فصل: كتاب الزنى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

(إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِإِقْرَارٍ) بِهِ (أَوْ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) بِهِ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ (الْمَالِ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) وَلَا يَثْبُتُ الْأَوَّلُ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَلَا الثَّانِي بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقِصَاصِ (لِيُقْبَلَ لِلْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ (لَمْ يُقْبَلْ) فِي ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقِصَاصِ وَلَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْمَالُ (وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَهُمَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ (بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا) أَيْ الْهَاشِمَةِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبْلَهَا الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ ذُكِرَ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقَةٍ وَهُوَ مُخَرَّجٌ يَجِبُ أَرْشُهَا لِأَنَّهُ مَالٌ وَمِثْلُ الْمَرْأَتَيْنِ الْيَمِينُ. (وَلْيُصَرِّحْ الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَالْقَتْلِ (فَلَوْ قَالَ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ) قَتْلُهُ (حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فَقَتَلَهُ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِسَبَبِ غَيْرِ الْجُرْحِ (وَلَوْ قَالَ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَسَالَ دَمُهُ ثَبَتَتْ دَامِيَةٌ) بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ فَسَالَ دَمُهُ لَمْ يَثْبُتْ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ ضَرْبُهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ) لِفَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهَذَا جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ ذَكَرَا مَا قَبْلَهُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَعَبَّرَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَقْوَى (وَيَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّهَا وَقَدْرِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ (لِيُمْكِنَ قِصَاصٌ) فِيهَا, (وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ، وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ وَالْإِقْرَارُ أَنْ يَقُولَ قَتَلْته بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا، فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَوْ قَالَ أَخْطَأْت مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَإِقْرَارٌ بِالْخَطَإِ وَفِي الْأَوَّلِ الْقِصَاصُ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ الدِّيَةُ فِي مَالِ السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْبَلُ. (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ (بِجُرْحٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَكَذَا) لَوْ شَهِدَ لَهُ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) يُقْبَلُ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ كَالْجُرْحِ لِلتُّهْمَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ) مِنْ خَطَإٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِدَفْعِ التَّحَمُّلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) فِي الْمَجْلِسِ مُبَادَرَةً (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا (حُكِمَ بِهِمَا)، وَسَقَطَتْ شَهَادَةُ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ كَذَّبَهُمَا (أَوْ) صَدَّقَ (الْآخَرَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ أَيِّ فَرِيقٍ تَكْذِيبُ الْآخَرِ، وَفِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلَيْنِ وَعَدَاوَةَ الْآخَرَيْنِ لَهُمَا. (وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ) مِنْهُمْ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقِصَاصُ) لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَاقِي وَلِغَيْرِ الْعَافِي، وَالْعَافِي عَلَى الدِّيَةِ حَقُّهُمَا مِنْهَا بِخِلَافِ مَنْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَافِي أَوْ عَيَّنَ فَأَنْكَرَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَهِيَ لِلْكُلِّ (وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ) لِلْقَتْلِ كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً أَوْ قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ، وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ أَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِرُمْحٍ أَوْ قَتَلَهُ بِالْحَزِّ، وَالْآخَرُ بِالْقَدِّ (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا (وَقِيلَ) هِيَ (لَوْثٌ) لِلِاتِّفَاقِ فِيهَا عَلَى الْقَتْلِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ غَلَطٌ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ نِسْيَانٌ فَيُقْسِمُ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ قِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ طَرِيقَةٍ حَاكِيَةٍ لِقَوْلَيْنِ فِي اللَّوْثِ كَقَاطِعَةٍ بِهِ وَقَاطِعَةٍ بِانْتِفَائِهِ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ..

. كتاب البغاة:

جَمْعُ بَاغٍ (هُمْ مُخَالِفُو الْإِمَامِ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ) لَهُ (أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ) كَالزَّكَاةِ (بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ وَتَأْوِيلٍ) لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ مَنْعِهِمْ الْحَقَّ (وَمُطَاعٍ فِيهِمْ) تَحْصُلُ بِهِ قُوَّةٌ لِلشَّوْكَةِ (قِيلَ وَإِمَامٌ مَنْصُوبٌ) لَهُمْ حَتَّى لَا تَتَعَطَّلَ الْأَحْكَامُ بَيْنَهُمْ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ وَلَا تَعَطُّلَ لَهَا.
(وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ وَلَمْ يُقَاتِلُوا تُرِكُوا) فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَاتَلُوا (فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ) أَيْ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِمَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ وَالِيًا فَقَتَلُوهُ فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ، وَهَلْ يَتَحَتَّمُ قَتْلُ قَاتِلِهِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ شَهْرُ السِّلَاحِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَجْهَانِ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّهُمَا لَا يَتَحَتَّمُ.
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ) لِتَأْوِيلِهِمْ (وَقَضَاءُ قَاضِيهمْ فِيمَا يُقْبَلُ) فِيهِ (قَضَاءُ قَاضِينَا إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَنَا)، فَلَا يُقْبَلُ قَضَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ إذَا كَانَ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَنَا لَا نَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَالْمَالُ كَالدَّمِ فِي ذَلِكَ (وَيُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (كِتَابُهُ بِالْحُكْمِ) جِوَازًا (وَيُحْكَمُ بِكِتَابِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَصَحِّ) كَتَنْفِيذِ كِتَابِهِ بِالْحُكْمِ، وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ إقَامَةِ مَنْصِبِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ قَوْلَيْنِ (وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا وَأَخَذُوا زَكَاةً وَجِزْيَةً وَخَرَاجًا وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ صَحَّ) مَا فَعَلُوهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْنَا لَا يُلْغَى فِعْلُهُمْ (وَفِي الْأَخِيرِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ لِأَنَّهُ تَمْهِيدٌ لِسَبَبِ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ. (وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ ضُمِنَ) أَيْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي قِتَالٍ بِسَبَبِهِ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ الْبَاغِي) مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الْعَادِلِ لِأَنَّهُ مُبْطَلٌ وَدُفِعَ بِشُبْهَةِ تَأْوِيلِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِتْلَافُ لَا بِسَبَبِ الْقِتَالِ وَجَبَ ضَمَانُهُ قَطْعًا (وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضْمَنُ) مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِي قِتَالٍ (وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ) فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ فِي قِتَالٍ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ (وَلَا يُقَاتِلُ) الْإِمَامُ (الْبُغَاةَ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا فَإِنْ أَصَرُّوا) بَعْدَ الْإِزَالَةِ (نَصَحَهُمْ) بِأَنْ يَعِظَهُمْ وَيَأْمُرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ (ثُمَّ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْجِعُوا (آذَنَهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا) فِيهِ (اجْتَهَدَ) فِي الْإِمْهَالِ وَعَدَمِهِ (وَفَعَلَ مَا رَآهُ صَوَابًا) مِنْهُمَا فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَهُمْ لَمْ يُمْهِلْهُمْ. (وَلَا يُقَاتِلُ) إذَا وَقَعَ قِتَالٌ (مُدْبِرَهُمْ وَلَا) يَقْتُلُ (مُثْخَنَهُمْ) مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ (وَأَسِيرَهُمْ وَلَا يُطْلَقُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَامْرَأَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ فَيُطْلَقَانِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَذِكْرُ الْمُحَرَّرِ لَهُمَا بَعْدَ الرَّجُلِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ.
(وَيَرُدُّ سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ) بِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ كَمَا يَرُدُّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ (وَلَا يَسْتَعْمِلُ) سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ (فِي قِتَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُنَا مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا يَرْكَبُهُ وَقَدْ وَقَعَتْ هَزِيمَةٌ إلَّا خَيْلَهُمْ. (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ) فَاحْتِيجَ إلَى الْمُقَاتَلَةِ بِمِثْلِهِ دَفْعًا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (أَوْ أَحَاطُوا بِنَا) وَاحْتَجْنَا فِي دَفْعِهِمْ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ) لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) كَالْحَنَفِيِّ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ (وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا، لِيُقَاتِلُوا مَعَهُمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (لَمْ يُنَفَّذْ) بِالْمُعْجَمَةِ (أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا وَنَفَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ أَمَانٌ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ الْبَغَوِيُّ لَهُمْ أَنْ يَكُرُّوا عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَيْسَ لَهُمْ اغْتِيَالُهُمْ بَلْ يُبَلِّغُونَهُمْ الْمَأْمَنَ. (وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا) مُخْتَارِينَ فِيهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَا) يُنْتَقَضُ، (وَكَذَا إنْ قَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَهُ) أَيْ الْقِتَالَ إعَانَةً (أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ) فَلَا يُنْتَقَضُ (عَلَى الْمَذْهَبِ)، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يُنْتَقَضُ لِفَسَادِ ظَنِّهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ) أَيْ مَنْ قُلْنَا لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ..

. فَصْلٌ:

(شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ (مُكَلَّفًا) لِيَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ (حُرًّا ذَكَرًا) لِيَكْمُلَ وَيُهَابَ وَيَتَفَرَّغَ وَيَتَمَكَّنَ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ (قُرَشِيًّا)، لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» عَدْلًا لِيُوثَقَ بِهِ عَالِمًا (مُجْتَهِدًا) لِيَعْرِفَ الْأَحْكَامَ وَيُعَلِّمَ النَّاسَ وَلَا يَفُوتُ الْأَمْرُ عَلَيْهِ بِاسْتِكْثَارِ الْمُرَاجَعَةِ (شُجَاعًا) يَغْزُو بِنَفْسِهِ وَيُعَالِجُ الْجُيُوشَ وَيَقْوَى عَلَى فَتْحِ الْبِلَادِ، وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ (إذَا رَأَى وَسَمِعَ وَبَصُرَ وَنَطَقَ) لِيَرْجِعَ إلَيْهِ وَيَتَأَتَّى لَهُ فَصْلُ الْأُمُورِ وَمَا اشْتَرَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ سَلَامَتِهِ مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةِ النُّهُوضِ دَاخِلُ فِي الشُّجَاعَةِ كَمَا دَخَلَ فِي الِاجْتِهَادِ الْعِلْمُ وَالْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِهَا فِيهِ.
(وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِالْبَيْعَةِ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (وَالْأَصَحُّ بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ)، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ عَدَدٌ وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ أَرْبَعِينَ كَالْعَدَدِ فِي الْجُمْعَةِ، وَالثَّالِثُ يَكْفِي أَرْبَعَةٌ أَكْثَرُ نَصْبِ الشَّهَادَةِ وَالرَّابِعُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا جَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُمْ، وَالْخَامِسُ اثْنَانِ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْجَمْعِ وَالسَّادِسُ وَاحِدٌ لِأَنَّ عُمَرَ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ أَوَّلًا، ثُمَّ وَافَقَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا (وَشَرْطُهُمْ صِفَةُ الشُّهُودِ) أَيْ الْعَدَالَةُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُجْتَهِدٌ لِيَنْظُرَ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ هَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ فِيمَنْ يُوَلُّونَهُ (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ) مَنْ عَيَّنَهُ أَيْ جُعِلَهُ خَلِيفَةً بَعْدَهُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِعَهْدِهِ إلَيْهِ كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (فَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ) إلَّا أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ (فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ) كَمَا جَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَ) تَنْعَقِدُ أَيْضًا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا بَيْعَةٍ بِأَنْ قَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) أَيْ تَنْعَقِدُ بِاسْتِيلَائِهِمَا الْمَوْجُودِ فِيهِ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عِصْيَانِهِ. (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِيمَا لَوْ عَادَ الْبَلَدُ مِنْ الْبُغَاةِ إلَيْنَا (لَوْ ادَّعَى) بَعْضُ أَهْلِهِ (دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ (أَوْ جِزْيَةٍ فَلَا) يُصَدَّقُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ (وَكَذَا خَرَاجٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي دَفْعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ (وَيُصَدَّقُ فِي حَدٍّ) أَنَّهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ (لَا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا أَثَّرَ بِالْبَدَنِ وَفِي غَيْرِ الْأَثَرِ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا أَنْسَبُ مِنْ ذِكْرِ الرَّافِعِيِّ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْبُغَاةِ وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا إلَى آخِرِهِ لِتَعَلُّقِ الْحُقُوقِ فِيهَا بِالْإِمَامِ..

. كتاب الردة:

(هِيَ قَطْعُ الْإِسْلَامِ بِنِيَّةِ) كُفْرٍ (أَوْ قَوْلِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلِ) مُكَفِّرٍ (سَوَاءٌ) فِي الْقَوْلِ (قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا) وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ سَوَاءٌ عَلَيَّ قُمْت أَوْ قَعَدْت فَانْدَفَعَ تَصْوِيبُ ذِكْرِ الْهَمْزَةِ بَعْدَ سَوَاءٌ وَمُقَابِلَتُهَا بِأُمٍّ. (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ أَوْ الرُّسُلَ أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَى وَعَكْسُهُ) أَيْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ، (أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) كَرَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ كَصَلَاةٍ سَادِسَةٍ (أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ) وَمَسْأَلَةُ الْعَزْمِ حُمِلَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ بِنِيَّةِ كُفْرٍ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَعَمُّ (وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ) بِإِعْجَامِ الذَّال (وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ) فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نَاشِئٌ عَنْ اسْتِهْزَاءٍ بِالدِّينِ أَوْ جُحُودٍ لَهُ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَمَثَّلَ بِهَا.
(وَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَ) لَا (مَجْنُونٍ وَ) لَا (مُكْرَهٍ) أَيْ لَا اعْتِبَارَ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ مِمَّا هُوَ رِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِمْ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ وَإِسْلَامِهِ) عَنْ رِدَّتِهِ وَفِي قَوْلٍ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّتِهَا وَفِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَإِنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ.
(وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ (وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلُ) لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَالْأَوَّلُ قَالَ لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَنْ بَصِيرَةٍ (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ) فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا وَعَلَى الثَّانِي لَا يَحْكُمُ بِهَا (فَلَوْ قَالَ كُنْت مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ) لَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَحَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْتَضِهِ قَرِينَةٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ (وَلَوْ قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لَفْظَ كُفْرٍ فَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ مُطْلَقًا) بِقَرِينَةٍ أَوْ دُونَهَا وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ. (وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ) كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ (لَمْ يَرِثْهُ وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ، (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ كُفْرِهِ فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ (فِي الْأَظْهَرِ) لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ، وَالثَّانِي يُصْرَفُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ كُفْرًا وَالثَّالِثُ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ يَسْتَفْصِلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ كُفْرٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرُ كُفْرٍ صُرِفَ إلَيْهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُحَرَّرِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ، وَرُجِّحَ فِيهِ الثَّالِثُ.
(وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ وَهِيَ) عَلَى الْقَوْلَيْنِ (فِي الْحَالِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا) لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَاسْتُتِيبَ قَبْلَ الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ شُبْهَةٌ فَتُزَالُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنْدَقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ) هَذَا الْمَقُولُ وَجْهَانِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الزَّنْدَقَةِ الَّذِينَ يُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُ الْبَاطِنِيَّةِ أَيْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ لِلْقُرْآنِ بَاطِنًا وَأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْهُ دُونَ ظَاهِرِهِ. (وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَوْ بَعْدَهَا وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ) بِالتَّبَعِيَّةِ (أَوْ) أَبَوَاهُ (مُرْتَدَّانِ فَمُسْلِمٌ) لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا (وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ) بِالتَّبَعِيَّةِ (وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ قُلْت الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ) زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا (وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَبِهِ أَيْ بِأَنَّهُ كَافِرٌ قَطَعَ جَمِيعُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ. (وَفِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا) أَيْ الرِّدَّةِ (أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بِأَنَّ زَوَالَهُ بِهَا وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ)، وَالْأَوْلَى زَوَالُهُ بِهَا وَالثَّانِي عَدَمُ زَوَالِهِ بِهَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ (وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ) مَالَ غَيْرِهِ (فِيهَا وَنَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وَقَفَ نِكَاحَهُنَّ وَقَرِيبٍ)، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ زَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا حِكَايَةُ الْخِلَافِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةِ مَوْقُوفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفْسَهُ) بِالْمُعْجَمَةِ (وَإِلَّا فَلَا وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفَةٌ) إنْ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّتِهَا وَإِلَّا فَلَا (وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِبَقَاءِ مِلْكِهِ (وَيُؤَجَّرُ مَالُهُ) كَعَقَارِهِ وَرَقِيقِهِ (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي) حِفْظًا لَهَا.

. كتاب الزنى:

بِالْقَصْرِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إيلَاجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى) يَعْنِي هُوَ مُسَمَّى الزِّنَى (يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ وَهُوَ الرَّجْمُ الْقَاتِلُ فِي الْمُحْصَنِ وَالْجَلْدُ وَالتَّغْرِيبُ فِي غَيْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُعْتَبَرُ إيلَاجُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ وَالْمُرَادُ بِالْفَرْجِ الْقُبُلُ (وَدُبُرُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) أَجْنَبِيَّةٍ (كَقُبُلٍ) فَيُوجِبُ الْإِيلَاجَ فِيهِ وَهُوَ اللِّوَاطُ الْحَدَّ (عَلَى الْمَذْهَبِ) كَالزِّنَى فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ غَيْرُهُ، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ فَاعِلُهُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَفِي طَرِيقٍ أَنَّ الْإِيلَاجَ فِي دُبُرِ الْمَرْأَةِ زِنًى (وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ وَنَحْوِهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ (وَوَطْءِ زَوْجِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْجِيمِ وَبِالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّةِ الْمُنَوَّنَةِ (وَأَمَتِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ) لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِعَارِضٍ (وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ) قَطْعًا وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ. (وَكَذَا مَمْلُوكَتُهُ الْمَحْرَمِ بِرَضَاعٍ) أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتِهِ مِنْهُمَا وَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَمَوْطُوءَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ (وَمُكْرَهٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَالْإِكْرَاهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْمَحْرَمِيَّةِ الَّتِي لَا يُسْتَبَاحُ الْوَطْءُ مَعَهَا بِحَالٍ وَيَقُولُ الِانْتِشَارُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْوَطْءُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَهْوَةٍ وَاخْتِيَارٍ (وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَ بِهَا عَالِمٌ كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ) كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ (أَوْ بِلَا وَلِيٍّ) كَمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا حَدَّ بِالْوَطْءِ فِيهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَالثَّانِي يُحَدُّ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَلَا) حَدَّ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ، وَالثَّانِي يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الْحَيَّةِ (وَلَا) بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ يُعَزَّرُ فِيهِمَا وَمُقَابِلُهُ قِيسَ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَالثَّالِثُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَتُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ وَتُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْفَاعِلِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمَذْبُوحَةً وَلَا تُقْتَلُ غَيْرُ الْمَأْكُولَةِ (وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ) لِلزِّنَى (وَمُبِيحَةٍ) لِلْوَطْءِ (وَمَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا) وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ شُبْهَةً دَافِعَةً لِلْحَدِّ..
(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْحَدِّ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانُ وَعَلِمَ تَحْرِيمَهُ) فَلَا يُحَدُّ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَمَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَى لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ وَزَادَ عَلَى غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ السَّكْرَانِ أَيْ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِانْتِفَاءِ فَهْمِهِ وَحَدُّهُ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي طَلَاقِهِ.
(وَحَدُّ الْمُحْصَنِ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (الرَّجْمُ) «لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ» فِي أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ (وَهُوَ مُكَلَّفٌ حُرٌّ وَلَوْ) هُوَ (ذِمِّيٌّ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِقُبُلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا فَاسِدٍ) فَإِنَّهُ فِيهِ غَيْرُ مُحْصَنٍ (فِي الْأَظْهَرِ) نَظَرًا إلَى الْفَسَادِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى النِّكَاحِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ)، وَالثَّانِي يُكْتَفَى بِهِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِي بِنَاقِصٍ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (مُحْصَنٌ) نُظِرَ إلَى حَالِهِ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْآخَرِ.
(وَ) حَدُّ (الْبِكْرِ) مِنْ الْمُكَلَّفِ (الْحُرِّ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لِأَحَادِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَزِيدُ فِيهَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا) إذَا رَآهُ الْإِمَامُ (وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ فَيُجَابُ إلَيْهِ (وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ الزِّنَى إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ) هُوَ (فَإِنْ عَادَ إلَى بَلَدِهِ مُنِعَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ (وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ) لَهُ عَلَيْهَا (فَإِنْ امْتَنَعَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُجْبَرُ لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ وَبِهَذَا وُجِّهَ تَغْرِيبُهَا وَحْدَهَا (وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ خَمْسُونَ وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ (وَفِي قَوْلٍ سَنَةً وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمِنْهُ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ.
(وَيَثْبُتُ) الزِّنَى (بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّةً وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ) الْحَدُّ (وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي أَوْ هَرَبَ) مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ (فَلَا) سُقُوطَ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي قَالَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالرُّجُوعِ. (وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهَا وَأَرْبَعٌ أَنَّهَا عَذْرَاءُ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ (لَمْ تُحَدَّ هِيَ) لِشُبْهَةِ الْعُذْرَةِ (وَلَا قَاذِفُهَا) لِلشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا وَاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (زَانِيَةً لِزِنْيَةٍ وَالْبَاقُونَ غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ) لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَدَدِ فِي زَانِيَةٍ (وَيَسْتَوْفِيهِ) أَيْ الْحَدَّ (الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) فِيهِ (مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ) لِجُزْئِهِ الْحُرَّ (وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْإِمَامِ وَشُهُودُهُ) أَيْ الزِّنَى اسْتِيفَاءَهُ وَحُضُورُ الْإِمَامِ شَامِلٌ لِلْإِقْرَارِ (وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ) رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (أَوْ الْإِمَامُ) وَقِيلَ فِي الْمَرْأَةِ يَتَعَيَّنُ الْإِمَامُ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِيمَنْ يَحُدُّهُ (فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ حَدِيثُ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ) لِأَنَّ التَّغْرِيبَ بَعْضُ الْحَدِّ، وَالثَّانِي يُحَطُّ رُتْبَةُ السَّيِّدِ عَنْ ذَلِكَ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُكَاتَبَ) فِي حَدِّهِ (كَحُرٍّ) لِخُرُوجِهِ عَنْ قَبْضَةِ السَّيِّدِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ) وَالثَّانِي لَا نَظَرًا إلَى أَنَّ فِي الْحَدِّ وِلَايَةً وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ السَّيِّدَ يُعَزِّرُ) عَبْدَهُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُؤَدِّبُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِالْعُقُوبَةِ) أَيْ بِمُوجِبِهَا وَالثَّانِي قَالَ التَّعْزِيرُ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فَيَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادٍ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ مَنْصِبِ الْقَاضِي وَيَعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ جَزْمًا وَبِمُشَاهَدَتِهِ لَهُ وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ فِي الْحُدُودِ وَيُقِيمُ السَّيِّدُ مَعَهَا قَتْلَ الرِّدَّةِ قِيلَ وَالْقَطْعَ وَالْقَتْلَ قِصَاصًا.
(وَالرَّجْمُ) حَتَّى يَمُوتَ (بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ وَلَا بِصَخْرَةٍ مُذَفَّفَةٍ (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا إلَى صَدْرِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ إلَى خِيَرَةِ الْإِمَامِ (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ فِيهِ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخَّرْ رُبَّمَا رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ فَيُعَيَّنُ مَا وُجِدَ مِنْهُ عَلَى قَتْلِهِ (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِلْمَرَضِ) الْمَرْجُوِّ الْبُرْءُ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) مِنْهُ (جُلِدَ لَا بِسَوْطٍ بَلْ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ) غُصْنًا (ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ) فَإِنْ انْتَفَى الْمَسُّ وَالِانْكِبَاسُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَ الضَّرْبِ بِالْعُثْكَالِ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ. (وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَإِذَا جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) فَهَلَكَ الْمَجْلُودُ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ لِجَمِيعِهِ أَوْ نِصْفِهِ وَجْهَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَوْلَانِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَجِبُ التَّأْخِيرُ أَوْ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا..

. كتاب حد القذف:

بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ الرَّمْيِ بِالزِّنَى (شَرْطُ حَدِّ الْقَاذِفِ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانُ) زَادَ اسْتِثْنَاءَهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا (وَالِاخْتِيَارُ) فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَذْفِ كَمَا لَا يُحَدُّ عَلَيْهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ (وَيُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ) مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ (وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ) ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ (فَالْحُرُّ) حَدُّهُ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِآيَةِ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وَالْمُرَادُ فِيهَا الْأَحْرَارُ لِقَوْلِهِ فِيهَا: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} فَالْعَبْدُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ (وَالرَّقِيقُ) حَدُّهُ (أَرْبَعُونَ) جَلْدَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ وَمِنْهُ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضُ. (وَ) شَرْطُ (الْمَقْذُوفِ) الَّذِي يُحَدُّ قَاذِفُهُ (الْإِحْصَانُ وَسَبَقَ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِقَوْلِهِ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ (وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًى حُدُّوا فِي الْأَظْهَرِ) حَذَرًا مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهَا (وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ) مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ يُحَدُّونَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي حَدِّهِمْ الْقَوْلَانِ تَنْزِيلًا لِنَقْصِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ نَقْصِ الْعَدَدِ. (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا) حَدَّ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَقَاذَفَا فَلْيُحَدَّ تَقَاصًّا) لِأَنَّ التَّقَاصَّ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْحَدَّانِ لَا يَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَةِ لِاخْتِلَافِ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْخِلْقَةِ وَفِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ غَالِبًا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ (وَلَوْ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مِنْ مَنْصِبِ الْإِمَامِ..

. كتاب قطع السرقة:

بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ فِي الْمَسْرُوقِ أُمُورٌ) الْأَوَّلُ (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ خَالِصًا أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ وَالدِّينَارُ وَزْنُ مِثْقَالٍ. رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَالْبُخَارِيُّ حَدِيثَ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ فِيمَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَاحْتُرِزَ بِالْخَالِصِ عَنْ الْمَغْشُوشِ فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ بِهِ وَكَذَا خَالِصُ التِّبْرِ وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً، وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ (وَلَوْ سَرَقَ رُبْعًا سَبِيكَةً) أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ.
(وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبْعٍ جَهِلَهُ) السَّارِقُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا نَظَرَ إلَى جَهْلِهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهِ. (وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ تَمَّ بِالثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِإِصْلَاحِ النَّقْبِ أَوْ إغْلَاقِ الْبَابِ مَثَلًا (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) فَلَا قَطْعَ فِي ذَلِكَ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِعَادَتِهِ الْحِرْزَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ عِلْمُ الْمَالِكِ أَوْ تَخَلَّلَ وَلَمْ يُعِدْ الْحِرْزَ (قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ) إبْقَاءً لِلْحِرْزِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَالثَّانِي مَا يُبْقِيهِ وَرَأَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْقَطْعَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْمَالِكَ مُضَيِّعٌ وَأَسْقَطَ ذَلِكَ مِنْ الرَّوْضَةِ وَفِي وَجْهٍ إنْ اشْتَهَرَ خَرَابُ الْحِرْزِ بَيْنَ الْمَرَّتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ وَفِي رَابِعٍ إنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فِي لَيْلَةِ الْأُولَى قُطِعَ أَوْ فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى فَلَا. (وَلَوْ نَقَبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا فَانْصَبَّ نِصَابٌ) أَيْ مُقَوَّمٌ بِهِ وَهُوَ رُبْعُ مِثْقَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ (قُطِعَ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِهَتْكِهِ الْحِرْزَ الْخَارِجَ بِهِ نِصَابٌ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى عَدَمِ إخْرَاجِهِ (وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي إخْرَاجِ نِصَابَيْنِ) مِنْ حِرْزٍ (قُطِعَا وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمُخْرَجُ أَقَلَّ مِنْ نِصَابَيْنِ (فَلَا) يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ (وَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا وَكَلْبًا وَجِلْدَ مَيْتَةٍ بِلَا دَبْغٍ فَلَا قَطْعَ) بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَسَوَاءٌ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَمْ ذِمِّيٌّ (فَإِنْ بَلَغَ إنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ) بِهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى أَخْذِهِ مِنْ حِرْزِهِ وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ مَا فِيهِ مُسْتَحَقُّ الْإِرَاقَةِ فَجَعَلَهُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ.
(وَلَا قَطْعَ فِي) سَرِقَةِ (طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمَلَاهِي كَالْخَمْرِ (وَقِيلَ إنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ قُلْت الثَّانِي أَصَحُّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْإِمَامُ (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ (مِلْكًا لِغَيْرِهِ) أَيْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ كَالْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (فَلَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَغَيْرِهِ) كَشِرَاءٍ (قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ نَقَصَ فِيهِ عَنْ نِصَابٍ بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ) كَإِحْرَاقٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ (لَمْ يُقْطَعْ) بِالْمُخْرَجِ الْمَذْكُورِ لِمِلْكِهِ أَوْ نَقْصِهِ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) السَّارِقُ (مِلْكَهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ لَمْ يُقْطَعْ (عَلَى النَّصِّ) لِأَنَّ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلٌ فَيَكُونُ شُبْهَةً فِي دَفْعِ الْقَطْعِ وَفِي وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ مُخَرَّجٍ يُقْطَعُ وَحَمْلُ النَّصِّ عَلَى إقَامَتِهِ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ. (وَلَوْ سَرَقَا وَادَّعَاهُ) أَيْ الْمَسْرُوقَ (أَحَدُهُمَا لَهُ أَوْ لَهُمَا فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُقْطَعْ الْمُدَّعِي) لِمَا تَقَدَّمَ (وَقُطِعَ الْآخَرُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ الْمُكَذِّبُ لِدَعْوَى رَفِيقِهِ الْمِلْكَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إنَّهُ مِلْكُهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ (وَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزِ شَرِيكِهِ مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُمَا (فَلَا قَطْعَ) عَلَيْهِ (فِي الْأَظْهَرِ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ) مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ حَقًّا وَذَلِكَ شُبْهَةٌ وَالثَّانِي قَالَ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِذَا سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَانَ سَارِقًا لِنِصَابٍ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ فَيُقْطَعُ بِهِ عَلَى الثَّانِي. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (عَدَمُ شُبْهَتِهِ فِيهِ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ أَصْلٍ وَفَرْعٍ) لِلسَّارِقِ لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الِاتِّحَادِ (وَ) مَالِ (سَيِّدٍ) لِلسَّارِقِ لِشُبْهَةِ اسْتِحْقَاقٍ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ (وَالْأَظْهَرُ قَطْعُ أَحَدِ زَوْجَيْنِ بِالْآخَرِ) أَيْ بِسَرِقَةِ مَالِهِ فِيمَا هُوَ مُحَرَّزٌ عَنْهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِلشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا.
(وَمَنْ سَرَقَ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ إنْ فُرِزَ) بِالْفَاءِ وَالزَّايِ آخِرُهُ (لِطَائِفَةٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ قُطِعَ) إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفْرَزْ لِطَائِفَةٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَسْرُوقِ كَمَالِ مَصَالِحَ وَكَصَدَقَةٍ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَا) يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ (قُطِعَ) لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ. (وَالْمَذْهَبُ قَطْعُهُ بِبَابِ مَسْجِدٍ وَجِذْعِهِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (لَا حُصْرٍ وَقَنَادِيلَ تُسْرَجُ) فِيهِ لِأَنَّ لِلْمُسْلِمِ الِانْتِفَاعَ بِهَا بِالْفُرُشِ وَالِاسْتِضَاءَةِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ فِي سَقْفٍ مَثَلًا فَإِنَّهُمَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ مُشْتَرَكٌ وَذَكَرَ فِي الْحُصْرِ وَالْقَنَادِيلِ وَجْهَيْنِ، وَثَالِثًا فِي الْقَنَادِيلِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُقْصَدُ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَمَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ أَيْ فَيُقْطَعُ فِي الثَّانِي كَمَا يُقْطَعُ فِيهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْجَازِمَةِ الْمُقَابِلِ لَهَا مَا رَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ وَالذِّمِّيُّ يُقْطَعُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ بِلَا خِلَافٍ. (وَالْأَصَحُّ قَطْعُهُ بِمَوْقُوفٍ سَرَقَهُ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُحَرَّزٌ (وَأُمُّ وَلَدٍ سَرَقَهَا نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةً مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ وَالثَّانِي قَالَ الْمِلْكُ فِيهَا ضَعِيفٌ وَكَذَا فِي الْمَوْقُوفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالْمُبَاحَاتِ (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (كَوْنُهُ مُحَرَّزًا بِمُلَاحَظَةٍ أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ فَإِنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ وَكُلٌّ مِنْهَا لَا حَصَانَةَ لَهُ (اُشْتُرِطَ) فِي كَوْنِهِ مُحَرَّزًا (دَوَامُ لِحَاظٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ لَهُ (وَإِنْ كَانَ بِحِصْنٍ) كَدَارٍ وَحَانُوتٍ (كَفَى لِحَاظٌ مُعْتَادٌ) وَلَمْ يُشْتَرَطْ دَوَامُهُ وَمِنْ الْحِصْنِ حِرْزٌ لِمَالٍ دُونَ مَالٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَإِصْطَبْلٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (حِرْزُ دَوَابَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً (لَا آنِيَةٍ وَثِيَابٍ) وَإِنْ كَانَتْ خَسِيسَةً (وَعَرْصَةُ دَارٍ وَصِفَتُهَا حِرْزُ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ) بِالْمُعْجَمَةِ (لَا حُلِيٍّ وَنَقْدٍ) وَثِيَابٍ نَفِيسَةٍ (وَلَوْ نَامَ بِصَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ) أَوْ شَارِعٍ (عَلَى ثَوْبٍ أَوْ تَوَسَّدَ مَتَاعًا فَمُحَرَّزٌ فَلَوْ انْقَلَبَ فَزَالَ عَنْهُ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ حِينَئِذٍ مُحَرَّزًا (وَثَوْبٍ وَمَتَاعٍ وَضَعَهُ بِقُرْبِهِ بِصَحْرَاءَ) أَوْ مَسْجِدٍ (إنْ لَاحَظَهُ) كَمَا تَقَدَّمَ (مُحَرَّزٌ وَإِلَّا فَلَا) وَلَوْ كَثُرَ الطَّارِقُونَ مَعَ اللِّحَاظِ خَرَجَ بِزَحْمَتِهِمْ عَنْ كَوْنِهِ مُحَرَّزًا فِي الْأَصَحِّ.
(وَشَرْطُ الْمُلَاحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُبَالِي بِهِ السَّارِقُ وَالْمَوْضِعُ بَعِيدٌ عَنْ الْغَوْثِ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ (وَدَارٌ مُنْفَصِلَةُ عَنْ الْعِمَارَةِ إنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَ بِهَا ضَعِيفٌ وَهِيَ بَعِيدَةٌ عَنْ الْغَوْثِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ قَوِيٌّ نَائِمٌ (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ حِرْزًا مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلَاقِهِ وَفِي وَجْهٍ أَنَّهَا فِي إغْلَاقِهِ مَعَ النَّوْمِ حِرْزٌ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَفِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَقْوَى وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ بِمُقَابِلِهِ انْتَهَى وَلَا تَرْجِيحَ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ (وَمُتَّصِلَةٌ) بِالْعِمَارَةِ أَيْ بِدُورٍ آهِلَةٍ (حِرْزٌ مَعَ إغْلَاقِهِ) أَيْ الْبَابِ (وَحَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) لَيْلًا وَنَهَارًا (وَمَعَ فَتْحِهِ وَنَوْمِهِ غَيْر حِرْزٍ لَيْلًا وَكَذَا نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي هِيَ حِرْزٌ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ اعْتِمَادًا عَلَى نَظَرِ الْجِيرَانِ وَمُرَاقَبَتِهِمْ (وَكَذَا يَقْظَانُ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ) فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُ حِرْزٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْمُرَاقَبَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَالثَّانِي يَنْفِي التَّقْصِيرَ عَنْهُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ وَلَوْ بَالَغَ فِيهَا فَانْتَهَزَ السَّارِقُ فُرْصَتَهُ قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ. (فَإِنْ خَلَتْ) أَيْ الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ مِنْ حَافِظٍ فِيهَا (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا حِرْزٌ نَهَارًا زَمَنَ أَمْنٍ وَإِغْلَاقِهِ) أَيْ الْبَابِ (فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ) مِمَّا ذُكِرَ بِأَنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ الزَّمَنُ زَمَنَ خَوْفٍ أَوْ الْوَقْتُ لَيْلًا (فَلَا) أَيْ فَلَيْسَتْ حِرْزًا وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَذْهَبِ أَيْضًا وَفِي الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مُقَابِلٌ. (وَخَيْمَةٍ بِصَحْرَاءَ إنْ لَمْ تُشَدَّ أَطْنَابُهَا وَتُرْخَى أَذْيَالُهَا) بِالْمُعْجَمَةِ (فَهِيَ وَمَا فِيهَا كَمَتَاعٍ بِصَحْرَاءَ) فَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ مُحَرَّزًا دَوَامُ لِحَاظِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ شُدَّتْ أَطْنَابُهَا وَأُرْخِيَتْ أَذْيَالُهَا (فَحِرْزٌ بِشَرْطِ حَافِظٍ قَوِيٍّ فِيهَا وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ نَامَ بِقُرْبِهَا وَقَوْلُهُ وَتُرْخَى بِالرَّفْعِ مِنْ عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ أَيْ إنْ انْتَفَى الشَّدُّ وَالْإِرْخَاءُ وَلَوْ صَرَّحَ بِالنَّافِي فِي الْمَعْطُوفِ كَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ كَانَ وَاضِحًا.
(وَمَاشِيَةٍ بِأَبْنِيَةٍ مُغْلَقَةٍ) أَبْوَابُهَا (مُتَّصِلَةٍ بِالْعِمَارَةِ مُحَرَّزَةٍ بِلَا حَافِظٍ وَبِبَرِيَّةٍ يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (حَافِظٌ وَلَوْ) هُوَ (نَائِمٌ) وَلَوْ كَانَتْ الْأَبْوَابُ مَفْتُوحَةً اُشْتُرِطَ حَافِظٌ مُسْتَيْقِظٌ (وَإِبِلٍ بِصَحْرَاءَ) تَرْعَى مَثَلًا (مُحَرَّزَةٌ بِحَافِظٍ يَرَاهَا) فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا لِكَوْنِهِ فِي وَهْدَةٍ مَثَلًا فَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ وَلَوْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَشَاغَلَ لَمْ تَكُنْ مُحَرَّزَةً لَهُ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ بَعْضَهَا إذَا زَجَرَهَا فَفِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ وَسَكَتَ آخَرُونَ عَنْ اعْتِبَارِ بُلُوغِ الصَّوْتِ لِإِمْكَانِ الْعَدْوِ إلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. (وَمَقْطُورَةٍ) سَائِرَةٌ تُقَادُ (يُشْتَرَطُ) فِي إحْرَازِهَا (الْتِفَاتُ قَائِدِهَا إلَيْهَا كُلَّ سَاعَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا) وَرَاكِبُ أَوَّلِهَا كَقَائِدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَرَ بَعْضَهَا لِحَائِلٍ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (وَأَنْ لَا يَزِيدَ قِطَارٌ عَلَى تِسْعَةٍ) لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فَإِنْ زَادَ فَكَغَيْرِ الْمَقْطُورَةِ أَيْ فَالزَّائِدُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (وَغَيْرِ مَقْطُورَةٍ) بِأَنْ تُسَاقَ (لَيْسَتْ مُحَرَّزَةً فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْإِبِلَ لَا تَسِيرُ هَكَذَا غَالِبًا، وَالثَّانِي مُحَرَّزَةٌ بِسَائِقِهَا الْمُنْتَهِي نَظَرُهُ إلَيْهَا كَالْمَقْطُورَةِ الْمَسُوقَةِ وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَعَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَشْبَهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَقْطُورَةَ بِعَدَدٍ وَتَوَسَّطَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَتَقَيَّدُ الْقِطَارُ بِعَدَدٍ وَفِي الْعُمْرَانِ يُعْتَبَرُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ سَبْعَةٍ إلَى عَشْرَةٍ فَإِنْ زَادَ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُحَرَّزَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ. (وَكَفَنٍ فِي قَبْرٍ بِبَيْتٍ مُحَرَّزٍ) ذَلِكَ الْبَيْتِ (مُحَرَّزٌ) ذَلِكَ الْكَفَنُ (وَكَذَا) كَفَنٌ فِي قَبْرٍ (بِمَقْبَرَةٍ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ) أَيْ مُحَرَّزٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِلْعَادَةِ وَالثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَارِسٌ فَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّزٍ كَمَتَاعٍ وُضِعَ فِيهِ (لَا بِمَضِيعَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبِسُكُونِهَا وَفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ بُقْعَةٍ ضَائِعَةٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّزٍ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا خَطَرَ وَلَا انْتِهَازَ فُرْصَةٍ فِي أَخْذِهِ وَالثَّانِي قَالَ الْقَبْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ حَيْثُ كَانَ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَهَابُ الْمَوْتَى وَلَوْ كَانَ بِمَقْبَرَةٍ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِمَارَةِ يَنْدُرُ تَخَلُّفُ الطَّارِقِينَ عَنْهَا فِي زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ النَّبْشُ أَوْ كَانَ عَلَيْهَا حُرَّاسٌ مُرَتَّبُونَ فَهُوَ مُحَرَّزٌ جَزْمًا..