أَوْ بِإِعْتَاقِ رِقَابٍ فَثَلَاثٌ)؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ (فَإِنْ عَجَزَ ثُلُثُهُ عَنْهُنَّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَى شِقْصٌ) مَعَ رَقَبَتَيْنِ (بَلْ) تُشْتَرَى (نَفِيسَتَانِ بِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَتَيْنِ شَيْءٌ فَلِلْوَرَثَةِ) وَقِيلَ يُشْتَرَى شِقْصٌ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي وَصَفَهُ الْغَزَالِيُّ بِالْأَظْهَرِ، وَلِانْفِرَادِهِ بِتَرْجِيحِهِ عَبَّرَ الْمُصَنَّفُ بِالْمَذْهَبِ. (وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِلْعِتْقِ اشْتَرَى شِقْصًا) بِلَا خِلَافٍ أَيْ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ. (وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلِهَا) بِكَذَا (فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ فَلَهُمَا) بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى. (أَوْ) أَتَتْ (بِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَكُلُّهُ لِلْحَيِّ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لِلْحَيِّ نِصْفُهُ، وَالْبَاقِي لِوَارِثِ الْمُوصِي (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا أَوْ قَالَ) إنْ كَانَ (أُنْثَى فَلَهُ كَذَا فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى. (لَغَتْ) وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا جَمِيعَهُ لَيْسَ بِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، (وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ بِبَطْنِهَا ذَكَرٌ) فَلَهُ كَذَا، (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى (اسْتَحَقَّ الذَّكَرُ)؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بِبَطْنِهَا وَزِيَادَةُ الْأُنْثَى لَا تَضُرُّ (أَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (وَيُعْطِيهِ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (وَالْوَارِثُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاقْتِضَاءِ التَّبْكِيرِ التَّوْحِيدَ، وَالثَّالِثُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا.
(وَلَوْ وَصَّى لِجِيرَانِهِ فَلِأَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِهِ الْأَرْبَعَةِ لِحَدِيثٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُقَسِّمُ الْمَالَ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا. (وَالْعُلَمَاءُ) فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ. (أَصْحَابُ عُلُومِ الشَّرْعِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ) وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ، وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِطُرُقِهِ وَلَا بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ وَلَا بِالْمُتُونِ فَإِنَّ السَّمَاعَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ بِعِلْمٍ (لَا مُقْرِئٌ وَأَدِيبٌ وَمُعَبِّرٌ وَطَبِيبٌ) بِرَفْعِ الْأَرْبَعَةِ عَطْفًا عَلَى: " أَصْحَابُ " أَيْ لَيْسُوا مِنْ عُلَمَاءِ الشَّرْعِ. (وَكَذَا مُتَكَلِّمٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) وَقَالَ الْمُتَوَلِّي هُوَ مِنْهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ قَرِيبٌ. (وَيَدْخُلُ فِي وَصِيَّةِ الْفُقَرَاءِ الْمَسَاكِينِ وَعَكْسُهُ) لِوُقُوعِ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ. (وَلَوْ جَمَعَهُمَا شُرِكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (نِصْفَيْنِ وَأَقَلُّ كُلِّ صِنْفٍ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةٌ وَلَهُ التَّفْضِيلُ) بَيْنَ آحَادِ الثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ (أَوْ) وَصَّى (لِزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ فِي جَوَازِ إعْطَائِهِ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ) كَمَا يُحْرَمُ أَحَدُهُمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، وَقِيلَ: هُوَ كَأَحَدِهِمْ فِي سِهَامِ الْقِسْمَةِ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ أَرْبَعَةً مِنْ الْفُقَرَاءِ. كَانَ لَهُ الْخُمُسُ أَوْ خَمْسَةً كَانَ لَهُ السُّدُسُ، وَهَكَذَا، وَقِيلَ: لَهُ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفُقَرَاءِ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْأَوَّلَانِ فُسِّرَ بِهِمَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ كَأَحَدِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَعَبَّرَ فِيهَا بِأَصَحِّ الْأَوْجُهِ (أَوْ) وَصَّى (لِجَمْعٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مُنْحَصِرٍ كَالْعَلَوِيَّةِ صَحَّتْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ) كَالْفُقَرَاءِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا عُرْفَ يُخَصِّصُهُ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَهُ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِثَلَاثَةِ الْمُتَضَمِّنِ لِلصِّحَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ فِيهِ لَمَّا صَارَتْ أَصْلًا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِيهَا مَنْ ذُكِرَ، وَنَحْوُهُمْ كَالْهَاشِمِيَّةِ. (أَوْ) وَصَّى (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ) لَهُ (وَإِنْ بَعُدَ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ. (إلَّا أَصْلًا وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ فِي الْعُرْفِ، وَيَدْخُلُ الْأَجْدَادُ وَالْأَحْفَادُ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَيُوَافِقُهُ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَدْخُلُ الْجَمِيعُ، (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَالثَّانِي تَدْخُلُ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْعَجَمِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَقْوَى وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً) فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ جَدٍّ فَوْقَهُ فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لَمْ تَدْخُلْ الْحُسَيْنِيُّونَ (وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ) أَيْ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ كَمَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ عِنْدَ انْتِفَائِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ ابْنٍ عَلَى أَبٍ وَأَخٍ عَلَى جَدٍّ) وَالثَّانِي يُسَوَّى بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْأَخِيرَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ وَعُصُوبَتِهِ وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ (وَلَا يَرْجِعُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ. (وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ)؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ.
(وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَى لَهُمْ فَيَخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ الْبَاقُونَ، وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ اخْتِصَاصُ الْوَجْهَيْنِ بِقَوْلِنَا: الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ وَقَفْنَاهَا عَلَى الْإِجَارَةِ فَلْيُقْطَعْ بِالْوَجْهِ الثَّانِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِهِمَا، وَلِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا، أَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ.

. فَصْلٌ:

تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ وَدَارٍ وَغَلَّةِ حَانُوتٍ) مُؤَبَّدَةٍ وَمُؤَقَّتَةٍ وَمُطْلَقَةٍ، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ، وَغَلَّةِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنَافِعَ. (وَيَمْلِكُ الْمُوصَى لَهُ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ وَأَكْسَابَ الْمُعْتَادَةِ) كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَأُجْرَةِ الْحِرْفَةِ بِخِلَافِ النَّادِرَةِ، كَالْهِبَةِ وَاللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ (وَكَذَا) (مَهْرُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا تَزَوَّجَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ لِوَارِثِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا، فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا بِالْوَصِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا الْأَخِيرَ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الثَّانِي الْأَشْبَهُ. (لَا وَلَدُهَا) مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى أَيْ لَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ بَلْ هُوَ كَالْأُمِّ مَنْفَعَتُهُ لَهُ وَرَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ)؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَالثَّانِي يَمْلِكُهَا الْمُوصَى لَهُ كَكَسْبِهَا, (وَلَهُ إعْتَاقُهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ إعْتَاقُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهِ لَكِنْ لَا يُجْزِئُ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ تَبْقَى الْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا. (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، وَكَذَا أَبَدًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ، وَالْفِطْرَةُ كَالنَّفَقَةِ (وَبَيْعُهُ إنْ لَمْ يُؤَبِّدْ) أَيْ الْمُوصِي الْمَنْفَعَةَ (كَالْمُسْتَأْجِرِ) فَيَصِحُّ لِلْمُوصَى لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى الرَّاجِحِ (وَإِنْ أَبَّدَ) الْمَنْفَعَةَ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ غَيْرِهِ) إذْ لَا فَائِدَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَالثَّانِي يَصِحُّ مُطْلَقًا لِكَمَالِ الْمِلْكِ، وَالثَّالِثُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَنْفَعَةِ بِحَقِّ الْغَيْرِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا) أَيْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ (مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا)؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَهَا، وَالثَّانِي تُعْتَبَرُ مِنْهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ بِمَنْفَعَتِهِ وَقِيمَتِهِ بِلَا مَنْفَعَةٍ لِبَقَاءِ الرَّقَبَةِ لِلْوَارِثِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا عَشَرَةً اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى الْأَوَّلِ مِائَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي تِسْعُونَ (وَإِنْ أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ ثُمَّ مَسْلُوبِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَيُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنْ الثُّلُثِ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ بِمَنْفَعَتِهِ مِائَةً وَبِدُونِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ ثَمَانِينَ، فَالْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْضِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: الضَّرُورَةُ فِي الْفَرْضِ مُنْتَفِيَةٌ فِي التَّطَوُّعِ، وَظَاهِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ. (وَيَحُجُّ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ الْمِيقَاتِ كَمَا قَيَّدَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَمِنْ الْمِيقَاتِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ التَّجْهِيزُ لِلْحَجِّ مِنْهُ وَعُورِضَ، بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ الْإِحْرَامَ مِنْهُ (وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ (فَإِنْ أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثِ عُمِلَ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ) عَلَى الْأَصْلِ (وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ)؛ لِأَنَّهُ مَصْرَفُ الْوَصَايَا فَيُحْمَلُ ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ (وَيَحُجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ) إذْ لَا يَجِبُ مِنْ دُونِهِ (وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ) حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (فِي الْأَصَحِّ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لِلِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ تَطَوُّعًا إذَا لَمْ يُوصِ بِهِ (وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ عَنْهُ) مِنْ التَّرِكَةِ (الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ فِي كَفَّارَةِ صِحَّتِهَا) كَكَفَّارَةِ الْوِقَاعِ مِنْ إعْتَاقٍ وَإِطْعَامٍ، وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ. (وَيُطْعِمُ وَيَكْسُو فِي الْمُخَيَّرَةِ) كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْتِقُ أَيْضًا)؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا فَإِعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِهِ، وَالثَّانِي قَالَ: لَا ضَرُورَةَ هُنَا إلَى الْإِعْتَاقِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ لَهُ) أَيْ فِي الْمُرَتَّبَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ. (الْأَدَاءَ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ سِيَابَةٍ، وَالثَّالِثُ يَمْتَنِعُ الْإِعْتَاقُ فَقَطْ لِبُعْدِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَقَعُ) أَيْ الطَّعَامُ أَوْ الْكِسْوَةُ (عَنْهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِطَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالثَّانِي لَا لِبُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ (لَا إعْتَاقٍ) أَيْ لَا يَقَعُ عَنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَالثَّانِي يَقَعُ عَنْهُ كَغَيْرِهِ وَهَذَا التَّصْحِيحُ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُرَتَّبَةِ أَخْذًا مِنْ الْإِطْلَاقِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ فِي الْمُرَتَّبَةِ بِنَاءً عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (وَيَنْفَعُ الْمَيِّتَ صَدَقَةٌ) عَنْهُ (وَدُعَاءٌ) لَهُ (مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَفِي وُسْعِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا.

. فَصْلٌ:

لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْوَصِيَّةَ أَوْ أَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعْت فِيهَا أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ هَذَا لِوَارِثِي مُشِيرًا إلَى مَا وَصَّى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَبِبَيْعٍ وَإِعْتَاقٍ وَإِصْدَاقٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ (وَكَذَا هِبَةٌ أَوْ رَهْنٌ) لَهُ (مَعَ قَبْضٍ وَكَذَا دُونَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ، وَالثَّانِي يَعْتَلُّ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) فِيمَا وَصَّى بِهِ (وَكَذَا تَوْكِيلٌ فِي بَيْعِهِ وَعَرْضِهِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ، وَالثَّانِي يَقُولُ قَدْ لَا يَحْصُلُ بَيْعُهُ (وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ) وَصَّى بِهَا (رُجُوعٌ)؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ. (وَلَوْ وَصَّى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا فَرُجُوعٌ)؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ (أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ وَالثَّانِي يَقُولُ غَيَّرَهَا عَمَّا كَانَتْ كَالتَّغْيِيرِ بِالْأَجْوَدِ (وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا وَبَذْرُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ (وَعَجْنُ دَقِيقٍ) وَصَّى بِهِ (وَغَزْلُ قُطْنٍ) وَصَّى بِهِ (وَنَسْجِ غَزْلٍ) وَصَّى بِهِ (وَقَطْعُ ثَوْبٍ) وَصَّى بِهِ (قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغِرَاسٌ فِي عَرْصَةٍ) وَصَّى بِهَا (رُجُوعٌ) لِظُهُورِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فِي الصَّرْفِ مِنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ.

. فَصْلٌ:

يُسَنُّ الْإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا، وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ) فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا نَصَّبَ الْقَاضِي مَنْ يَقُومُ بِهَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَزَادَ فِيهَا أَنَّ الْإِيصَاءَ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ، وَقَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَاجِبٌ، وَفِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ، زَادَ فِيهَا الْمُرَادَ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ سَنَّ الْإِيصَاءِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَرَدِّ الْمَظَالِمِ إذَا كَانَا مَعْلُومَيْنِ (وَشُرِطَ لِوَصِيٍّ تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ (وَحُرِّيَّةٌ وَعَدَالَةٌ إلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِسْلَامٌ لَكِنْ الْأَصَحُّ جَوَازُ وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ عَدْلٌ فِي دَيْنِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ: وَعَدَالَةٌ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي الْجَوَازِ إلَى قَوْلِ الْوَجِيزِ فِي أَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ لِظُهُورِ أَنَّهُ الْمُرَادُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، كَمَا سَيَأْتِي فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْفَاسِقُ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَيْهِمْ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُفَوَّضُ إلَيْهِ أَمْرُ غَيْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ. (وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ امْرَأَةً. (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا) إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا، وَهِيَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقِيلَ: وَعِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا، وَقِيلَ وَمَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا (وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ) بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِي مَعْنَاهُ قَيَّمَ الْقَاضِي (وَكَذَا الْقَاضِي) أَيْ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (فِي الْأَصَحِّ لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ وَقَاسَ عَلَيْهِ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِالِانْعِزَالِ أَيْضًا.
(وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَتَنْفِيذٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَيْنَ الْفَاءِ وَالذَّالِ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ تُنَفَّذُ بِلَا تَحْتَانِيَّةٍ مَضْمُومُ الْفَاءِ وَالذَّالِ بِعَدَدِ دَائِرَةٍ، أَيْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَصِحُّ وَيَتَعَلَّقُ بِهِمَا قَوْلُهُ مِنْ إلَى آخِرِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ. (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ابْتِدَاءً مِنْ الشَّرْعِ لَا بِتَفْوِيضٍ أَيْ فَيُوصَى الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَهْلِ. (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَالثَّالِثُ: إنْ عَيَّنَ الْوَصِيُّ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت إلَيْك إلَى بُلُوغِ ابْنِي أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ قَدِمَ فَهُوَ الْوَصِيُّ جَازَ) ذَلِكَ وَاغْتُفِرَ التَّأْقِيتُ فِي الْإِيصَاءِ إلَى الْأَوَّلِ، وَالتَّعْلِيقُ فِي الْإِيصَاءِ إلَى الثَّانِي وَنَحْوُهُ أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً وَبَعْدَهَا وَصِيِّي فُلَانٌ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْأَبِ (نَصْبُ وَصِيٍّ) عَلَى الْأَطْفَالِ. (وَالْجَدُّ حَيٌّ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ شَرْعًا، وَيَجُوزُ لَهُ نَصْبُ وَصِيٍّ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ (وَلَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ طِفْلٍ وَبِنْتٍ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرًا وَالصَّغِيرَةَ (وَلَفْظُهُ) أَيْ الْإِيصَاءِ. (أَوْصَيْت إلَيْك أَوْ فَوَّضْت) إلَيْك وَنَحْوُهُمَا كَأَقَمْتُكَ مَقَامِي.
(وَيَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ وَالتَّعْلِيقُ) نَحْوُ مَا سَبَقَ وَنَحْوُ أَوْصَيْت إلَيْك سَنَةً، وَإِذَا جَاءَ فُلَانٌ فَهُوَ وَصِيٌّ (وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا يُوصِي فِيهِ) كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا، وَأَمْرِ الْأَطْفَالِ. (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَوْصَيْت إلَيْك لَغَا) هَذَا الْقَوْلُ (وَ) يُشْتَرَطُ (الْقَبُولُ) أَيْ قَبُولُ الْإِيصَاءِ وَفِي قِيَامِ الْعَمَلِ مَقَامَهُ وَجْهَانِ أَخْذًا مِنْ الْوَكَالَةِ. (وَلَا يَصِحُّ) الْقَبُولُ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُوصَى لَهُ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِعَمَلٍ يَتَأَخَّرُ يَصِحُّ الْقَبُولُ فِي الْحَالِ، وَالرَّدُّ فِي حَيَاةِ الْوَصِيِّ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ رَدَّ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ قَبِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ جَازَ وَلَوْ رَدَّ بَعْدَ الْمَوْتِ لَغَا الْإِيصَاءُ (وَلَوْ وَصَّى اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا) بِالصَّرْفِ (إلَّا إنْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِالِانْفِرَادِ فَيَجُوزُ (وَلِلْمُوصِي وَالْوَصِيِّ الْعَزْلُ مَتَى شَاءَ) أَيْ لِلْمُوصِي عَزْلُ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفُ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ، مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ (وَإِذَا بَلَغَ الطِّفْلُ وَنَازَعَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ صُدِّقَ الْوَصِيُّ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ فِي دَفْعٍ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ صُدِّقَ الْوَلَدُ) بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ، وَفِي وَجْهٍ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْقَيِّمِ فِي آخِرِ الْوَكَالَةِ.

. كتاب الوديعة:

هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تُوضَعُ عِنْدَ شَخْصٍ لِيَحْفَظَهَا يُسَمَّى مُودَعًا بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْوَاضِعُ مُودِعًا بِكَسْرِهَا (مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ أَخْذُهَا (وَمَنْ قَدَرَ) عَلَى حِفْظِهَا (وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ) فِيهَا (كُرِهَ لَهُ) قَبُولُهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا يَنْبَغِي، أَنْ يَقْبَلَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا هَلْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا. أَوْ يُكْرَهُ وَجْهَانِ، (فَإِنْ وَثِقَ) بِأَمَانَتِهِ فِيهَا. (اُسْتُحِبَّ) لَهُ قَبُولُهَا. (وَشَرْطُهُمَا) أَيْ الْمُودِعِ وَالْمُودَعُ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِهَا. (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ)؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ. (وَيُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْمُودِعِ كَ اسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُك أَوْ أَنَبْتُك فِي حِفْظِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَيَكْفِي الْقَبْضُ) وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ، نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ، كَمَا حُفِظَ هَذَا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ (وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ (وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَالصَّبِيِّ) فِي إيدَاعِهِ، وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِالسَّفِيهِ (وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا أَيْ تَنْتَهِي (بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ (وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ لِلْمُودِعِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ وَلِلْمُودَعِ عِنْدَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْحِفْظِ (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ (فَيَضْمَنُ) سَوَاءٌ أَوْدَعَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ وَعَبْدَهُ وَالْقَاضِيَ وَغَيْرَهُمْ (قِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ)؛ لِأَنَّ أَمَانَةَ الْقَاضِي أَظْهَرُ مِنْ أَمَانَتِهِ، (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ مَثَلًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ) الْوَدِيعَةَ (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالْقَاضِي) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٍ) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ، فَإِرَادَتُهُ عُذْرٌ فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ، (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَسَافَرَ (ضَمِنَ) إنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا مَنْ يَذْكُرُ، (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ، لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) مِنْ الْحَضَرِ (ضَمِنَ)؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ، (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ) فَلَا يَضْمَنُ بَلْ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ) وَلَمْ يَجِدْ حِرْزًا يَنْقُلُهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، (أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ) فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ (وَإِذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ وَجَدَهُ (وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ) أَيْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يُوصِي إلَيْهِ بِهَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (أَوْ) يَرُدَّهَا إلَى (أَمِينٍ أَوْ يُوصِيَ بِهَا) إلَيْهِ إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا الْمُرَادُ بِالْوَصِيَّةِ الْإِعْلَامُ وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَهَا وَيُمَيِّزَهَا عَنْ غَيْرِهَا. (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا ذُكِرَ (ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِلْفَوَاتِ؛ إذْ الْوَارِثُ يَعْتَمِدُ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَيَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ (إلَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَوْ قُتِلَ غِيلَةً أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا ذُكِرَ. (وَمِنْهَا) أَيْ مِنْ عَوَارِضِ الضَّمَانِ. (إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ إلَى أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ ضَمِنَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُونَهَا فِيهِ بِأَنْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِيهِ أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا، (فَلَا) يَضْمَنُ وَلَوْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ قَالَهُ الْبَغَوِيُّ. (وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلِفَاتِهَا) لِوُجُوبِ الدَّفْعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا الْوَاجِبِ. (فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا) بِسُكُونِ اللَّامِ. (ضَمِنَ) لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِهَا (فَإِنْ نَهَاهُ) الْمَالِكُ (عَنْهُ فَلَا) يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ دَابَّتِي فَقَتَلَهَا، لَكِنْ يَعْصِي لِحُرْمَةِ الرُّوحِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ بِالْعِصْيَانِ. (فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ فِيمَا لَمْ يَنْهَهُ. (عَلَفَهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَلْيُرَاجِعْهُ أَوْ وَكِيلُهُ) لِيَعْلِفَهَا (أَوْ يَسْتَرِدَّهَا) فَإِنْ فُقِدَا (فَالْحَاكِمُ) أَيْ يُرَاجِعُهُ لِيَقْتَرِضَ عَلَيْهِ، أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَيَصْرِفَ الْأُجْرَةَ فِي مُؤْنَتِهَا أَوْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا (وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا) وَهِرّ أَمِينٌ (لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يَسْقِيَهَا بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ عَادَةً، فَلَا يَضْمَنُ قَطْعًا قَالَهُ فِي الْوَسِيطِ وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينٍ ضَمِنَ قَطْعًا (وَعَلَى الْمُودَعِ تَعْرِيضُ ثِيَابِ الصُّوفِ لِلرِّيحِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا الدُّودُ وَكَذَا لُبْسُهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا)، لِتُعَبَّقَ بِهَا رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَتَدْفَعَ الدُّودَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَفَسَدَتْ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَنْهَاهُ عَنْهُ، فَلَا يَضْمَنُ، وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى أَنَّهُ يَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ فِي الْعَلْفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ كِيسٍ مَشْدُودٍ فَلَا ضَمَانَ (وَمِنْهَا أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ) بِهِ مِنْ الْمُودِعِ (وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْعُدُولِ فَيَضْمَنُ فَلَوْ قَالَ) لَهُ (لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ) لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى التَّلَفِ، (وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ ثِقَلِهِ (فَلَا) يَضْمَنُ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرُّقُودَ عَلَيْهِ يُوهِمُ السَّارِقَ نَفَاسَةَ مَا فِيهِ، فَيَقْصِدَهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ يَعْنِي لَا تَقْفِلْ إلَّا وَاحِدًا. (فَأَقْفَلَهُمَا) أَوْ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ، فَأَقْفَلَ لَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَوْجِيهُ الضَّمَانِ بِمَا تَقَدَّمَ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ، (وَلَوْ قَالَ: اُرْبُطْ الدَّرَاهِمَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، (فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ، فَالتَّلَفُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا) يَضْمَنُ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ، وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ لَمْ يَضْمَنْ (وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ)؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ إلَّا إذَا كَانَ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَبِالْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي الْكُمِّ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ: اجْعَلْهَا فِي جَيْبِك، (يَضْمَنُ) لِتَرْكِهِ الْأَحْرَزَ (وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ، وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ)؛ لِأَنَّهُ بَالَغَ فِي الْحِفْظِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَيْبُ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، فَيَضْمَنَ لِسُهُولَةِ تَنَاوُلِهَا بِالْيَدِ مِنْهُ (وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ، وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ) لِتَقْصِيرِهِ (وَإِنْ قَالَ: احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَلْيَمْضِ إلَيْهِ وَيُحْرِزْهَا فِيهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْهَا فِيهِ مِنْ التَّأْخِيرِ. (وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهَا أَوْ يُدِلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا) بِأَنْ يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا (أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ) بِأَنْ يُعْلِمَهُ بِهَا فَيَضْمَنَهَا بِذَلِكَ (فَلَوْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِتَسْلِيمِهِ (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ) وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ لِلْإِكْرَاهِ، وَيُطَالَبُ الظَّالِمُ، وَلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُطَالَبَتَهُ أَيْضًا، وَلَوْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ مِنْ الْمُودِعِ قَهْرًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ (وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَلْبَسَ) الثَّوْبَ (أَوْ يَرْكَبَ) الدَّابَّةَ (خِيَانَةً) بِالْخَاءِ (أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ) مِنْ مَحَلِّهَا (لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنَ) بِمَا ذُكِرَ، وَقَوْلُهُ خِيَانَةً أَيْ لِغَيْرِ عُذْرٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اللُّبْسِ. لِدَفْعِ الدُّودِ وَرُكُوبِ مَا لَا يَنْقَادُ لِلسَّقْيِ، وَيَأْخُذُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَنْتَفِعُ. (وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ وَلَمْ يَأْخُذْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِنِيَّتِهِ الْخِيَانَةَ (وَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ (وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ كِيسَيْنِ لِلْمُودِعِ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْغَرَضِ فِي التَّفْرِيقِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ، (وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ وَغَيْرِهِ)، كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ (فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا) كَأَنْ قَالَ اسْتَأْمَنْتُك عَلَيْهَا، (بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَرُدَّهَا إلَيْهِ، (وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ (فَإِنْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ)، وَإِنْ تَلِفَتْ فِي زَمَنِ الْعُذْرِ كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَلَا ضَمَانَ (وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ) سَبَبًا (خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ)؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ (وَإِنْ ذَكَرَ) سَبَبًا (ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ، فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ.
(وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ، أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ) فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، (وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا. فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (بَيِّنَةً) بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ (وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مُضَمِّنٌ) بِخِلَافِ إنْكَارِهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ خَفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا.